مصر: الاستثمارات الأجنبية المباشرة الحل للخروج من «المعادلة الاقتصادية الصعبة»

توقع حسين شكري، رئيس مجلس إدارة «إتش سي» للأوراق المالية والاستثمار، زيادة كبيرة في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر خلال عامين أو 3 أعوام على الأكثر، حتى ترتقي لحجم الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة التي تتبعها البلاد منذ 3 أعوام، ولتساهم في حل المعادلة الصعبة في الاقتصاد المصري.
وقال شكري لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع زيادة كبيرة جداً في الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عامين لـ3 أعوام، حتى ترتقي لحجم الإجراءات الإصلاحية».
وتواجه مصر معادلة اقتصادية صعبة تمنعها من خفض الفائدة لدعم مناخ الاستثمار، وتشجيع الاستثمارات المحلية، آخذة في الاعتبار المحافظة على جاذبية السوق المصرية، وسط أزمة الأسواق الناشئة. وهي تواجه أيضاً معضلة في رفع أسعار الفائدة لتقليل التضخم، وهو ما يتعارض مع مبدأ تحسين مناخ الاستثمار المحلي، فضلاً عن الضغوط التي تتكون على الموازنة العامة.
وأضاف شكري، في تصريحات خاصة، أنه في «كل مرة يتم فيها رفع الفائدة الأميركية، تضوع ضغوط على عملات الدول الناشئة، خصوصاً الدول المديونة التي لديها عجز في الحساب الجاري»، مشيراً إلى أن وضع مصر سيتأثر بالتأكيد بتلك التحركات الأميركية، قائلاً: «حل كل هذه المشكلات (معضلة أسعار الفائدة)، والخروج من تلك الدائرة (الفائدة وعجز الموازنة)، هو: الاستثمارات المباشرة»، مؤكداً أهمية عدم ثبات حركة العملة في أثناء تحرك الفائدة الأميركية، موضحاً: «لا بد من المرونة في حركة العملة في هذه الأثناء». غير أنه أشار إلى التقدم الملموس في الاقتصاد المصري، مقارنة بدول المنطقة التي لها الأوضاع الاقتصادية نفسها.
وأقرت مصر تشريعات مهمة خلال العامين الماضيين، شملت قانون الاستثمار الجديد، وقانون الإفلاس الجديد، وقانون تنظيم أنشطة سوق الغاز الطبيعي، وقانون الشركات الجديد.
وعن تداعيات قرار التعويم بعد مرور عامين، قال رئيس أحد أكبر بنوك الاستثمار في مصر إن «التعويم أهم قرار في حزمة الإصلاح الاقتصادي التي بدأت منذ عامين، ومستمرة حتى الآن (...) كان قراراً حتمياً (...) من أجل أن تستمر مصر، كان لا يمكن أن تواصل بسعر صرف لا يعبر عن حقيقة الوضع الاقتصادي، وقيمة العملة الحقيقية».
وأضاف شكري أنه «لو لم يُتخذ قرار التعويم، لكان الوضع حالياً أسوأ، لأن البلاد كانت ستصل إلى مرحلة عدم القدرة على جذب أموال بالعملة الصعبة لتلبية احتياجات البلاد».
وعن تقييمه لنتائج التعويم بعد عامين، قال شكري إنه «تم بنجاح... رغم التبعات التي خلفها، مثل ارتفاع معدل التضخم، ومعاناة عموم المصريين... إلا أن التدفق الذي نتج عن تعويم الجنيه رفع حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي، مما أمن لمصر وارداتها فوق مستوى الخطر المحدد بـ3 أشهر». غير أنه قال إن قرار التعويم «خطوة على بداية الطريق، وليس نهايته»، في إشارة إلى دور الحكومة في تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في السوق، فضلاً عن جذب استثمارات أجنبية جديدة، الأمر الذي يوفر فرص عمل تنخفض معها معدلات البطالة، ويرفع معدلات النمو.
وأشار شكري إلى الجزء المتبقي من الإصلاح الاقتصادي، المتعلق بـ«الإصلاح المؤسسي»، مشيراً إلى أهمية «إصلاح الجهاز الإداري، وتقليل الفساد، ووضع المسؤول المناسب في المكان المناسب، والقضاء على البيروقراطية، فضلاً عن التدريب». وأشاد بوزير الكهرباء والطاقة المتجددة، محمد شاكر، الذي من خلال عمله قضى على أزمة الكهرباء، مشيراً إلى أن بعض الوزارات تعمل بجهد، لكنها لم تقضِ على المشكلة الرئيسية في القطاع التي تعمل فيه.
ولفت شكري إلى مخاطر حجم الديون المحلية، الذي بلغ نحو 3.5 تريليون جنيه ونحو 92 مليار دولار ديوناً خارجية، وقال: «لا بد من السيطرة على حجم الديون الكلية، وبأسرع وقت»، مقترحاً جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية للبلاد، مما قد يرفع الضغط على الجنيه المصري، الأمر الذي يتبعه خفض الفائدة، ومن ثم زيادة معدلات النمو.
وأمس (الجمعة)، أعلنت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، ارتفاع معدل النمو الاقتصادي، ليبلغ نسبة 5.3 في المائة في الربع الأول من العام المالي الحالي (2018 – 2019)، وذلك مقارنة بنسبة 5.2 في المائة عن الربع الأول من العام المالي الماضي (2017 – 2018).
وفي ما يخص معدلات النمو القطاعية، بلغت نسبة نمو قطاع الغاز 21.8 في المائة، إلى جانب قطاعات الاتصالات بنسبة 16.5 في المائة، وقناة السويس بنسبة 12.3 في المائة، والتشييد والبناء بنسبة 6 في المائة.
وأشارت السعيد إلى أن نحو 73 في المائة من المساهمة في الناتج المحلي تأتي من قطاعات الغاز بنسبة 13 في المائة، و10 في المائة لقطاع تجارة الجملة والتجزئة، و9 في المائة و7 في المائة لقطاعات الزراعة والاتصالات على التوالي.
وحول تطور الصادرات غير البترولية، قالت الوزيرة إن معدل نمو الصادرات غير البترولية شهد ارتفاعاً بنسبة 1.3 في المائة، ليبلغ 5.5 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي الحالي.
وأبقى البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة الأساسية لليلة واحدة مستقرة مساء يوم الخميس، قائلاً إن السياسة النقدية «التقييدية» التي ينتهجها نجحت في احتواء ضغوط التضخم الأساسي في الاقتصاد. وأبقى على سعر فائدة الإيداع لليلة واحدة عند 16.75 في المائة، وسعر فائدة الإقراض 17.75 في المائة.
وارتفع التضخم السنوي للأسعار في المدن بأكثر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، مسجلاً 17.7 في المائة ارتفاعاً، من 16 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وبلغ التضخم الأساسي 8.86 في المائة.