«بايلوت» و«سبيتفاير» و«توب غان»... ساعات تطير بها «آي دبليو سي» إلى السماء

مجموعتها لعام 2019 بخفة التيتانيوم وصلابة السيراميك

ساعة «بايلوت كرونوغراف سبيتفاير»
ساعة «بايلوت كرونوغراف سبيتفاير»
TT

«بايلوت» و«سبيتفاير» و«توب غان»... ساعات تطير بها «آي دبليو سي» إلى السماء

ساعة «بايلوت كرونوغراف سبيتفاير»
ساعة «بايلوت كرونوغراف سبيتفاير»

منذ أسابيع عدة، وفي قاعدة «غود وود» بجنوب إنجلترا، استبقت دار «آي دبليو سي» فعاليات «صالون جنيف للساعات الفاخرة» الذي سيفتح أبوابه يوم الاثنين المقبل، وأزاحت الستار عن منتجاتها الجديدة لعام 2019، ولم يكن اختيارها للمكان صدفة، فقد كان مناسبا للإعلان عن علاقة تمتد لعقود بين الدار السويسرية وشركة «غود وود للطيران» لما يربطها بها من مبادئ وتفرد هندسي وتقني. وأشار كريستوف غرينييه هير، المدير التنفيذي لدار «آي دبليو سي - شافهاوزن غود» في افتتاحيته إلى أن «وود للطيران»، تتعامل مع ما لا يقل عن 18 ألف رحلة جوية سنويا، كما تضم مقر «أكاديمية بولتبي للطيران»؛ أول أكاديمية رسمية للتدريب على قيادة طائرة «سبيتفاير» في العالم. لكن مما تجدر الإشارة إليه أن عالم الطيران كان دائما ملهما للدار السويسرية، وإن كانت تُسلط الضوء هذا العام على الأمر أكثر بتسليطها الضوء على المقاتلة البريطانية النفاثة «سبيتفاير». حسب كريستوف، فهي تُجسد أحد التطورات الأكثر دقة وتميزا في تاريخ الملاحة الجوية، بمروحتها الدافعة وجناحيها البيضاويين وبالتالي قدراتها الاستثنائية في المناورة. تؤكد الدار السويسرية أن الأمر ليس جديدا عليها، فعالم الطيران كان ولا يزال يُحفز مهندسيها ومصمميها على التحليق بخيالهم إلى السماء، ويفتح فضاء واسعا أمامهم للابتكار منذ عقود. الجديد أنها هذا العام قامت بتطوير ساعات من مجموعات «بايلوت Pilot» و«سبيتفاير Spitfire»، و«توب غان TOP GUN» إضافة إلى إصدارات حصرية من «الأمير الصغير Le Petit Prince»» بشكل غير مسبوق.
جميع ساعات «سبيتفاير» مثلا مجهزة بكاليبرات من إنتاج دار «IWC» احتفاء بالهندسة الفريدة للطائرة البريطانية المقاتلة، بينما تتلون مجموعة «توب غان» بأسود فاحم نتيجة صُنعها من مادة السيراتنيوم، حسبما يقوله كريستوف، مضيفا أن ساعات مجموعة «بايلوت Pilot» نجحت على مدار أكثر من 80 عاماً في تجسيد قوة الطيران بتصميمها المميز الذي يعود تاريخه إلى الساعات الملاحية الأيقونية مثل الساعة «Mark 11»، التي يعود تاريخها إلى عام 1948 وستكون محور الاهتمام في الصالون العالمي للساعات الرفيعة هذا العام. يذكر أنه عندما أنتجت أول مرة في مدينة شافهاوزن بوصفها ساعة ملاحية لسلاح الجو الملكي كانت رائدة وسبقا فنيا وآليا في الوقت ذاته. لهذا ليس غريبا أن تبقى مفخرة لمهندسيها وتُلهمهم حتى الآن عند تصميم جميع الساعات العصرية من مجموعة «بايلوت». وتشير الدار إلى أن الملاحة الجوية تطورت كثيرا عما كانت عليه في عام 1948؛ ففي الوقت الحالي يمكن تحديد موقعنا على الأرض بدقة تصل إلى متر واحد باستخدام أي هاتف جوال، وبفضل الملاحة بالأقمار الصناعية الحديثة، يمكن القيام بذلك حتى في البرية أو البحر أو الظلام الحالك، لم تكن الحال كذلك في الماضي؛ فقد كان تحديد الموقع بدقة يمثل تحديا للطاقم على متن السفن وبعدها الطائرات لسنوات كثيرة.
