السلطات التونسية تفكك أربع خلايا نائمة كانت تخطط لعمليات إرهابية

إحباط هجمات ضد أهداف حيوية باستخدام الدهس والطعن والتفجير عن بعد

ضباط أمن تونسيون خلال إحدى المداهمات («الشرق الأوسط»)
ضباط أمن تونسيون خلال إحدى المداهمات («الشرق الأوسط»)
TT

السلطات التونسية تفكك أربع خلايا نائمة كانت تخطط لعمليات إرهابية

ضباط أمن تونسيون خلال إحدى المداهمات («الشرق الأوسط»)
ضباط أمن تونسيون خلال إحدى المداهمات («الشرق الأوسط»)

كشفت وزارة الداخلية التونسية عن مجموعة من المخططات لتنفيذ هجمات إرهابية في تونس، من خلال اللجوء إلى الدهس والطعن والتسميم والتفجير عن بعد، وأكدت الكشف عن 4 خلايا إرهابية نائمة، واعتقال 12عنصراً إرهابياً، والكشف عن مخبر لصنع المواد المتفجرة والغازات السامة، وكمية من المواد الأولية والإلكترونية. وتمكنت أجهزة الأمن المختصة في مكافحة الإرهاب، خلال الحملة الأمنية الاستباقية نفسها، من ضبط كمية مهمة من المواد المتفجرة والكيماوية والغازات السامة، وقطع إلكترونية مختلفة، وطائرة من دون طيار من نوع «درون» تستعمل في التفجير عن بعد.
وفي غضون ذلك، تعرضت دورية أمنية إلى هجوم مسلح في منطقة القصرين (وسط شرقي تونس)، وإن لم يسفر عن قتلى في صفوف الأمنيين، فقد أصابت رصاصة طائشة أحد المارة، وهو موجود في حالة صحية مستقرة بإحدى المؤسسات الاستشفائية. وتجري عمليات ملاحقة للعناصر الإرهابية من قبل الوحدات الأمنية.
وتتحصن عناصر مسلحة في الجبال القريبة منذ 2011، وتقوم من حين لآخر بعمليات سطو في المناطق السكنية القريبة، أو شن هجمات مباغتة على دوريات أمنية.
وتأتي هذه التحركات الأمنية المكثفة إثر الهجوم الانتحاري الذي نفذته الإرهابية التونسية منى قبلة في وسط العاصمة التونسية يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأدى إلى إصابة 15عنصر أمن و5 مدنيين بجراح متفاوتة الخطورة. وفتحت هذه الانتحارية الأبواب أمام أجهزة الأمن التونسية لمزيد من التحري، وضبط قائمة المشتبه بهم في عالم الإرهاب، خصوصاً من الخلايا الإرهابية النائمة، إذ إن منى قبلة لم تكن معروفة أمنياً، ولم تسجل ضدها أي قضية إرهابية في السابق.
وأفضت الأبحاث والتحريات الأمنية التي قادتها أجهزة مكافحة الإرهاب إلى أن انتحارية شارع بورقيبة قد تبنت الفكر التكفيري، وبايعت تنظيم داعش الإرهابي، وارتبطت بعلاقات بقيادات هذا التنظيم بالداخل والخارج عبر الفضاء الافتراضي، ومن خلال استعمال حساب وهمي باسم مذكر، واطلعت على كيفية صنع المتفجرات، وتمكنت بمفردها من إعداد عبوة تقليدية استعملتها في عملية التفجير المذكورة.
وفي هذا الشأن، دعا علية العلاني، الخبير في الجماعات الإرهابية، إلى تحديث سجلات وزارة الداخلية، وعدم الاكتفاء بالأسماء الإرهابية المعروفة، إذ إن عدداً مهماً من المشتبه بهم، ممن يقدمون الدعم المادي والمعلوماتي (تحركات الأمنيين والعسكريين ونقاط تواجدهم)، غير معروفين لدى أجهزة الأمن، وهو ما يعقد ملف التعاطي مع ظاهرة الإرهاب.
وأشارت مصادر أمنية تونسية إلى تفادي تونس عدداً كبيراً من المخططات الإرهابية، قبل أقل من سنة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وفي ظل صراعات سياسية مبكرة بين الفرقاء السياسيين، مما أدى إلى تأزم الوضع السياسي والاجتماعي، وهو ما ينعكس على أمن تونس واستقرارها.
وبشأن الخلايا الإرهابية التي تم الكشف عنها، أكدت مصادر أمنية تونسية أن العناصر المنتمية لتلك الخلايا الإرهابية تولت التخطيط والتنسيق مع عناصر قيادية إرهابية متحصّنة بالجبال التونسية (الكاف وجندوبة والقصرين على وجه الخصوص)، لتنفيذ سلسلة من الهجمات الإرهابية النوعية والفردية، وذلك من خلال استهداف منشآت حيوية بالبلاد، على غرار الدهس والطعن والتسميم والتفجير عن بعد، قبل الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية المتحصنة في الجبال الغربية للبلاد.
وفي ما يتعلق بالهجوم الإرهابي الذي استهدف دورية أمنية في منطقة القصرين (وسط شرقي تونس)، قال سفيان السليطي، المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، إن قوات مشتركة بين الأمن والجيش بصدد ملاحقة العناصر الإرهابية المهاجمة التي استعملت دراجتين ناريتين في هجومها وكانت ملثمة. وأصيب تونسي إصابة مباشرة كانت على مستوى الرقبة والفم، ولم يسفر الهجوم عن خسائر بشرية أو مادية أخرى.
ولم تحدد كل من وزارتي الداخلية والدفاع عدد العناصر الإرهابية المشاركة في هجوم «القصرين»، غير أن شهود عيان أشاروا إلى مشاركة 4 عناصر إرهابية على الأقل، وأكدوا استعمال أسلحة من نوع كلاشينكوف في الهجوم، وأطلقوا النار على الدورية الأمنية، قبل أن يلوذوا بالفرار إلى الجبال المجاورة.
ومنذ ثورة 2011 في تونس، تزايد عدد الهجمات الإرهابية التي طالت عناصر الأمن والجيش ومنشآت سياحية، و«صدرت» تونس آلاف الشبان إلى بؤر التوتر خارج البلاد، خصوصاً إلى ليبيا وسوريا والعراق،
وقدرت أوساط حكومية عددهم في أحدث الأرقام التي قدمتها بنحو 3 آلاف شاب، غير أن مراكز بحوث مختصة في عالم الإرهاب أكدت في تقاريرها أن العدد أكبر من ذلك بكثير. وعلى المستوى الداخلي، أكدت مراكز البحث نفسها أن ما يتراوح بين 300 و400 خلية إرهابية لا تزال تنشط في تونس، وهي تمثل الحاضنة الأساسية لـ«تفريخ» العناصر الإرهابية.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».