جورج وسوف يفتتح مهرجانات «أعياد بيروت» بقديمه وجديده

غنى من قلبه وشعر بالخوف في اللحظات الأولى من وقوفه على المسرح

جورج وسوف
جورج وسوف
TT

جورج وسوف يفتتح مهرجانات «أعياد بيروت» بقديمه وجديده

جورج وسوف
جورج وسوف

«ما شاء الله.. انبسطوا وبلا مشاكل كرامتي»، هي الكلمات التي توجه بها جورج وسوف إلى جمهوره ليلة افتتاحه مهرجانات «أعياد بيروت»، التي أقيمت على الواجهة البحرية، مساء أول من أمس.
فأمام جمهور غفير وصل عدده إلى نحو الثلاثة آلاف شخص، وقف المطرب جورج وسوف على المسرح مستندا إلى مقعد مرتفع، ومعتذرا من الحضور بالقول: «لا تؤاخذوني إذا اتكأت على المقعد، لأنني مضطر لذلك». وقبل إطلالته هذه قدمه الإعلامي نيشان ديرهاروتونيان بالقول: «مساء أعياد بيروت وعيد فطر مبارك، ورغم كل غصة نعيشها في غزة وفي ليبيا وفي العراق وفي سوريا، إلا أننا اليوم سنحاول أن نفرح من بيروت لا سيما أن هناك جمهورا كبيرا من سوريا. لقد طلب مني سلطان الطرب أن أقدمه بثلاث كلمات، وأنا ألبي رغبته، فأهلا وسهلا بأبو وديع». وبعدها اعتلى جورج وسوف خشبة المسرح وقد اصطحبه ابنه وديع، وبدأت الحفلة التي ينتظرها عشاقه منذ أكثر من ثلاث سنوات بتأخير عن موعدها نحو الساعة (في العاشرة بدلا من التاسعة)، وذلك على وقع تصفيق الجمهور وهو يصرخ: «أبو وديع.. أبو وديع».
«بيحسدوني» كانت أولى الأغنيات التي أداها جورج وسوف، وهو واقف وممسك بالميكروفون بيده اليمنى، وقد بدت يده اليسرى دون حراك إثر الجلطة الدموية التي أصيب فيها منذ ثلاث سنوات. بعدها اتكأ على المقعد الذي ثبت وسط المسرح، وأرسل بضع قبلات إلى محبيه وهو يردد: «ما شاء الله»، نظرا لهيبة منظر موجة بشرية ملأت المقاعد.
وبعدها كرت سبحة الأغاني التي تضمنها برنامج الحفلة، وبينها «جرحونا برمش عين» و«يا دنيا» و«اللي اديتهم زماني» و«خسرت كل الناس علشانو» وغيرها. وكان يلون لوحاته الغنائية بين الفينة والأخرى بقفشاته المضحكة المعروف فيها، ولم يتوانَ عن التعليق على أداء بعض معجبيه، إذ توجه بالقول لأحدهم الذي لم ينفك يرقص ويقفز من على مقعده حماسا: «فيك تروق شوي كل ما عم اتطلع فيك بنأذ... هلّق بعزمك لعندي بس روق واقعود». وعندما حصل إشكال بين اثنين من محبيه موجودين في المقاعد الخلفية، صرخ بهما قائلا: «كرامتي فكوها وبلا مشاكل وانبسطوا في هذه الليلة».
ثم أدى موال عتاب تلاه أغنية «لهجر قصرك وارجع بيت الشعر». بعدها حاول الاستفهام عن الأوضاع الجارية من ناحية المقاعد الخلفية، مستفسرا عنها بالقول: «شو كيف الأحوال فوق؟»، وعندما اطمأن، أكمل السهرة بأغنية «اللي اديتهم زماني» لتتقدم منه فتاة صغيرة تعثرت وهي تحاول تقديم باقة ورد له، فحضنها قائلا: «دعوا الأطفال يأتوا إليّ». ثم تابع ليؤدي باقة من أغانيه القديمة استهلها بـ«حلف القمر»، ومن بعدها «لو نويت»، فهب الناس يصفقون ويتمايلون مع نغماتها، وهم يرددون كلماتها، ويهتفون مرة جديدة باسمه.
بدا جورج وسوف متأثرا وسعيدا أثناء الحفلة، وأعطى ملاحظاته عن الصوت أكثر من مرة، وكان بين الحين والآخر يرتشف الماء ويمسح عرقه وهو يسأل الجمهور إذا ما شعر بالملل أو بالحر لشدة ارتفاع حرارة الطقس ونسبة الرطوبة. وفيما كان صوته جارحا في البداية ما لبث أن أصبح ثابتا أكثر قوة ونقاوة بعد مرور بعض الوقت على أدائه، ثم لوحظ انسجامه التام في الغناء والطرب أثناء أدائه أغاني الراحلة أم كلثوم.
وكان قبيل صعوده المسرح قد شعر بتوتر كبير بان جليا عليه، وعندما سأله الإعلامي نيشان ديرهاروتونيان في الكواليس عما إذا كان خائفا، رد قائلا: «هؤلاء الذين ينتظرونني في الخارج هم (حبايبي والغاليين على قلبي)، لقد جاءوا يشاهدونني بعد كل هذا الغياب، فكيف لا أخاف والمسؤولية بهذا الحجم؟».
وكان لأغاني أم كلثوم الحصة الكبرى من برنامجه الغنائي في القسم الأخير من الحفلة، التي حضرها إضافة إلى المعجبين فيه حشد من أهل الصحافة والفن، فاستهلها بأغنية «لسه فاكر» بعدها علق بالقول: «قلبي فرحان»، لينشد إثرها واحدة من أشهر أغاني القدود الحلبية: «قدك المياس يا عمري»، وليطلب من عازف الكمان في فرقته أن يرقص على أنغامها، فاشتعلت الأجواء بحماس الجمهور الذي راح يرقص بدوره، وهو يردد معه كلمات الأغنية.
ومن ثم غنى «بتعاتبني على كلمة»، وليتبعها بأغنيتي «إنت عمري»، و«بعيد عنك». عندها اعتقد الجمهور أن وصلته الغنائية انتهت، فراح يطالبه بالمزيد، فبادرهم بالقول: «لم أنته بعد ما تخافوا»، ولينشد أغنية الختام «الهوى سلطان».
وودع جورج وسوف جمهوره بالقبلات التي راح يرسلها إليهم بالهواء ويوزعها بيديه، متمنيا للجميع ليلة سعيدة.



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».