وكانت ساعة «مارك 11» نتاج سنوات من التطوير والأبحاث تمخضت في عام 1948 عن ساعة اليد الملاحية («Mk.11» – رقم المرجع «6B - 346») بـ«الكاليبر 89» فائق الدقة المزود بساعة توقيت. أما الميزة الثانية فتمثلت في الحماية الفائقة من المجالات الكهرومغناطيسية؛ فنظرا لأن المادة المضادة للكهرومغناطيسية شائعة الاستخدام كانت آنذاك عرضة للتآكل، فقد قام مهندسو دار «آي دبليو سي» ببناء قفص من الحديد المطاوع، يمثل الميناء الجزء العلوي منه. كما تميز الزجاج الأمامي للساعة بحماية خاصة لضمان بقائه في مكانه حتى في حالة الانخفاض المفاجئ للضغط داخل قمرة القيادة، فيما أتاح الميناء فائق التباين والمزود بمادة مضيئة، قراءة سهلة للوقت حتى أثناء الليل أو في ظروف الرؤية السيئة.
مرت سنوات وعقود، لكن «هذه الباقة من الابتكارات لا تزال تُظهر براعتنا الهندسية وخبراتنا؛ كان آخرها استخدام مادة السيراتنيوم Ceratanium التي تُستعمل للمرة الأولى في مجموعة (بايلوت) وأتاحت ظهور كرونوغراف مزدوج أسود بالكامل». كما لا تخفي الدار فخرها بأن ساعات «سبيتفاير» الأخيرة تتمتع بحركة من إنتاج دار «آي دبليو سي» بنسبة 100 في المائة، في الوقت الذي تعكس فيه قوة وجمال الطائرة الهندسي والتقني أيضا، وهو تصميم مستوحى من ساعة الملاحة الأيقونية «مارك 11».
إحدى السمات البارزة لهذه المجموعة تظهر في ساعة «Pilot’s Watch Timezoner Spitfire Edition«The Longest Flight» التي تجمع آلية ضبط المنطقة الزمنية بآلية حركة أوتوماتيكية من إنتاج دار IWC بالكامل، في إصدار حصري يقتصر على 250 ساعة. وكانت الدار قد طورته خصيصا للطيارين ستيف بولتبي بروكس ومات جونز، ترقبا لرحلة سيقومان بها هذا العام حول العالم على طائرة «سبيتفاير». ويشرح كريستوف بأن الدار السويسرية حرصت على أن تلبي الساعة كل متطلباتهما، بحيث يمكن ضبطها على منطقة توقيت مختلفة بمجرد تدوير الإطار... معه يدور كل من عقرب الساعات ونافذة عرض التوقيت «24 – ساعة» والتاريخ أوتوماتيكيا. كما تم تصميم نافذة عرض التوقيت (24 ساعة) كقرص دوّار أسفل الميناء. ويعني ذلك تحرك الميناء قريباً من الزجاج الأمامي، حتى تكون قراءته سهلة. أما العمود الفقري لمجموعة «سبيتفاير» الجديدة فهي ساعة «Pilot’s Watch Chronograph Spitfire» أول ساعة ملاحية بآلية حركة من سلسلة موديلات الكاليبر... تتمتع بآلية حركة كرونوغراف فائقة الدقة، تعرض الساعات والدقائق المتوقفة على عدادين فرعيين بموضعي الساعة «9» والساعة «12». كما تتوفر فيها أيضا نافذة لعرض التاريخ واليوم. ويمنح كل من علبة الساعة البرونزية والميناء الأخضر الزيتوني والسوار البني من جلد العجل هذا الكرونوغراف مظهرا فريدا، حيث تتشكل بمرور الوقت طبقة أكسيدية على البرونز، تجعل كل ساعة فريدة من نوعها.
