لبنانيون في موقع التفجير يرثون حالهم: بلدنا بات جحيما ولا أمان فيه

طريقة الاغتيال شبيهة بتفجيرات سابقة طالت شخصيات من 14 آذار

مواطن لبناني مصاب جراء الانفجار
مواطن لبناني مصاب جراء الانفجار
TT

لبنانيون في موقع التفجير يرثون حالهم: بلدنا بات جحيما ولا أمان فيه

مواطن لبناني مصاب جراء الانفجار
مواطن لبناني مصاب جراء الانفجار

تفوح رائحة البارود في أرجاء موقع التفجير، ويلفّ الدمار المباني المحيطة. كانت فرق الأدلة الجنائية تعمل على رفع الأدلة من موقع اغتيال الوزير الأسبق محمد شطح، لكنها لم ترفع الوجوم الذي خيّم على الحاضرين في المكان، ولا أسئلتهم. «لماذا شطح؟» يسأل شاب أربعيني يعمل في مكتب قريب من مبنى «ستاركو»، فيما يعبر آخر عن غضبه، بالقول: «إنهم (القتلة) لا يريدون لنا أن نهنأ في لبنان... البلد الذي بات جحيما، ولا مكان للأمان فيه».
ويمكن ببساطة التعرف إلى طريقة استهداف سيارة شطح، من أنقاض السيارتين في موقع التفجير. رُكنت السيارة المفخخة بالمتفجرات، إلى جانب طريق، يبدو أنه ممر طبيعي لسيارة شطح باتجاه بيت الوسط، وهو مقر الرئيس سعد الحريري حيث كان يعقد اجتماع لقوى 14 آذار. انفجرت العبوة، ما أدى إلى احتراق السيارة المفخخة بأكملها، فيما تطاير جزء كبير من سيارة شطح بفعل عصف الانفجار. ويبدو أن التنبؤ بالسيارة المفخخة، كان صعبا، كون الشارع تركن فيه عادة سيارات مواطنين يرتادون مبنى ستاركو، أو المطاعم القريبة منه.
وشهدت المنطقة حشودا أمنية رسمية كبيرة، حيث ضربت طوقا أمنيا حول موقع التفجير، وأخذت عينات من المكان، ورفعت الأدلة، فيما بدأ العمل على تحليل عدد من أفلام الكاميرات في المنطقة والاستماع إلى عدد من الأشخاص بمثابة شهود وإجراء عملية تحليل للأشلاء والجثث. كما تجمع مواطنون لمعاينة المكان، والاطلاع على مشهد التفجير الدامي الذي أودى بحياة مواطنين كانوا في المنطقة، إلى جانب شطح ومرافقه.
ينظر رجل إلى الحفرة الكبيرة التي خلفها انفجار السيارة المفخخة خلف مبنى ستاركو، بذهول. «هل يستحق شطح كل هذا الحقد؟» يسأل، مشيرا إلى أن وزير المال اللبناني الأسبق «كان شخصية في الظل، ولم يؤذِ أحدا.. لماذا كل هذه الكراهية». ويُعرف شطح أنه كان نموذجا حواريا، ومعتدلا، ولم تُسجل له أي حالة غضب خلال لقاءات تلفزيونية. كما يعد أحد أبرز الأدمغة الاقتصادية والسياسية في قوى 14 آذار، ويعتبر من الدائرة الضيقة الخاصة بالرئيس سعد الحريري، كونه مستشارا له.
وتشير ضخامة الحفرة التي خلفها الانفجار، كما الخراب في واجهات المباني المحيطة، والسيارات المحترقة في الشارع، إلى أن عصف الانفجار كان كبيرا، يشبه التفجيرات التي استهدفت شخصيات في قوى 14 آذار في السابق، وكان آخرها رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن.
وشهدت هذه المنطقة اغتيالين منذ بدء ظاهرة الاغتيالات السياسية في عام 2004. فعلى بعد أقل من 500 متر من موقع هذا التفجير، وقع تفجير رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005، وأسفر أيضا عن مقتل مدنيين.
ويقول شاهد عيان يعمل كحارس أمني في أحد المباني القريبة، إن الانفجار كان مدويا جدا، لافتا إلى أن رواد المنطقة «خرجوا مذهولين، وكأن الانفجار وقع في المطاعم والمكاتب نفسها»، مشيرا إلى أن «حراس بيت الوسط، كانوا أول الأمنيين الواصلين، بعد تدافع الناس لانتشال الجثث وإنقاذ الضحايا والجرحى». وقال: إن ألسنة اللهب كانت كبيرة، ما منع الحاضرين من الاقتراب من بعض السيارات القريبة من موقع التفجير، التي اجتاحتها ألسنة النيران.
ويبعد مقر إقامة الحريري مسافة مائتي متر عن موقع التفجير. وتعرف هذه المنطقة بأنها تجارية وسياحية، لا تشهد في العادة اكتظاظا سكانيا، باستثناء رواد المقاهي والمطاعم، فضلا عن ارتياد عدد من اللبنانيين إلى مبنى ستاركو الذي يتضمن مكاتب سياحية وتجارية، ومكاتب حكومية.
وفي موقع التفجير، يخيم الوجوم على وجوه كل الحاضرين. وراء العسكريين المحيطين بالمكان، ينظر رجل ستيني إلى السيارات المحترقة مستغربا. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يلومون الرئيس (سعد) الحريري لماذا لا يعود إلى لبنان... هل يريدون قتله؟ ألا يكذبون عليه حين يقولون: إنه غير مهدد؟» ويأسف الرجل الذي يؤيد تيار «المستقبل» لرحيل شطح، بوصفه «شخص الظل الذي كان يثق به الرئيس الحريري».
ويغيب الحريري عن لبنان منذ عام 2011. لضرورات أمنية، ويعتبر من أبرز الشخصيات المهددة بالاغتيال.
ووسط هذا الدمار، يتحدث موظفون عن الحادثة بوصف أنه «تفجير يهدد كل شخص منا». يشتم شاب عشريني هذا البلد «الذي لم يعد فيه مكان آمن».. فيما تبكي موظفة تعمل في أحد المباني القريبة، قائلة بأن التفجير «كاد يقتل أي شخص منا». وفيما تواصل الأجهزة الأمنية رفع الأدلة، وإجراء تحقيقاتها، ويصل مسؤولون أمنيون تباعا إلى الموقع لتفقده.. تصاعد غضب المواطنين العارم على النزاع السياسي الداخلي، ولا يستثني أحدا.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.