رئيس الصندوق الروسي للاستثمار: نتعاون مع السعودية لتشكيل السوق العالمية للغاز

أكد كيريل ديمتريف، الرئيس التنفيذي للصندوق الروسي للاستثمار المباشر «راديف»، أن موسكو ساعية بكل جدّ لتوسيع التعاون مع الرياض في قطاع الغاز، في ظل إمكانية إطلاق مشروع استثماري روسي سعودي مشترك في الغاز بالمنطقة القطبية الشمالية، مشيراً إلى أن الطلب العالمي للغاز سينمو بنسبة 40 في المائة، بما يقدر بـ5 تريليونات متر مكعب بحلول عام 2035.
وشدد ديمتريف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، على أن التعاون بين «أرامكو السعودية» و«نوفاتيك» الروسية، وصندوق الاستثمار الروسي، الذي سيتمدد وينطلق عبر أكثر من طريقة، سيشكل السوق العالمية للغاز، مشيراً إلى أن التعاون الروسي السعودي لن يكون محدوداً فقط في التنقيب بالإقليم القطبي الروسي، وأن الشركات ستتعاون في خلق حالة من التوازن في السوق العالمية للغاز من حيث استقرار الأسعار والإمدادات والتنسيق اللوجيستي والتحول والتطور التكنولوجي.
وقال ديمتريف إن التعاون بين روسيا والسعودية في قطاع الغاز يُعتَبَر أحد أهم أعمدة التعاون الكبير بين البلدين، منوهاً بأن بلاده أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، في الوقت الذي تسعى فيه «أرامكو السعودية» إلى التوسع في إنتاج الغاز في المستقبل القريب.
وأضاف ديمتريف أنه خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا، عام 2017، أسّس صندوق الاستثمار الروسي المباشر و«أرامكو السعودية» والهيئة العامة السعودية للاستثمار، منصةً استثماريةً مشتركة بقيمة مليار دولار، بهدف الاستثمار في قطاع الطاقة.
وقال: «انطلاقاً من هذه المنصة الاستثمارية المشتركة، فإن الشركاء أصبحوا ينظرون إلى حزمة من المشاريع التي تتضمن استثمارات على نطاق واسع في مجال خدمات الحقول البترولية التي تربط بين دول الاتحاد الروسي، بما في ذلك التنقيب والحفر واستخدام المضخّات الكهربائية الغاطسة تحت سطح الماء، التي تتمثل في شركة (نوفوميت) كشركة مصنّعة، للمراحل التي تعتمد على تكنولوجيا جديدة لصناعة النفط والغاز، تماماً كما هو الحال في صناعات ومشاريع البتروكيماويات والغاز مع شركتي (أرامكو السعودية) و(سابارك)».
ووفق ديمتريف، فإن الشركاء يدرسون حالياً مدى إمكانية إطلاق مشروع استثماري مشترك في مجال الغاز المسال الطبيعي في المنطقة القطبية الشمالية، الذي يُعتَبَر أحد أكبر المشروعات الاستثمارية الطموحة في قطاع الغاز المسال الطبيعي على مستوى العالم، على حدّ تعبيره. وتوقّع أن يحقق هذا المشروع أعلى مستويات المنفعة للمستثمرين، إلى الحد الأقصى، وذلك لما يتمتع به من انخفاض في التكلفة وتوفير قاعدة احتياطية عالية الجودة.
وفيما يتعلق بحجم وقيمة هذه الاستثمارات، قال الرئيس التنفيذي للصندوق الروسي للاستثمار المباشر: «من المبكر جداً محاولة تقدير حجم الاستثمار في قطاع الغاز المسال في هذه المرحلة المبكرة، ولكن بطبيعة الحال، فإن شركة (نوفاتيك) الروسية عملت على تشغيل المشروع الحالي بحصة تقدر بنسبة 90 في المائة، مع إبقاء 10 في المائة مملوكة لشركة (توتال)».
ولفت ديمتريف، إلى أن الشركة الروسية العامة «نوفاتيك»، أعلنت رغبتها في بيع جزء من حصتها للراغبين من المستثمرين، وقلّصت شراكتها إلى 60 في المائة، مشيراً إلى أن الأطراف يعملون حالياً بمثابرة ومهنية عالية جداً في هذا المشروع، وعند الانتهاء منه «سيكون هناك مجال للتعرف على قيمته، وبالتالي يمكن بدء النقاش حول حجمه».
ويضيف: «المرحلة الأولى من الاستكشاف والتنقيب الذي تقوم به (نوفاتيك) في المنطقة القطبية الشمالية، المعني بمشروع (يامال) للغاز الطبيعي المسال، يُعد نجاحاً ضخماً لدى كبار المستثمرين الدوليين، بما في ذلك (توتال)، ومؤسسة البترول الوطنية الصينية (سي إن بي سي)، وصندوق طريق الحرير الصيني».
ويعتقد الرئيس التنفيذي للصندوق الروسي للاستثمار المباشر، فيما يتعلق بالغاز الطبيعي المسال في المنطقة القطبية الشمالية، أن هناك ما يبرِّر أن يكون حجم الحصة فيه على قدم المساواة، في حالة لم يكن هناك «مشروعات زميلة» أخرى ناجحة.
وأضاف أنه يتوقع «نمو الطلب العالمي على الغاز بنسبة 40 في المائة وفقاً للتوقعات المدروسة، من 3.7 تريليون متر مكعب حالي، إلى 5 تريليونات متر مكعب بحلول عام 2035»، مشيراً إلى أن الغاز الطبيعي المسال يُعدّ الجزء الأسرع نمواً في قطاع الغاز التجاري المتوقّع نموه من 35 في المائة حالياً إلى 51 في المائة في عام 2035.
وقال «إن روسيا التي تُعد أكبر مصدّر للغاز، تخطط لتنمية حصتها في الغاز الطبيعي المسال، من خلال زيادة صادراتها من الغاز، مستهدفةً استحواذها على نسبة 20 في المائة من السوق العالمية للغاز الطبيعي».
وأضاف أن «مشروعات (يامال) والمنطقة القطبية الشمالية للغاز الطبيعي المسال، سيكون لها دور كبير في التغيير الجذري بمسألة اللوجيستيات في رفع شأن وزيادة التجارة العالمية، فضلاً عن تعظيم دور الممرات القطبية الشمالية التي ستختصر المسافات الزمنية بين أوروبا وآسيا إلى الثلث، بنسبة 33 في المائة».
وفيما يتعلق بأهمية التعاون الياباني في استثمار مثل هذه المشاريع، قال ديمتريف: «اليابان تعتبر إحدى أكبر الأسواق العالمية لدى روسيا فيما يتعلق بقطاع الغاز الطبيعي المسال، ولذلك فإن الشراكات مع المستثمرين اليابانيين في هذه المشروعات تُعد شيئاً طبيعياً، ولكنه غاية في الأهمية، وطريق لإنجاحها».
وتابع أن «سوق الغاز في منطقة آسيا والمحيط الهادي يُنظر إليها بتوقعات عالية، كأحد الموارد الرئيسية لمواجهة الطلب في الأعوام المقبلة»، مشيراً إلى أن الشركات اليابانية يمكنها جلب تقنياتها وخبراتها التسويقية إلى هذه المشاريع.