لكن يبدو واضحا أن ساعات «توب غان» التي أطلقتها الدار أول مرة في عام 2007 لن تختفي قريبا، ولن تترك المجال لأي مجموعة أخرى تسرق منها الأضواء؛ فقد تم طرحها هذا العام بمادة غريبة ومهمة هي السيراتنيوم CERATANIUM®.
وغني عن القول أن المجموعة تأخذ اسمها «توب غان» من برنامج التدريب على تكتيكات المقاتلات الضاربة بالبحرية الأميركية. وهو برنامج مُخصص لصفوة طياري البحرية لما يتضمنه من مناورات في منحنيات ضيقة، تُعرض كلاً من الطيار والطائرة لقوى تسارع هائلة. من هذا المنظور، صُممت ساعات المجموعة منذ البداية بمواد فائقة الصلابة، مثل السيراميك والتيتانيوم، مع الأخذ بعين الاعتبار أدق التفاصيل. على سبيل المثال، تضمن علبة الساعة المصنوعة من السيراميك باللون الأسود المطفي عدم تشتت ذهن الطيارين بفعل انعكاسات أشعة الشمس على الساعة خلال الرحلة. كما تلائم مادة السيراميك بصلابتها ومقاومتها الخدوش الاستخدام اليومي داخل قمرة الطائرة محدودة المساحة بشكل مثالي، فضلا عن تحملها قوى التسارع الهائلة. كان من الممكن أن يكون هذا كافيا لأي طيار أو عاشق للساعات المتخصصة والرفيعة، لكنه لم يكن كافيا لمهندسي «آي دبليو سي» وشغفهم بالتطوير والتميز. في عام 2019 أدخلوا مادة السيراتنيوم ® وللمرة الأولى في ساعة هي «Pilot’s Watch Double Chronograph TOP GUN Ceratanium» باللون الأسود الحالك. يشرح كريستوف غرينييه هير أهمية السيراتنيوم قائلا إنه «مادة طورتها دار (آي دبليو سي) وحصلت على براءتها عالميا. جمالها أنها تجمع بين المزايا البارزة لكل من التيتانيوم والسيراميك في تركيبة رائدة. فهي مثل التيتانيوم تتميز بخفة الوزن وعدم القابلية للكسر، ومثل السيراميك بالصلابة ومقاومة الخدوش، دون أن ننسى مقاومتها التآكل». لهذا ليس غريبا أن تُسجل الدار السيراتنيوم ملكا خاصا لها، وتتباهى به، لا سيما أنها تتنافس مع شركات عملاقة لا تتوقف عن اختراع تقنيات جديدة واستعمال مواد غريبة لم يسبقها إليها أحد من قبل حتى تبقى في الصدارة.
في عام 1980 مثلا أطلقت دار «آي دبليو سي» أول ساعة يد بعلبة مصنوعة من التيتانيوم هي «بورش ديزاين تيتانكرونوغراف IWC Porsche Design Titanchronograph»، أتبعتها بإطلاق ساعة «دافنشي بيريتوال كالندر Da Vinci Perpetual Calendar» أول ساعة في العالم مزودة بعلبة من سيراميك أكسيد الزركونيوم، الأمر الذي شجعها على المزيد والتطوير، فكل مادة بالنسبة لها تتميز بخصائص ومزايا مختلفة. فالفولاذ الصلب مضاد للصدأ وسهل التصنيع، بينما التيتانيوم خفيف الوزن وغير قابل للكسر وإن كان صعب المعالجة. أما السيراميك فهو لا يتعرض للتآكل وفائق المقاومة للخدوش لدرجة أن الماس هو الوحيد القادر على خدشه. كان يمكن أن تتوقف عند هذا الحد، لكن علاقتها بعالم الطيران علمتها أن الآفاق واسعة ولا حدود لها، وكانت النتيجة تطوريها مادة السيراتنيوم، الذي قال كريستوف إنه «أساسا تيتانيوم مخلوط بالسيراميك»... خليط نتجت عنه مجموعة ساعات، تطلبت أبحاثا طويلة واختبارات مضنية، لكن خفة وزنها وجمالها وما تتضمنه بداخلها من ميزات، تجعلها تستحق كل ذلك وأكثر.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
TT

