ارتفاع الأسعار يطارد مواطني تركيا... وتوقعات باستمرار الانكماش في 2019

فائض الحساب الجاري «وهمي» ونابع من تزايد الفقر

TT

ارتفاع الأسعار يطارد مواطني تركيا... وتوقعات باستمرار الانكماش في 2019

ارتفعت أسعار التجزئة في إسطنبول، التي تعد كبرى مدن تركيا، بنحو 13.68 في المائة، بينما ارتفعت أسعار الجملة فيها بنحو 17.79 في المائة في عام 2018.
وذكرت غرفة تجارة إسطنبول في بيان أمس أن أسعار التجزئة ارتفعت 0.14 في المائة على أساس شهري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بينما زادت أسعار الجملة في المدينة، التي يقطنها نحو 17 مليون نسمة يشكلون خمس سكان البلاد، بنسبة 0.58 في المائة عن الشهر السابق نوفمبر (تشرين الثاني).
وكانت أسعار السلع والمواد الأساسية في تركيا، شهدت ارتفاعا كبيرا مقارنة بما كانت عليه قبل شهور قليلة فقط، بالتزامن مع انخفاض قيمة الليرة التركية أمام العملات الأخرى؛ ما أدى إلى ارتفاع السلع المستوردة. وشملت زيادة الأسعار مواد أساسية كالخضراوات والبطاطس والبصل والحبوب.
وبحسب الأرقام التي أعلنتها هيئة الإحصاء التركية عن نسب التضخم، فإن مؤشر أسعار المستهلكين شهد ارتفاعا بنسبة 2.61 في المائة، كما شهد مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعا بلغ 15.39 في المائة.
وكالعادة، كان الارتفاع الشهري الأكبر في فئة المشروبات الكحولية والتبغ والمواد الغذائية بنسبة 5.98 في المائة، تليه فئة الاتصالات بنسبة 4.76 في المائة، ثم الخدمات والبضائع المتنوعة بنسبة 2.66 في المائة، والأدوات المنزلية بنسبة 2.24 في المائة، ثم المقاهي والألعاب بنسبة 2.16 في المائة، في حين انخفضت الأسعار في قطاع الملابس والأحذية بنسبة 1.15 في المائة.
وبلغ معدل التضخم أعلى مستوياته منذ 15 عاما مسجلا 25.24 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدفوعا بالارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية وانهيار الليرة التركية، وتراجع قليلا في نوفمبر إلى 23.8 في المائة.
وفي سياق متصل، توقع الخبير الاقتصادي التركي، كوركوت بوراتاف، استمرار انكماش الاقتصاد خلال النصف الأول من العام 2019 وهو ما سيؤدي إلى تكلفة اجتماعية باهظة.
ورأى بوراتاف أن الرئيس رجب طيب إردوغان يتحمل مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي، مشيرا إلى أن إسناده الإشراف على اقتصاد البلاد لصهره برات البيراق بتعيينه وزيرا للخزانة والمالية تسبب في إشاعة جو من انعدام الثقة، وأثار المخاوف لدى المستثمرين.
وأضاف الخبير، في تصريحات لوسائل إعلام تركية أمس، أن الاقتصاد التركي حقق فائضا في الحساب الجاري «وهميا» خلال الفترة بين شهري أغسطس (آب) وأكتوبر 2018. مشيرا إلى أن هذا الفائض ليس نابعا من التحول الهيكلي الإيجابي للاقتصاد، بل هو نابع من تراجع الواردات بفعل انخفاض الطلب الداخلي، أي أنه نابع من تزايد الفقر في تركيا.
ولفت إلى أن إحصاءات الدخل القومي الأخيرة كشفت عن أزمة حقيقية في الاقتصاد التركي الذي انكمش في الربع الأخير من 2018، وسيواصل الانكماش في النصف الأول من 2019، وستكون التكلفة الاجتماعية للانكماش باهظة، على حد قوله.
