عاش قطاع غزة أمس يوما داميا في اليوم الثالث من عيد الفطر، إذ قتل أكثر من مائة فلسطيني بينهم 19، كانوا يحتمون في مدرسة تابعة لوكالة غوث اللاجئين (الأونروا) في جباليا، شمال القطاع، كما قتل 17 آخرون وأصيب نحو 200، في مجزرة بسوق شعبية في حي الشجاعية، وقعت خلال هدنة أربع ساعات كان الجيش الإسرائيلي أعلنها للتهدئة. وارتفع العدد الإجمالي لضحايا العدوان في يومه 23 أمس إلى أكثر من 1300 قتيل ونحو 7400 جريح، بحسب إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية.
وكان منسق العمليات العسكرية في جيش الاحتلال، الجنرال يوآف مردخاي، أعلن فجأة عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة مدة أربع ساعات. وأوضح: «قررنا وقف إطلاق النار من جانب واحد كهدنة إنسانية تبدأ من الساعة الثلاثة مساء حتى السابعة»، بالتوقيت المحلي. وردت حماس على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري بوصفها التهدئة المعلنة من قبل إسرائيل بـ«استهلاك إعلامي ولا قيمة لها كونها تستثني المناطق الساخنة على حدود القطاع».
ونفذت إسرائيل خلال فترة التهدئة التي أعلنتها بنفسها مذبحة جديدة في سوق الشجاعية شرق غزة، وقال الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة إن «عدد الشهداء ارتفع إلى 17 مواطنا، وأصيب 200 آخرون، في المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في حي الشجاعية»، ومن بين الضحايا صحافيون ومسعفون وأطفال ونساء وشيوخ. وشوهدت الجثث ملقاة في الشارع وبينهم من لفظ أنفاسه أمام الكاميرات التي أظهرت كذلك آخرين وقد بترت أطرافهم جراء الانفجارات.
وكانت إسرائيل نفذت غارات مميتة، أمس، على مناطق أخرى في غزة وصفت بالأعنف أثناء فترة التهدئة المفترضة وقتلت آخرين ليبلغ عدد الضحايا 30 في غضون أربع ساعات وأكثر من مائة على مدار اليوم.
وتعهدت حماس بالرد، وقال فوزي برهوم الناطق باسم الحركة إن «مجزرة سوق الشجاعية تستلزم ردا مزلزلا». وكانت إسرائيل «دشنت» القصف أمس باستهداف مدرسة «أبو حسين» التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في مدينة جباليا شمال قطاع غزة، وهو ما خلف 19 قتيلا و90 جريحا. وقصفت المدرسة بوصفها هدفا من بين أهداف أخرى في مخيم جباليا، الذي يعد أكبر مخيمات اللاجئين في غزة ويعيش فيه 120 ألف فلسطيني.
وأدان المفوض العام لأونروا بيير كرينبول بشدة قتل المدنيين العزل المحتمين في المدرسة. وقال في بيان: «قتل الأطفال وهم نيام بجانب والديهم، على أرضية أحد الفصول الدراسية في أحد ملاجئ الأمم المتحدة المخصصة للنازحين في مخيم جباليا في غزة. أطفال يقتلون أثناء نومهم إنها صفعة وإهانة لنا جميعا، ووصمة عار على جبين العالم. اليوم يقف العالم مخزيا».
وأضاف كرينبول: «زارت الأونروا الموقع وجمعت الأدلة، وحللنا الشظايا وعاينا أدلة الحفر التي خلفها القصف وغيرها من الأضرار. ويشير تقييمنا الأولي إلى أن المدفعية الإسرائيلية هي من ضربت مدرستنا التي تأوي 3300 نازح جاؤوا يطلبون الأمن والأمان. وتقييمنا يشير إلى أنه كان هناك على الأقل ثلاث ضربات أصابت المدرسة». وتابع قائلا: «من السابق لأوانه إعطاء الأمم المتحدة إحصائية مؤكدة بعدد القتلى، ولكننا ندرك تماما أن هناك وفيات وإصابات كثيرة شملت النساء والأطفال وحارسا للأونروا والذي كان يحاول حماية الموقع. دعونا لا ننسى أن هؤلاء هم المدنيون الذين صدرت التعليمات لهم من قبل الجيش الإسرائيلي بإخلاء منازلهم».
وتابع البيان «لقد جرى إخطار الجيش الإسرائيلي بالموقع الدقيق لمدرسة إناث جباليا الإعدادية وبإحداثيتها، وجرى إخطارهم كذلك بأن المدرسة المذكورة تأوي الآلاف من النازحين. ولضمان حصانة وحماية المدرسة، فقد جرى إعلام الجيش الإسرائيلي بموقع المدرسة 17 مرة متتالية كانت آخرها الساعة التاسعة إلا عشر دقائق من مساء الأمس. ساعات قليلة قبل القصف المميت على المدرسة».
