فشل جهود كتلة «البناء» لتمرير الفياض بالأغلبية في البرلمان العراقي

عبد المهدي تجاهل تحذيرات الصدر

البرلمان العراقي يعقد جلسته الأولى في الموسم التشريعي الجديد في بغداد أول من أمس (رويترز)
البرلمان العراقي يعقد جلسته الأولى في الموسم التشريعي الجديد في بغداد أول من أمس (رويترز)
TT

فشل جهود كتلة «البناء» لتمرير الفياض بالأغلبية في البرلمان العراقي

البرلمان العراقي يعقد جلسته الأولى في الموسم التشريعي الجديد في بغداد أول من أمس (رويترز)
البرلمان العراقي يعقد جلسته الأولى في الموسم التشريعي الجديد في بغداد أول من أمس (رويترز)

عقب جلسة استمرت عدة ساعات للبرلمان العراقي أمس وجرى تأجيلها أكثر من مرة لمدة نصف ساعة لعدم اكتمال النصاب فشلت كتلة البناء التي تضم (تحالفات الفتح بزعامة هادي العامري ودولة القانون بزعامة نوري المالكي والمحور الوطني) في تحقيق الأغلبية البرلمانية التي تضرب من خلالها عصفورين بحجر واحد: تمرير فالح الفياض مرشحها الوحيد لوزارة الداخلية وتكريس نفسها كتلة أكبر.
الحشد المتقابل بين الكتلتين المتصارعتين «البناء» و«الإصلاح» التي تضم (سائرون بزعامة مقتدى الصدر والحكمة بزعامة عمار الحكيم والوطنية بزعامة إياد علاوي والنصر بزعامة حيدر العبادي) جاء لصالح الثانية التي نجحت في كسر النصاب بعد انسحاب النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي الذي ينتمي إلى التيار الصدري وعدد من النواب الآخرين، علما بأن كتلة الإصلاح كانت قد رفضت الدخول إلى القاعة. وفي الكافتيريا القريبة من القاعة الرئيسية للبرلمان كان هناك مشهد آخر يعكس حالة الفوضى واللاتوافق التي تعانيها الكتل السياسية برغم كل محاولات الترقيع التي تحاول إسباغها على مات عده توافقا كان قد جاء برئيس الوزراء عادل عبد المهدي بصرف النظر عن الكتلة البرلمانية الأكبر تحت قاعدة أن «العراق أكبر من الكتلة الأكبر».
وكانت مقدمات فشل جلسة أمس بدأت من أول من أمس عندما وجه زعيم التيار الصدري رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الأمر الذي حدا بالأخير لأن يبعث برسالة جوابية لكن ليس إلى الصدر وإنما إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي تتضمن موقفا معاكسا لما طلبه منه الصدر، وفي المقدمة منه عدم توزير وزراء بطريقة المحاصصة، في إشارة إلى الفياض المرشح لوزارة الداخلية وفيصل الجربا المرشح لوزارة الدفاع.
وقال مصدر سياسي، أبلغ «الشرق الأوسط» شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، إن «رسالة عبد المهدي إلى الحلبوسي التي جرى تسليمها ليلا بالطرق الطبيعية كانت خاصة بالبرلمان، غير أنها سرعان ما تسربت إلى بعض الأوساط السياسية ومنها إلى وسائل الإعلام، مما يدل على أن تسريبها كان مقصودا». ورداً على سؤال عما إذا كان التسريب من مكتب رئيس البرلمان أم مقربين من رئاسة الوزراء، أكد المصدر أن «رئيس البرلمان ليس من مصلحته تسريب الرسالة، بل إن التسريب جرى من جهات مقربة من رئاسة الوزراء، الأمر الذي أدى إلى تعقيد المشهد السياسي، لا سيما أن عبد المهدي لم يستجب إلى تحذيرات الصدر».
