البشير يدعو لتجاهل «مروجي الإشاعات»... والاحتجاجات مستمرة

إضراب أطباء... ومهنيون يدعون لموكب يسلم مذكرة تطالب باستقالة الرئيس

أطباء سودانيون مضربون عن العمل في إحدى مستشفيات ولاية الجزيرة (أ.ب)
أطباء سودانيون مضربون عن العمل في إحدى مستشفيات ولاية الجزيرة (أ.ب)
TT

البشير يدعو لتجاهل «مروجي الإشاعات»... والاحتجاجات مستمرة

أطباء سودانيون مضربون عن العمل في إحدى مستشفيات ولاية الجزيرة (أ.ب)
أطباء سودانيون مضربون عن العمل في إحدى مستشفيات ولاية الجزيرة (أ.ب)

أعلن أطباء سودانيون، أمس، الدخول في إضراب عن العمل دعماً للاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ قرابة الأسبوع. وفي الوقت الذي شهدت فيه بعض مدن السودان مظاهرات عنيفة، ودعوات قدمها «التجمع المهني» لمطالبته بالتنحي، أكد الرئيس عمر البشير استمرار حكومته في إجراء إصلاحات اقتصادية توفر للمواطنين «حياة كريمة»، وأشاد بجهود أجهزته الأمنية في حماية البلاد، ودعا لعدم الالتفات لمن سماهم «مروجي الإشاعات».
وتواصلت المظاهرات والاحتجاجات في مدن مختلفة من البلاد، وقال شهود عيان إن مدينة بابنوسة في غرب البلاد، ومدينة المناقل في الوسط، ومدينة القولد في الشمال، شهدت مظاهرات عنيفة، فيما اكتفت العاصمة الخرطوم بالمظاهرات الليلية التي شهدتها عدد من مناطقها وأحيائها، والتي استمرت لوقت متأخر، خصوصاً في أحياء سوبا وامتداد ناصر والحاج يوسف، وأحرق المتظاهرون إطارات السيارات وأغلقوا الطرق، قبل أن تفضهم قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع، فضلاً عن المظاهرة الضخمة التي نظمها مشجعو فريق الهلال لكرة القدم.
وفي غضون ذلك، بدأ أطباء سودانيون إضراباً عن العمل «فيما عدا الحالات الطارئة» استجابة لقرار أصدرته «اللجنة المركزية لأطباء السودان»، ابتداء من يوم أمس، في جميع أنحاء البلاد. و«لجنة الأطباء المركزية» تنظيم مواز لنقابة المهن الطبية والصحية، واتحاد أطباء السودان، المواليين للحكومة، وقد تشكلت بسبب اعتداءات على الأطباء في أثناء تأدية عملهم، ونفذت إضراباً طويلاً العام الماضي، طالب فيه أعضاء النقابة بتحسين بيئة العمل، وتقديم الخدمات الطبية للمواطنين. لكن الإضراب الذي شارك فيه أطباء أمس يهدف لمساندة المظاهرات التي تجتاح البلاد، وما يتعرض له المواطنون من عمليات «سحل وقتل»، بحسب بيان صادر عن اللجنة، أعلنت فيه «حالة الطوارئ، وتوظيف جهد الأطباء لمعالجة الجرحى في الحالات الطارئة، وفي عيادات ميدانية». كما ذكر بيان اللجنة أنه يرمي إلى «شلّ وإيقاف موارد الدولة حتى سقوطها». وبحسب شهود، شارك أطباء في 3 مستشفيات على الأقل في إضراب الخرطوم، وعدد من مستشفيات الولايات، لكن الشهود قالوا إن ترتيبه لم يكتمل، وينتظر أن تتزايد أعداد المضربين تباعاً، فيما تناقلت وسائط التواصل الاجتماعي صوراً لأطباء يرتدون «اللباس الطبي»، ويعلقون على صدورهم ديباجات مكتوب عليها «طبيب مضرب».
