ليبيا تطالب تونس بتسليمها مخطوطات ومجلدات عبرية نادرة

هربتها شبكة تتاجر بالآثار بعد إسقاط القذافي

ليبيا تطالب تونس بتسليمها مخطوطات ومجلدات عبرية نادرة
TT

ليبيا تطالب تونس بتسليمها مخطوطات ومجلدات عبرية نادرة

ليبيا تطالب تونس بتسليمها مخطوطات ومجلدات عبرية نادرة

طالب أثريون ليبيون، السلطات التونسية، بتسليم بلادهم مخطوطات ومجلدات عبرية قديمة، هرّبتها شبكة للاتجار في الآثار عقب اندلاع انتفاضة 17 فبراير (شباط) عام 2011، التي أسقطت الرئيس الراحل معمر القذافي.
وجاءت هذه المطالبات بعد إعلان الجانب التونسي أن «فرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة المحمدية التابعة لإقليم الحرس الوطني، ضبطت الثلاثاء الماضي 6 مخطوطات مهربة من ليبيا، 4 منها عثر عليها في منطقة المحمدية، و2 في بنزرت، بالإضافة إلى مجلدات عبرية قديمة ذات قيمة تاريخية».
وقال محمد الصاوي، أحد المشرفين على متحف طبرق، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «هذه المخطوطات والمجلدات سُرقت من متحف السرايا الحمراء بالعاصمة طرابلس»، مشيراً إلى أنها «كانت محفوظة في قسم المخطوطات والمجلدات بالمتحف، وتم الاستيلاء عليها عقب الفوضى التي ضربت البلاد، وتم خلالها وقوع عمليات تهريب ونهب للآثار الليبية».
ولفت الصاوي إلى أن «اليهود الليبيين كانوا يعيشون في مناطق غرب البلاد، خصوصاً في مدينتي طرابلس ومصراتة»، متابعاً: «وسوف نطالب السلطات التونسية بإعادة تلك المخطوطات إلى ليبيا، لوضعها في مكانها الأصلي بالمتاحف الوطنية».
وقال الناطق باسم الحرس الوطني في بني عروس بتونس، حسام الدين الجبابلي، إن «المخطوطات الليبية التي عثر عليها، استولى عليها 3 من وسطاء تجارة الآثار من متاحف ليبية، في فترة الانفلات الأمني عقب الثورة الليبية»، لافتاً إلى أن هؤلاء الأشخاص ينتمون لشبكة متاجرة بالآثار بين تونس وبنزرت وليبيا، وكانون يخططون لبيعها بـ1.5 مليون دولار تونسي.
وأضاف الجبابلي وفقاً لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات)، أنه «بالتنسيق مع النيابة العمومية في بن عروس، تم حجز المخطوطات وفتح تحقيق في القضية». ولفت التقرير الصادر عن محافظ التراث بالمتحف الوطني بباردو، سعاد التومي، إلى أن المضبوطات حسب المعاينة الأولية، تعتبر من المخطوطات الأصلية والنادرة، وذات قيمة تاريخية مهمة، بحيث لا يمكن حيازتها أو الاتجار بها، وفق ما تنصّ عليه الفصول 1 و2 و5 من مجلة حماية التراث.
وتابع: «المخطوط الأول من الجلد وهو على شكل لفافة من 3 ورقات مكتوبة بماء الذهب باللغة العبرية، يعود تاريخه إلى القرن 19»، و«الثاني عبارة عن لوحة من الجلد كتبت عليها أنشودة دينية مستوحاة من التوراة»، مستكملاً: «ويعود المخطوط الثالث إلى الفترة الحديثة وهو عبارة عن كتاب على جلد ماعز». «أما الرابع فهو كتاب عبري من الجلد يتضمن 18 صفحة دُوّنت عليه حِكم وأمثال مستوحاة من حياة اليهود، ويعود تاريخ هذا الكتاب أيضاً إلى الفترة الحديثة».
وأوضح: «تقرير محافظ التراث سعاد التومي، أكد أن المضبوطات بينها مخطوط يضمّ 12 صفحة عليه زخرفة هندسية ونباتية وحيوانية وتجسيمات إنسانية نادرة جداً، بالإضافة إلى كتيْب ذي غلاف من الجلد يتضمّن 15 صفحة في شكل مخطوطات مكتوبة بالعبرية مع زخرفة مكثفة، ورجّح التقرير أن هذا الكتيْب يعود أيضاً إلى الفترة الحديثة».
وكانت تقطن ليبيا طائفة يهودية تقدر بنحو 50 ألفاً، لكنهم خرجوا منها في أزمنة مختلفة، ويترأس رفائيل لوزون «اتحاد يهود ليبيا».
وقال مصدر في قطاع الآثار الليبية: «نثمن جهود السلطات التونسية في ضبط المخطوطات الليبية، وحفاظها على تراثنا الذي تعرض لعمليات نهب منظمة عقب (ثورة) 17 فبراير». وأضاف المصدر وهو مسؤول في إحدى هيئات الآثار الليبية: «نطالب إخواننا في تونس بتسليم هذه المضبوطات النادرة إلى ليبيا، بشكل رسمي».
وتعرضت الآثار الليبية إلى عمليات نهب واسعة، خلال السنوات السبع الماضية، وتم تهريب كثير منها إلى خارج البلاد، بحسب التقارير الرسمية.


مقالات ذات صلة

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق معرض يحكي قصة العطور في مصر القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض أثري يتتبع «مسيرة العطور» في مصر القديمة

يستعيد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) سيرة العطر في الحضارة المصرية القديمة عبر معرض مؤقت يلقي الضوء على صناعة العطور في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلا تدلّ على «أسلوب حياة فاخر» (تيفونت أركيولوجي)

اكتشاف آثار فيلا رومانية فاخرة على الأرض البريطانية

اكتشف علماء آثار و60 متطوّعاً فيلا رومانية تدلّ على «أسلوب حياة فاخر»، وذلك في مقاطعة يلتشاير البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».