صرح مسؤول كبير من بوركينا فاسو لوكالة الصحافة الفرنسية، أن حادث تحطم الطائرة الجزائرية في مالي الأسبوع الماضي أودى بحياة 116 شخصا وليس 118 كما ذكر سابقا، لأن أحد المسافرين وحارسا في شركة الطيران لم يصعدا على متنها عند إقلاعها من واغادوغو. وقال الجنرال جيلبير ديينديريه المسؤول الكبير في مكتب رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري، إن «حصيلة الضحايا هي 116 وليس 118» كما أعلنت سابقا السلطات الفرنسية بعد الحادث. وكانت الرحلة رقم إيه إتش 5017 التابعة لشركة الطيران الجزائرية تقوم برحلة بين واغادوغو والجزائر، عندما تحطمت في شمال مالي بعد نحو 50 دقيقة على إقلاعها. وقال الجنرال ديينديريه: «في كل رحلة هناك مكان يخصص لمرافق أمني من الشركة الجوية (...) لم يشغله أحد» في الرحلة التي تحطمت. لكنه احتسب على لائحة المسافرين». أما الشخص الثاني الذي لم يصعد إلى الطائرة فقد «قام صباح الأربعاء 23 يوليو (تموز) بإلغاء حجزه»، حسب المصدر نفسه الذي أشار إلى أن هذا التغيير الذي طرأ لم يؤخذ في الاعتبار بسجل الركاب. ورفض المسؤول أن يكشف جنسيتي وهويتي هذين الشخصين. وكانت الحصيلة السابقة لضحايا الحادث تشير إلى وجود 54 فرنسيا (بينهم عدد يحملون جنسيتين) و23 من بوركينا فاسو وثمانية لبنانيين وستة جزائريين ومواطنين من دول أخرى وطاقم من ستة أفراد إسبان. كما أعلنت دول عدة من بينها مالي وبوركينا فاسو وفرنسا، أنها فتحت تحقيقات قضائية في الحادث الذي وقع في أحوال جوية سيئة. وأرسل عدد كبير من الخبراء الفرنسيين والجزائريين والإسبان والماليين، إلى موقع تحطم الطائرة في منطقة غوسي التي تبعد نحو 150 كلم عن غاو كبرى مدن شمال مالي. لكن انتشال الجثث يبدو عملية حساسة، إذ إن الطائرة تفتت عند سقوطها وتبعثر حطامها على مسافة مئات الأمتار، كما قال مسؤولون وخبراء توجهوا إلى المكان. إلى ذلك صرح الكولونيل باتريك تورون نائب مدير معهد الأبحاث الجنائية في الدرك الفرنسي، لوكالة الصحافة الفرنسية أن الخبراء الفرنسيين لم يجدوا في الموقع «أي جثة كاملة» بل «جثثا مفتتة (...) لا يمكن التحقق منها بالإجراءات التقليدية للطب الشرعي ولا طب الأسنان الشرعي ولا بصمات الأصابع». وتابع أن المحققين مضطرون للجوء إلى تحاليل الحمض النووي للتعرف على الجثث. وأكمل الجنرال ديينديريه قائلا: «إن خبيرين من الدرك الفرنسي وصلا إلى واغادوغو الخميس لأخذ عينات من أقرباء ضحايا تحطم الطائرة من أجل التعرف على أشلاء الجثث». وأرسلت بوركينا فاسو خبيرين هما طيار سابق وميكانيكي خبير في نوع الطائرة التي تحطمت، إلى فرنسا حيث «سينضمان إلى الفريق الذي شُكّل من مالي وفرنسا والجزائر لبدء أعمال التحقيق». وتابع أنه منذ تحديد موقع تحطم الطائرة، نظمت بوركينا فاسو «13 رحلة»، سمحت لأقرباء عدد من الضحايا «بإرسال شخص واحد على الأقل» إلى المكان.
الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.
واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.
وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.
وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.
وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.
وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
تطييف القطاع الطبي
في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.
وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.
وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.
إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.
وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.
وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.
وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.
استهداف أولياء الأمور
في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.
وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.
في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.
ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.
وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.
ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.
وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.