وينتظر أن تشهد الخرطوم حشداً جماهيرياً واسعاً صبيحة اليوم، دعا له جسم نقابي يحمل اسم «تجمع المهنيين»، لتسليم مذكرة للقصر الجمهوري، تطلب تنحي الرئيس البشير عن السلطة. وحدد التجمع المهني «ميدان أبو جنزير»، وسط الخرطوم، مكاناً للتجمع، على أن يسير المحتجون عبر «شارع القصر»، وصولاً إلى القصر الرئاسي القريب في نهاية الشارع، لتسليم المذكرة. وأيدت قوى المعارضة كافة دعوة المهنيين، وأعلنت مشاركتها في التجمع ودعمه، وقال حزب الأمة القومي إنه يدعـم «بـقوة» موكـب المهنيين، وطلب من أعضائه كافة المشاركة في دعم ما سماه «الخطوة المهمة على طريـق تحرير شعبنا من القهر»، وجدد التزامه بـ«العمل المشترك تحت مظلة (نداء السودان)، وبإعلان خلاص الوطن، كآخر مرجعيات وحدة قوى التغيير».
وندد الحزب، في بيان صادر عن أمانته العامة، بما أطلق عليه «جرائم بشعة في حق المواطنين، مع سبق الإصرار والترصد»، وقال إن «هَلع النـظام وجهاز أمنه القمعي جعله يرتكب هذه الجرائم»، وتعهد باتخاذ التدابير الكافية لوقف جرائم القتل والتعذيب والاعتقال التي يتعرض لها المواطنون، وناشد الأسرة الدولية تحمل مسؤوليتها تجاه ما يحدث في البلاد.
من جانبه، جدد الرئيس عمر البشير تأكيد استمرار حكومته في إجراء إصلاحات اقتصادية توفر للمواطنين «حياة كريمة»، وقال في اجتماع مع «هيئة قيادة جهاز الأمن والمخابرات»، أمس، إن الجهود التنسيقية بين القوات النظامية، وجهود جهاز الأمن، أسهمت مجتمعة «في الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين».
ودعا البشير، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية «سونا»، المواطنين إلى عدم الالتفات إلى من سماهم «مروجي الشائعات، والحذر من الاستجابة لمحاولات زرع الإحباط»، ووعد باتخاذ «إجراءات حقيقية تعيد ثقة المواطنين في القطاع المصرفي»، فيما قال مدير جهاز الأمن صلاح عبد الله «قوش» إن قواته «ملتفة حول قائدها الأعلى»، وإن جهازه يضطلع بمهامه الدستورية في حفظ أمن وسلامة الوطن والمواطنين، مع التزامه بالمعايير المهنية، واحترامه لحق التعبير السلمي.
من جهته، ندد الحزب الشيوعي السوداني بقيام قوات الأمن السودانية بـ«اقتحام داره» بالخرطوم عنوة، واعتقال أحد القياديين من داخلها، ونفى الحزب اتهامات بالتخريب وجهها له حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ورد باتهام مضاد، اتهم فيه الأمن بالتخريب ليبرر قمعه وقتله للمحتجين السلميين، واستخدام القوة المفرطة لتفريقهم. وقال السكرتير العام للحزب، محمد مختار الخطيب، في مؤتمر صحافي أمس، إن حزبه سيواصل الاحتجاجات مع الشعب حتى إسقاط نظام الرئيس عمر البشير وتفكيكه، والقصاص من الذين أضروا بالوطن والمواطن.
كان حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان قد اتهم الحزب الشيوعي بالتسبب في إحراق دوره ومقراته في أثناء الاحتجاجات، وتوعد بالرد بالمثل، وقال مسؤول بارز بالحزب، بحسب الصحافة المحلية: «الشيوعي حرق دورنا، والحساب يجمع»، وتوعد بتقديم متورطي الحزب - على حسب عبارته - للمحاكمة، وتغريمه الخسائر. بيد أن عضو اللجنة المركزية للشيوعي، صديق يوسف، قال للصحافيين إن حزبه والقوى السياسية التي شاركت في المظاهرات كانت تطالب الجماهير بالابتعاد عن تخريب ممتلكات الشعب، وقال: «المؤتمر الوطني اتهمنا بأننا حرقنا دوره، وهددنا بحرق دورنا، ونحن لا نحرق ولا ندمر ممتلكات الشعب، النظام سيزول، وسنرد كل هذا الممتلكات للشعب»، وتابع: «هذا مخطط من الأمن لتبرير استخدامه للعنف لإنقاذ نفسه، ومن دمروا المنشآت هم عناصرهم الذين يدمرون المنشآت وينسبونها للمتظاهرين لتبرير العنف ضدهم».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.