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

صناع الموضة وعلى غير عادتهم صامتون بعد فوز دونالد ترمب الساحق. السبب أنهم خائفون من إدلاء آراء صادمة قد تُكلفهم الكثير بالنظر إلى أن الناخب الأميركي هذه المرة كان من كل المستويات والطبقات والأعراق والأعمار. وهنا يُطرح السؤال عما ستكون عليه علاقتهم بميلانيا ترمب، بعد أن عبَّر العديد منهم رفضهم التعامل معها بأي شكل من الأشكال بعد فوز ترمب في عام 2016.

بدت ميلانيا هذه المرة أكثر ثقة وقوة (دي بي آي)

المؤشرات الحالية تقول بأنه من مصلحتهم إعادة النظرة في علاقتهم الرافضة لها. فميلانيا عام 2024 ليست ميلانيا عام 2016. هي الآن أكثر ثقة ورغبة في القيام بدورها كسيدة البيت الأبيض. وهذا يعني أنها تنوي الحصول على كل حقوقها، بما في ذلك غلافها الخاص أسوة بمن سبقنها من سيدات البيت الأبيض.

تجاهُلها في الدورة السابقة كان لافتاً، وفيه بعض التحامل عليها. فصناع الموضة بقيادة عرابة الموضة، أنا وينتور، ورئيسة مجلات «فوغ» على مستوى العالم، كانوا موالين للحزب الديمقراطي ودعموه بكل قواهم وإمكانياتهم. جمعت وينتور التبرعات لحملات كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون ثم كامالا هاريس، ولم تُخف رفضها لما يمثله دونالد ترمب من سياسات شعبوية. شاركها الرأي معظم المصممين الأميركيين، الذين لم يتأخروا عن التعبير عن آرائهم عبر تغريدات أو منشورات أو رسائل مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي. كانت ميلانيا هي الضحية التي دفعت الثمن، وذلك بعدم حصولها على حقها في تصدر غلاف مجلة «فوغ» كما جرت العادة مع من سبقنها. ميشيل أوباما مثلاً ظهرت في ثلاثة إصدارات.

أسلوبها لا يتغير... تختار دائماً ما يثير الانتباه وأناقة من الرأس إلى أخمص القدمين

لم ترد ميلانيا حينها، ربما لأنها لم تكن متحمسة كثيراً للعب دورها كسيدة البيت الأبيض وكانت لها أولويات أخرى. تركت هذا الدور لابنة ترمب، إيفانكا، مُبررة الأمر بأنها تريد التفرغ وقضاء معظم أوقاتها مع ابنها الوحيد، بارون، الذي كان صغيراً ويدرس في نيويورك. لكن الصورة التي تداولتها التلفزيونات والصحف بعد إعلان فوز ترمب الأخير، كانت مختلفة تماماً عن مثيلتها في عام 2016. ظهرت فيها ميلانيا أكثر ثقة واستعداداً للقيام بدورها. والأهم من هذا فرض قوتها.

طبعاً إذا تُرك الأمر لأنا وينتور، فإن حصولها على غلاف خاص بها مستبعد، إلا أن الأمر قد يتعدى قوة تأثير أقوى امرأة في عالم الموضة حالياً. فهي هنا تواجه عدداً لا يستهان به من القراء الذين انتخبوا ترمب بدليل النتائج التي أثبتت أنه يتمتع بقاعدة واسعة من كل الطبقات والمستويات.

