الطائف... مدينة الورود الجميلة!

تبقى في الذكرى والذاكرة مدن كثيرة مررنا بها أو زرناها ذات يوم. وتبقى مدينة الطائف من بين أهم وأولى هذه المدن أو تلك.
وكانت زيارتي لمدينة الطائف من أجمل الزيارات التي قمت بها لهذه المدينة الرائعة، والتي تفوح منها رائحة الورد في كل مكان؛ ولذلك فقد قضيت وقتي بين حضور فعاليات سوق عكاظ الشهير، وكنت في الوقت ذاته، أزور مدينة الطائف الجميلة وما بها من عجائب تثير الخيال وتثري الوجدان وتغذي الإحساس.
وقد قام الأمير سلطان بن سلمان رئيس اللجنة العامة للسياحة والتراث القومي بتكليف السيد/ عبد الله الدوس، مدير التسويق بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني؛ كي يكون مرافقاً لي أثناء زيارتي للمتاحف وسوق عكاظ. وأقول إن السيد/ عبد الله الدوس كان نعم الرفيق. واستطاع خلال مدة بسيطة أن يجعل رحلتي ثقافية ومفيدة للغاية؛ مما جعلني أزور وأتعرف من خلالها على الكثير من الأماكن التاريخية المهمة في المدينة. ومن لم يَزُر الطائف، فلن يعرف المملكة على حقيقتها؛ لأن معظم زائري المملكة يقصرون زيارتهم على مكة المكرمة والمدينة، وهما مهمتان بالطبع، بالإضافة إلى مدينتي جدة والرياض. غير أن الطائف لها وضع خاص؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد وهبها اعتدال المناخ وجمال الطبيعة. وتعرف أرضها النقية بأنها تخرج لنا روائع نقية ليس لها مثيل في العالم كله.
وتشتهر مدينة الطائف بالكثير من المنتجات التي تميزها عن غيرها مثل «البرشومي»، والذي يُعرف بمصر بـ«التين الشوكي»، والتين البلدي والرمان. وتنتشر زراعة العنب أيضاً في كثير من الأراضي التي تقع جنوب الطائف. وقد وصف الكاتب أمين الريحاني في كتابه «ملوك العرب» أهمية الرمان وشهرته. وتشتهر منطقة الشفا بالكثير من أجود أنواع الفاكهة مثل المشمش والتين الشوكي؛ ولذلك سوف نجد أن سحر الطائف ليس له مثيل، سواء في جمال جوها البديع أو فيما تنتجه من ورود مما جعل منها مدينة الورود بامتياز.
وتوجد بالطائف أيضاً منطقة شهيرة يقال إن اسمها العلمي «فوهة الوعبة». وهي فوهة بركان خامد منذ آلاف السنين. وتستغرق المسافة نحو ثلاث ساعات لزيارة هذه الأماكن باتجاه الرياض نحو قرية أم الدوم. وسوف يجد الزائر أن فوهة البركان قد كُسيت بطبقة ملحية بيضاء اللون؛ وذلك بسبب تبخر مياه الأمطار. وإذا واتتك الفرصة لزيارة فوهة البركان، فسوف ترى شيئاً مهماً من أهم ما يمكن أن تراه في المملكة.
ويطلق على الطائف أيضاً أسماء «عروس المصايف» و«بستان مكة». وكانت مقراً للحكومة، في وقت من الأوقات. وبعد ذلك، انتقل المقر الصيفي إلى مدينة جدة. وهناك شهرة لعسل الطائف. وهناك نوعان من هذا العسل: العسل الصيفي والعسل الشتوي. وتشتهر الطائف أيضاً بالسمن. وهناك سمن بعلب ذات لون أخضر أو أصفر. وهناك أيضاً لوز الطائف المنتشر في الجنوب.
وتمتاز الطائف بكثير من الأماكن السياحية. وقد زرت منها قصر «شبرا الجميل»، والمنطقة التاريخية التي تقع وسط الطائف والمساجد القديمة في المثناة، بالإضافة إلى وجود متحف تراثي جميل داخل مدينة الطائف القديمة. وهناك أيضاً مصنع الورد الذي يُعتبر من أجمل ما رأيت في حياتي، خصوصاً عندما تشاهد هناك الورد، وكيف أن خمسة عشر ألف وردة تنتهي لتصبح قارورة ذات روائح جميلة تشتهر بها مدينة الطائف العاطرة.
وهناك أماكن أخرى سياحية لم أزرها، منها متنزه الردف، والمتحف الوطني، ومتحف أصالة الماضي. وأخيراً هناك مجمع قلب الطائف. وهناك أيضاً طريق الجمالة، ومناطق النقوش الصخرية. ويقام هناك كثير من المهرجانات مثل المهرجان الشتوي، والمهرجان الصيفي، ومهرجان العسل، ومهرجان الورد. وتمتاز الطائف بأنها نموذج جميل يُحتذى لأي مدينة تشتهر بالزهور والعطور والجمال في العالم كله.
إنها مدينة الطائف الجميلة ذات العطور الطيبة التي استراح بها ذات يوم رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فهلت عليها البركة وتعطرت بعطره الطيب صلى الله عليه وسلم.