وأكدت مؤشرات رسمية، الثلاثاء، أن اقتصاد تركيا ما زال يعاني من التباطؤ، وهو ما انعكس بشكل كبير على النشاط التجاري للعاصمة إسطنبول.
وفقدت الليرة التركية نحو 30 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في نهاية العام 2018 مستعيدة بعض خسائرها التي وصلت في أغسطس الماضي إلى 46 في المائة، ما رفع التضخم إلى أعلى مستوياته في 15 عاماً، وأضر بالنمو الاقتصادي الذي تباطأ بشكل حاد إلى 1.6 في المائة في الربع الثالث من العام المنصرم.
وأبدى صندوق النقد الدولي، قبل أسابيع من نهاية 2018، تشاؤمه حيال مستقبل الاقتصاد التركي للعام 2019، مشيراً إلى مخاطر تعيشها الأسواق المحلية، بعد تدهور الليرة التركية مقابل الدولار.
في سياق آخر، قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم للعلاقات الخارجية جودت يلماز إن بلاده تعتزم زيادة حجم التبادل التجاري مع الصين بنسبة 92.3 في المائة، ليرتفع حجمها من 26 مليار دولار حاليا إلى 50 مليار دولار.
وأكد يلماز، في تصريحات أمس، حرص بلاده على زيادة حجم صادراتها إلى الصين، واعتبر أن حجم التجارة بين البلدين في الوقت الحالي، غير متوازن، وهو ما أوضحه مرارا وتكرارا خلال اجتماعاته المختلفة مع المسؤولين الصينيين.
وأضاف يلماز: «علينا تأسيس أرضية متوازنة للتبادل التجاري، من خلال زيادة الصادرات التركية إلى الصين، إننا نهدف في المرحلة الأولى لزيادة حجم التبادل التجاري إلى 50 مليار دولار، ومن ثم يجب علينا السعي لزيادة حجم التجارة أكثر من ذلك».
وأكد المسؤول التركي ضرورة جذب المزيد من الاستثمارات الصينية إلى تركيا، وأن تنظر الشركات الصينية إلى تركيا على أنها قاعدة مهمة للاستثمارات، مضيفا أن «كلا البلدين حققا نجاحات كبيرة ضمن الدول النامية، ويمكن للبلدين الاستفادة من بعضهما البعض بخصوص قصص نجاحهما، وإننا نمتلك أهدافا كبيرة لعام 2023 وما بعده، وكذلك الصين لديها أهداف كبيرة لعام 2025».
وذكر يلماز أنه من المخطط أن تستورد الصين خلال السنوات الـ5 المقبلة منتجات بقيمة 10 تريليونات دولار، وأن صادرات تركيا إلى بكين منخفضة مقارنة بهذا الرقم، مؤكدا رغبة بلاده في زيادة حجم الصادرات إليها بأسرع وقت.
وأضاف أن قيمة الاستثمارات الصينية المباشرة حول العالم تبلغ 700 مليار دولار، وأن حصة تركيا منها قرابة ملياري دولار فقط، مشددا على ضرورة جذب المزيد من الاستثمارات الصينية.
وأشار إلى «إمكانية تعاون البلدين في مجالات متنوعة بالبلدان الأخرى؛ حيث يوجد لدى الصين مشروع الحزام والطريق، الذي يهم تركيا عن قرب، وعليه يمكن لنا التعاون في هذا الخصوص»، داعيا رجال الأعمال الأتراك لإعطاء أهمية أكبر تجاه السوق الصينية، وإجراء زيارات متكررة إلى الصين، ومعاينة إمكانيات زيادة الصادرات إليها.
وقال يلماز إنه على الرغم من زيادة عدد السياح الصينيين في تركيا هذا العام بمعدل 80 إلى 90 في المائة، فإن هذه الأعداد ما زالت منخفضة، مؤكدا ضرورة استقطاب المزيد من السياح الصينيين، بحيث تتجاوز أعدادهم حاجز المليون سائح في المرحلة الأولى، ومن ثم زيادة العدد أكثر فأكثر لاحقا.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.