مسرحية «ولَّع»... كوميديا ساخرة تعكس الأوضاع المتردية في ليبيا

تجاوزت الحركة المسرحية في ليبيا حدود الارتباك السياسي، وانطلقت برغم قلة الموارد وضعف الإمكانيات لتُعبّر بوضوح عن معضلات الحياة اليومية في مزج بين الكوميديا الهادفة والسخرية اللاذعة، وتعبُر بالمواطن من مشكلاته الضيقة المتعلقة بقسوة المعيشة، إلى عوالم من السعادة والبهجة، مروراً «بالهمّ الجمعي» الذي تجسده مسرحية مثل «ولّع».
و«ولّع» مسرحية اجتماعية سياسية ذات طابع كوميدي ساخر، من تأليف وإخراج مفتاح المصراتي، ويشارك في تقديمها مجموعة من الفنانين الليبيين، من بينهم الممثل بشير الأجنف، وتعرض على المسرح الوطني في مدينة مصراتة (200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس) في قالب ينتمي إلى مدرسة المسرح الفقير بديكورات بسيطة دون تكلف.
والمسرح الفقير يعتمد على مهارات الممثل جسدياً ونفسياً، ويعرف أيضاً، بحسب متخصصين، بالمسرح النقي، ويتخلى عن الوسائل والأدوات المسرحية، أو الاستغناء عنها بشكل كامل مقابل الاعتماد على الفنان.
وتحمل المسرحية، في طياتها رسائل كثيرة، وإسقاطات سياسية عميقة، تتعلق بوضع راهن تمر به ليبيا، منذ 7 سنوات قست فيه الحياة على مواطنين كثيرين، فضلاً عن أن العمل يُسلط الضوء بشكل لا يخلو من فكاهة ومرح على الأوضاع الاقتصادية للبلاد.
و«ولّع» بحسب مؤلفها، اسم يعكس الأوضاع الملتهبة في البلاد، من انفلات أمني، وغلاء للأسعار، وارتفاع مستوي المحسوبية والواسطة، مروراً بفساد إداري ومالي، بشهادات أجهزة حكومية.
وقال الفنان بشير الأجنف لفضائية (218) الليبية، «البلد مولعة» على كل المستويات، ومن هنا جاء اسم المسرحية التي ألفها الفنان مفتاح المصراتي، مشيراً إلى أن «ولّع» شخصية محورية في العمل، ومن سماته أنه يقول الحق، ولا يخاف أحداً، ويستطيع أن يصارح الجميع بما يدور في خاطره».
ولفت الأجنف إلى أن حضور الجمهور للعرض كان جيداً، وأن إدارة المسرح حرصت على أن تكون التذكرة بسعر رمزي، لا يتجاوز ثلاثة دينارات، بهدف إتاحة الفرصة للمواطنين مشاهدة العرض، واجتذاب شرائح جديدة إلى المسرح للتثقيف، والترفيه عليهم أيضاً.
وتتجاوز الحركة المسرحية في ليبيا الخلافات والانقسامات في البلاد، منذ رحيل نظام القذافي عام 2011. بعروض دائمة، ونشاط ملحوظ، في المدن الكبرى، مثل طرابلس، وبنغازي، ودرنة وسرت، وغيرهم.
وفرقة المسرح الوطني بمصراتة لها نشاط ملحوظ خلال السنوات الماضية، وهو ما تجسد مؤخراً في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، عندما حازت مسرحية «السقالة» على جوائز عدة، من بينها شهادة تقدير للفنان أنور التير، وجائزة أفضل إضاءة لنبيل الطويل، وهي من إخراج عبد الوهاب الحداد، وبطولة أنور التير، وأحمد العيساوي، وجمال السباعي.