وفي هذا السياق، يقول السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي بشأن رسالة عبد المهدي لـ«الشرق الأوسط» إن «رسالة عبد المهدي تأتي بعد 24 ساعة على رسالة الصدر إليه ومع ملاحظة إنه تجاوز الإشارة إلى رسالة الصدر فيبدو أن نصف رسالته يرد على الصدر وبنفس القوة والحزم الذي تضمنته رسالة الأول». ويضيف الصميدعي أنه «في الوقت الذي يقول فيه عبد المهدي إنه قدم وجوهاً جديدة فإنه يتناسى أن جزءا كبيرا من المشكلة هو تقديم وجوه قديمة مجربة لا تنطبق عليها شروط المرجعية التي يوحي رئيس الوزراء برسالته أنه يعمل بهداها». ويشير الصميدعي إلى أن «عبد المهدي يضع نفسه طرفا محرضا في تفعيل الأزمة، متجاوزا حقيقة أنه شخصيا أحد أسبابها الرئيسية، فبإنكار أنه جاء توافقيا بين كتلتين وليس من كتلة أكبر لا يعطيه الحق أن يجعل منها كتلة أكبر والأخرى كتلة (أقلية) ويتهمها بأنها تريد السيطرة على كتلة أغلبية».
ويتابع الصميدعي أن «عبد المهدي وبخلاف ما عرف عنه أن الاستقالة في جيبه فإن رسالته أوضحت أنه يريد القول إن زمن الاستقالات قد ولى، وكأن كل الاستقالات القديمة كانت لأجل الوصول إلى رئاسة الوزراء».
إلى ذلك، أكد القاضي جعفر الموسوي المتحدث باسم مقتدى الصدر أن الأخير لا يدعم أي جهة سياسية في الحكومة الحالية. وقال الموسوي في بيان إنه «بات واضحاً أن تشكيل حكومة عادل عبد المهدي جاء من خلال التفاهمات والتوافقات التي عقدت ما بين أكبر كتلتين نيابيتين برلمانيتين هما الإصلاح والإعمار والبناء»، مبيناً أن «هذا التوافق ما بين الكتلتين نتج عنه تشكيل الكتلة الأكبر عدداً». وأضاف أن «الكتلة الأكبر عدداً كلفت عبد المهدي كمرشح مستقل»، لافتاً إلى أن «الكتلتين الكبيرتين تبنتا على أن يكون عبد المهدي حراً مطلق الإرادة باختيار وزراء حكومته لتشكيل وزارات تعبر عن تطلعات الشعب العراقي من جهة والمرجعية العليا من جهة أخرى». وأوضح أن «الاتفاقات الثنائية أكدت على أن تشغل الوزارات والمفاصل الأمنية من قبل مرشحين مستقلين مهنيين أكفاء»، مشيراً إلى أن «هذا ما سار عليه رئيس الوزراء بعد تقديمه 14 وزيراً وتم منحهم الثقة من قبل مجلس النواب بعد التصويت عليهم». وتابع المتحدث السياسي باسم الصدر: «هناك من يتمسك بالمحاصصة خلافاً للعهود والاتفاقات المعقودة»، منوهاً بأن «هذا يعتبر تحدياً لإرادة الشعب العراقي وتحدياً للمرجعية العليا». وأكد أن «الصدر لا يدعم أي جهة سياسية مشاركة في هذه الحكومة كونه يقف إلى جانب الشعب»، لافتا إلى أن «الصدر لن يقف إلى جانب هذه الحكومة إذا ما تحدت الشعب والمرجعية وسيكون له موقف كمواطن عراقي».
في سياق ذلك، حذر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي من الفوضى. وفي تغريدة له على موقع «تويتر» قال المالكي إن «مجلس النواب اليوم أمام اختبار حقيقي، إما أن يختار التصويت على الأسماء المقدمة من قبل رئيس الوزراء وفق السياقات الدستورية، أو الذهاب نحو الفوضى».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».