ميغان أوسوليفان
بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
TT

ترمب وبوتين في قمة العشرين

لو أن أحدا سألك عن أهم اجتماعات قمة العشرين التي جرت في الأرجنتين فربما لن يكون العثور على إجابة بالأمر الهين. لكن ربما يكون لديك من الأسباب ما يدعوك مثلاً لاختيار اجتماع الرئيس ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ، أو لقاء توقيع «اتفاقية التجارة الحرة بين دول أميركا الشمالية» (نافتا).
ينبغي علينا التركيز على ما سيحدث بعدما يجلس ترمب وشي جينبينغ على الطاولة. فاحتمالات نزع فتيل الحرب التجارية تبدو ضعيفة، لكنا نستطيع تخمين أن الصينيين باتوا يفكرون بجدية في استغلال اندفاع الرئيس الأميركي وفي نقص المعالجات السياسية في بلاده. فربما قدموا لترمب اتفاقية يحفظ بها ماء وجهه لتقليص التعريفات الجديدة. لكن ذلك سيضايق مستشاريه الذين يتطلعون إلى «فك الارتباط» بين اقتصادي الدولتين، وإن كان هذا المقترح سيروق لترمب نفسه لأنه يتطلع إلى تحقيق مكاسب سريعة. والاحتمال الأرجح هو أن الاجتماع سيؤدي إلى المزيد من التوتر والمزيد من التعريفات.
ربما فكر المرء في أن توقيع اتفاقية «نافتا» سيكون سبباً للاحتفال، لكن هناك على الأقل فرصة ولو ضئيلة في أن ذلك قد لا يحدث. فرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو تسبب بالتشكيك في جدوى ذلك الخليط الدولي بإعلانه عن بعض القضايا العالقة التي لم تحل بين الولايات المتحدة وكندا، علاوة على ضجر كندا من استمرار فرض التعريفات الأميركية على واردات الحديد والألمونيوم.
وبافتراض أن هذا قد حدث، فمن غير المرجح أن يكون ذلك لقاء بين قادة الدول أنفسهم. ففي بداية الشهر الحالي، صرح السفير الكندي لدى الولايات المتحدة، ديفيد ماكنتون، بأنه في حال استمرت التعريفات على الحديد، فإن أنسب شخص لتوقيع اتفاقية «نافتا» من الجانب الكندي هو «السكرتير الرابع في سفارة كندا في بوينس آيرس».
سيكون التوقيع مع قدر من عدم الاحترام أفضل من المزيد من التأجيل. فالرئيس المكسيكي الجديد، أندرياس مانويل لوبيز أوبرادو، سيتولى مهام منصبه اليوم السبت. وسينطوي الأمر على قدر بسيط من التفاؤل لو أننا تخيلنا أن موقفه السابق تجاه اتفاقية «نافتا» سيجعله يضع توقيعه على اتفاق جديد في هذا الصدد.
لكن اللقاء الذي كان من المتوقع أن تكون نتائجه السلبية كبيرة، لقاء ترمب وبوتين، قد ألغي من قبل ترمب. إن توجيه رسالة قوية إلى بوتين عقب إقدام روسيا على الاستيلاء على زوارق أوكرانية في مخالفة للقوانين الدولية أمر مهم للأمن والسلام العالمي. فقد كنت أكتم أنفاسي خلال العالمين الأولين لترمب في الحكم لأني كنت أتوقع معارضة الأميركيين واستغلالهم لحالة الخلاف الداخلي، ومن ثم العمل ضد مصالح الولايات المتحدة. صحيح كانت هناك نقلة قوية لروسيا تجاه الشرق الأوسط، وهناك خطاب عدواني يخرج من إيران ومن كوريا الشمالية وفنزويلا وغيرها، لكن لم يكن هناك تصعيد عنيف أو اختبار صريح لرد فعل الولايات المتحدة. وهذا ما يجعل الإنسان يرى أن هذا من حسن حظنا. لكن علينا أيضاً القول إن طبيعة ترمب كانت سبباً في تحجيم كل من يرغب في اختبار حدود غضب الولايات المتحدة.
قد يكون الحظ أو مرحلة الخوف قد ولت، وعلينا هنا أن نقول إن دفع بوتين للحدود المعقولة هو ما سعى بوتين نفسه إليه بالضبط في البحر الأسود، الأحد الماضي. وإن استمر ترمب في مواجهة التدخل الروسي في الداخل والخارج بصمت، فسيسهل على بوتين توقع تصرفاته.
يمثل الوقت الراهن مرحلة تاريخية للرئيس الأميركي ليقدم رسالة قوية عامة وشخصية إلى بوتين. سيعقد ترمب الاجتماع وسينتقد بوتين صراحة وقد يهدد بفرض المزيد من العقوبات في حال لم تحل الأزمة الجارية فوراً. لكن لو أن ترمب، ولأي سبب، لم ير جدوى في ذلك، فسيكون إلغاء الاجتماع هو الخطوة التالية.
إن أي صورة تجمع بين ترمب وبوتين الآن قد يكون لها نتائج سيئة لأنها ستفتح الباب أمام مستوى جديد من التصرفات الروسية.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»