وأردف كرينبول «إنني أدين وبأشد العبارات الممكنة هذا الانتهاك الخطير للقانون الدولي من قبل القوات الإسرائيلية. هذه هي المرة السادسة التي تتعرض فيها واحدة من مدارسنا لضربة مباشرة.. إن موظفينا، الذين يقودون الاستجابة الدولية، يقتلون، وملاجئ الأونروا تفيض بالنازحين. عشرات الآلاف سيكونون قريبا في شوارع غزة، من دون طعام ولا ماء أو مأوى في حال استمر هذا الاعتداء».
وأكد كرينبول أن «الأونروا انتقلت بعد قصف المدرسة إلى حيز نطاق المساءلة والمحاسبة»، داعيا المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات سياسية دولية مدروسة ومقصودة لوضع حد لهذه الدمار المستمر.
كما وجه يان الياسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة انتقادات حادة لإسرائيل بعد قصفها المدرسة، وقال إن «كل شيء يشير إلى أن المدفعية الإسرائيلية أصابتها»، مضيفا أن الأمم المتحدة شعرت بالصدمة جراء هذا الهجوم. وأكد الياسون حديثه: «علينا أن نوقف هذه الأعمال المروعة فقد وصلنا إلى النقطة التي يجب على المرء أن يقول عندها كفى».
ورد الجيش الإسرائيلي على الأمم المتحدة بقوله إن «مسلحين قرب المدرسة أطلقوا قذائف مورتر على القوات الإسرائيلية التي ردت على القصف». وقالت متحدثة باسم الجيش «في وقت سابق من صباح اليوم (أمس) أطلق متشددون قذائف المورتر على الجنود من منطقة مجاورة للمدرسة في جباليا. وردا على ذلك قصف الجنود مصدر النيران ولا نزال نحقق في الحادث». واستهدفت إسرائيل إلى جانب مدرسة الأونروا مساجد ومشافي ومزيدا من منازل الفلسطينيين في خان يونس ورفح وجباليا والشجاعية وبيت لاهيا وبيت حانون ووسط القطاع.
وقصفت المدفعية الإسرائيلية والطيران، مستشفى القدس في حي تل الهوا، وعيادة «الشهيد خليل الوزير» في منطقة الشيخ عجلين في مدينة غزة، كما دمرت مسجد السوسي غرب غزة، ومسجد البشير شمال القطاع.
ودان الهلال الأحمر استهداف المجمعات الطبية، وطالب رئيس جمعية الهلال الأحمر، يونس الخطيب، بمحاسبة المسؤولين عن هذا الاستهداف، ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم، وفق القوانين الدولية.
ورفعت إسرائيل وتيرة القصف، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون إن «العملية العسكرية في قطاع غزة ستتواصل بقوة، وإن سلاح الجو سيعزز ضرباته الجوية الموجهة في القطاع بموازاة تقدم عملية تدمير الأنفاق».
وردت حماس والجهاد بقصف مدن إسرائيلية، بينها أشكول وعسقلان وبئر السبع وسديروت، وسدوت نيغيف. وأعلنت كتائب عز الدين القسام التابعة لحماس تفجير مبنى تحصن به جنود إسرائيليون شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، وقالت الكتائب في بلاغ عسكري إن «مقاتليها فجروا قبل ظهر أمس مبنى مفخخ بقوة إسرائيلية خاصة في بلدة الفراحين شرق خان يونس وتم تدميره فوق رؤوس القوة الصهيونية».
وأوضحت القسام أن مقاتليها استدرجوا وحدة خاصة قوامها بين 15 و20 جنديا إلى منزل مفخخ بـ12 عبوة برميلية، ثم فجر المنزل ليصبح أثرا بعد عين. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن «تسعة جنود أصيبوا بإصابات مختلفة وصلوا إلى مستشفى (سوروكا) في مدينة بئر السبع في حين وصل أربعة آخرين إلى مستشفى (برزلاي) في مدينة عسقلان، وتحدثت مصادر إسرائيلية عن مقتل خمسة منهم في مواجهات غزة».
مذبحتان إسرائيليتان في مدرسة للأونروا وسوق شعبية.. وسقوط أكثر من مائة فلسطيني
إدانة دولية لسادس استهداف لمدارس وكالة الغوث.. ومفوضها: أخطرنا الإسرائيليين 17 مرة بموقعها
مذبحتان إسرائيليتان في مدرسة للأونروا وسوق شعبية.. وسقوط أكثر من مائة فلسطيني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة