البيت الأبيض ينصح حكومة نتنياهو بألا تضر تصريحاتها بـ«مصالح شعبها»

مجلس الشيوخ الأميركي يصدر مشروع قرار لدعم إسرائيل

البيت الأبيض ينصح حكومة نتنياهو بألا تضر تصريحاتها بـ«مصالح شعبها»
TT

البيت الأبيض ينصح حكومة نتنياهو بألا تضر تصريحاتها بـ«مصالح شعبها»

البيت الأبيض ينصح حكومة نتنياهو بألا تضر تصريحاتها بـ«مصالح شعبها»

وصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الهند أمس ليبدأ زيارة رسمية تبعده لوهلة عن المشكلات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط وخصوصا الحرب على غزة. وتأتي زيارة كيري في وقت تزايدت الانتقادات الإسرائيلية ضده وأصبحت النقطة المحورية في الخلاف العلني بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلي حول الحرب في غزة. وصرح الناطق باسم البيت الأبيض جوش أرينست بأن «من مصلحة الشعب الإسرائيلي بألا تؤثر الكلمات الشديدة الموجهة لوزير الخارجية على قدرته بأن يكون داعما قويا لهم». وهناك ضغوط متصاعدة على الإدارة الأميركية أن تأخذ موقف أكثر شدة تجاه إسرائيل مع تفاقم أعداد الضحايا الفلسطينيين، لتفوق 1300 منذ بدء الحرب، وخصوصا بعد استهداف ست مدارس لـ«الأنروا» من قبل القصف الإسرائيلي. وقال أرنست: «من الواضح من التقارير التي نراها حول الضحايا المدنيين بأن هناك المزيد الذي يمكن للجيش الإسرائيلي بأن يقوم به لحماية المدنيين الفلسطينيين».
وقال روبرت دانين الزميل في مجلس العلاقات الخارجية، المعهد الأميركي النافذ، إن «الولايات المتحدة غير مرتاحة أبدا للتصريحات الناقدة لكيري»، مضيفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك جهودا إسرائيلية الآن للتراجع عن الانتقادات الشخصية ضد كيري بعد توتر الأوضاع». وحتى يوم أمس، لم تحدد وزارة الخارجية الأميركي الموعد المقبل لزيارة كيري للمنطقة، ولكن أكدت مصادر أميركية أن اتصالات كيري مستمرة مع نظرائه في المنطقة بحثا عن مخرج يحقق هدنة إنسانية. وأوضح دانين: «قبل أن يحاول كيري مرة جديدة أن يتوصل إلى حل، سيسعى إلى التأكد بأن إسرائيل سترغب بذلك أيضا».
ومساء أول من أمس، أصدر مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قرار يدعم إسرائيل في «حق الدفاع عن النفس» ويرصد خمسة ملايين دولار للحصول على معلومات حول مرتكب جريمة قتل الشباب الإسرائيليين الثلاثة الشهر الماضي. وتقدم السيناتور تيد كروز (جمهوري من ولاية تكساس) بمشروع القرار مساء أول من أمس وصادق عليه مجلس الشيوخ بالإجماع، ولكنه يحتاج إلى موافقة الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل أن يصبح قانونا. وكان من اللافت أن مشروع القرار يدين بشدة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ويعتبره «منحازا» بسبب انتقاده للحرب الإسرائيلية على غزة. كما يطالب مشروع القرار بتخصيص المزيد من الأموال لـ«القبة الحديدية» الإسرائيلية الذي تموله الولايات المتحدة ليخترق الصواريخ التي تطلقها حماس، وهو أمر أعلنت إدارة أوباما التزامها به.
وجاء القرار من مجلس الشيوخ الأميركي ليؤكد دعم الحزبين الديمقراطي والجمهوري لإسرائيل بعد غضب إسرائيلي من موافقة الولايات المتحدة على إصدار بيان رئاسي من مجلس الأمن ليل الأحد الماضي يطالب بوفق إطلاق النار. ويذكر أن الولايات المتحدة عادة ما تصد أي تحرك في مجلس الأمن يدين إسرائيل أو يحاسب تصرفاتها. وعلق دانين على قرار مجلس الأمن: «كلما تراجع الدور الأميركي في التوصل إلى حل في هذه القضية، تدخلت الأمم المتحدة بشكل أكبر.. في حال تركت الولايات المتحدة فراغا في هذه القضية، سيملأها مجلس الأمن وعلى إسرائيل أن تعي ذلك في هذه المرحلة».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.