في كل زياراتها السابقة مع زوجها كانت تظهر في قمة الأناقة رغم رفض الموضة لها

ميلانيا أيضاً لعبت دورها جيداً، وقامت بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة. عكست صورة جديدة تظهر فيها كشخصية مستقلة عن زوجها وسياساته، لا سيما بعد تصريحاتها خلال الحملة الانتخابية بأنها تدعم حق المرأة في الإجهاض، مؤكدة أن هذا قرار يخصها وحدها، ولا يجب أن يخضع لأي تدخل خارجي، وهو ما يتناقض مع موقف زوجها بشأن هذه القضية التي تُعد رئيسية في الانتخابات الأميركية. كتبت أيضاً أنها ملتزمة «باستخدام المنصة ودورها كسيدة أولى من أجل الخير».

أسلوبها لا يروق لكل المصممين لكلاسيكيته واستعراضه للثراء لكنه يعكس شخصيتها (أ.ف.ب)

كانت رسائلها واضحة. أعلنت فيها للعالم أنها ذات كيان مستقل، وأن لها آراء سياسية خاصة قد لا تتوافق بالضرورة مع آراء زوجها، وهو ما سبق وعبرت عنه في مكالمة شخصية مع صديقة تم تسريبها سابقاً بأنها ترفض سياسة زوجها في فصل أطفال المهاجرين عن عائلاتهم، وأنها أصيبت بالصدمة عندما علمت بها. وبالفعل تم التراجع عن هذا القرار في يونيو (حزيران) 2018 بعد عاصفة من الجدل.

وحتى إذا لم تُقنع هذه التصريحات أنا وينتور وصناع الموضة، فهي تمنح المصممين نوعاً من الشرعية للتراجع عن تعهداتهم السابقة بعدم التعامل معها. بالنسبة للموالين لدونالد ترمب والحزب الجمهوري، فإن الظلم الذي لحق بميلانيا ترمب بعدم احتفال صناع الموضة بها، لا يغتفر. فهي لا تفتقد لمواصفات سيدة البيت الأبيض، كونها عارضة أزياء سابقة وتتمتع بالجمال وأيضاً بذوق رفيع. ربما لا يعجب ذوقها الكل لميله إلى العلامات الكبيرة والغالية، إلا أنه يعكس شخصية كلاسيكية ومتحفظة.

وحتى إذا لم تنجح أنا وينتور في إقناع المصممين وبيوت الأزياء العالمية، وتبقى على إصرارها عدم منحها غلافها المستحق في مجلة «فوغ»، فإن صوت الناخب المرتفع يصعب تجاهله، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. وهذا ما يعود بنا إلى طرح السؤال ما إذا كان من مصلحة صناع الموضة الأميركيين محاباة ميلانيا وجذبها لصفهم. فقوتها هذه المرة واضحة وبالتالي سيكون لها هي الأخرى صوت مسموع في تغيير بعض السياسات، أو على الأقل التخفيف من صرامتها.

إيجابيات وسلبيات

لكن ليس كل صناع الموضة متخوفين أو قلقين من دورة ثانية لترمب. هناك من يغمره التفاؤل بعد سنوات من الركود الاقتصادي الذي أثر بشكل مباشر على قطاع الموضة. فعندما يقوى الاقتصاد الأميركي فإن نتائجه ستشمل كل القطاعات. ربما تتعلق المخاوف أكثر بالتأشيرات وزيادة الضرائب على الواردات من الصين تحديداً. فهذه أكبر مورد للملابس والأنسجة، وكان صناع الموضة في الولايات المتحدة يعتمدون عليها بشكل كبير، وهذا ما جعل البعض يستبق الأمور ويبدأ في تغيير سلاسل الإنتاج، مثل شركة «بوما» التي أعلنت أنها مستعدة لتغيير مورديها لتفادي أي عوائق مستقبلية. الحل الثاني سيكون رفع الأسعار وهو ما يمكن أن يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين بنحو 50 مليار دولار أو أكثر في العام. فتهديدات ترمب برفع التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 60 في المائة لا بد أن تؤثر على المستهلك العادي، رغم نيات وقناعات ترمب بأن تحجيم دور الصين سيمنح الفرص للصناعة الأميركية المحلية. المشكلة أنه ليس كل المصممين الذين يتعاملون مع الموردين والمصانع في الصين منذ سنوات لهم الإمكانيات للبدء من الصفر.