احتجاجات «السترات الصفراء» تتواصل للسبت الخامس على التوالي

تتأهب فرنسا اليوم (السبت) لموجة خامسة من احتجاجات «السترات الصفراء»، وذلك بعد أكثر من شهر على بدء تحركهم، في أجواء من التوتر، رغم التنازلات التي قدمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ودعواته إلى الهدوء.
وأعلنت السلطات الفرنسية نشر عشرات الآلاف من الشرطة في أنحاء البلاد ونحو 8 آلاف في باريس اليوم، لمواجهة موجة جديدة من الاحتجاجات رغم افتقاد الحركة للزخم على ما يبدو بعدما قدم الرئيس إيمانويل ماكرون تنازلات، فيما أطلق الكثير من الدعوات في الأيام الأخيرة على موقع «فيسبوك»، قناة التعبئة الأساسية للمحتجين، إلى التظاهر، في باريس والمدن الفرنسية الأخرى.
ويفترض أن يجري تجمع بساحة الجمهورية في باريس عند الساعة 14:00 (13:00 ت غ). وقد دعت نحو 15 منظمة يسارية مؤيديها إلى الانضمام إلى «السترات الصفراء» في الساحة الواقعة شرق العاصمة.
وأمس (الجمعة)، صرح ماكرون في بروكسل قائلاً إن «بلدنا يحتاج اليوم الهدوء، يحتاج النظام». وأضاف الرئيس الفرنسي، الذي كان يتحدث في ختام قمة أوروبية: «قدمت رداً» على مطالب «السترات الصفراء»، إن «الحوار (...) لا يتم باحتلال الأماكن العامة والعنف».
وتخشى السلطات الفرنسية وقوع حوادث جديدة، بعدما انتهى السبت الماضي بعدد قياسي من الموقوفين (نحو ألفين) وأكثر من 320 جريحاً وأضرار في الكثير من المدن، بينها باريس وبوردو وتولوز (جنوب غرب). وكان نحو 136 ألف شخص نزلوا إلى الشوارع في ذلك اليوم.
وأعلنت السلطات في باريس عن نشر ثمانية آلاف عنصر من قوات الأمن، و14 آلية مدرعة في العاصمة الفرنسية لمواجهة أي فلتان، وفي الوقت نفسه ستجري عمليات تفتيش في الطرق ومحطات القطارات ووسائل النقل المشترك في باريس. وستفرض إجراءات حماية على الدخول إلى المؤسسات، مثل قصر الإليزيه والجمعية الوطنية.
وقررت مجموعة «كيرينيغ» للسلع الفاخرة (غوتشي وإيف سان لوران وبوشرون) إغلاق محالها، لكن المراكز التجارية الكبرى مثل «غاليري لافاييت هوسمان» ستفتح أبوابها.
في بوردو، التي شهدت أعمال عنف واسعة، السبت الماضي، سيكون عدد من الحدائق العامة والمكتبات والمتاحف والأوبرا مغلقة.
وفي جنوب شرقي فرنسا، في مدينة أفينيون، منع التظاهر داخل المدينة القديمة. وستجري مسيرة خارجها في ذكرى مصرع أحد المحتجين، بعدما صدمته شاحنة عند دوار.
وقال رئيس شرطة باريس إنه «ما زال هناك قلق من احتمال تسلل جماعات تميل للعنف إلى الاحتجاجات. وسوف تتولى شرطة مكافحة الشغب حماية المعالم المهمة وإبعاد المحتجين عن القصر الرئاسي». وأضاف قائد الشرطة، ميشيل ديلبييش، لإذاعة (آر تي إل): «يجب أن نستعد للسيناريوهات الأسوأ».
كما توقع أن يكون أثر الاحتجاجات على الأعمال في العاصمة أقل بالمقارنة بأيام السبت في الأسابيع الماضية، عندما أغلقت متاجر كبيرة أبوابها، وألغت الفنادق الحجوزات رغم ازدحام تلك الفترة في العام مع اقتراب عيد الميلاد.
وتأتي احتجاجات السبت، بعد أيام من قيام مسلح بإطلاق النار على مجموعة من الأفراد في سوق لهدايا عيد الميلاد بمدينة ستراسبورغ في شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل أربعة وإصابة عدد آخر. وقتلت الشرطة المسلح في تبادل لإطلاق النار أمس الخميس، بعد يومين من المطاردة.
ودعا وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير، إلى الهدوء قائلاً إن «الوقت حان كي يخفف المتظاهرون من احتجاجاتهم ويقبلوا بما حققوه من أهداف»، مشدداً على أن «الشرطة تستحق أن تأخذ راحة أيضاً».
وأثّرت احتجاجات «السترات الصفراء» على اقتصاد البلاد، حيث يتوقع أن يقل الإنتاج في الربع الأخير من العام إلى نصف الأرقام المتوقعة، كما يرجح أن تتسبب تنازلات ماكرون في زيادة عجز الموازنة عن الحدود المتفق عليها في الاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن حركة السترات الصفراء، التي بدأت كاحتجاج مناهض للضرائب على الوقود ثم تحولت إلى تحالف مناهض لماكرون، قد هدأت بعدما أعلن الرئيس الفرنسي سلسلة من الإجراءات لمساعدة الطبقة العاملة.
وبعد مواجهته انتقادات لاذعة على عدم ظهوره للرد على المتظاهرين، ألقى ماكرون خطابا نقله التلفزيون قبل أيام، قال فيه إنه يتفهم قلق المحتجين وأقر بالحاجة لاتخاذ نهج مختلف.
وإلى جانب إلغاء الزيادات في ضرائب الوقود التي كانت مقررة اعتبارا من الشهر المقبل، أعلن ماكرون أنه سيزيد الحد الأدنى للأجور بواقع مائة يورو في الشهر، اعتبارا من يناير (كانون الثاني) المقبل، وسيخفض الضرائب على المتقاعدين الأقل دخلا فضلا عن إجراءات أخرى.