التأجيل

لا يوجد دوري في العالم ليس فيه تأجيل أو تغيير مواعيد، حسب الظروف التي تطرأ على البلد من أحوال جوية أو ثلوج أو سيول أو تأهل المنتخب مثلاً لبطولة عالمية، وسبق أن شاهدنا الأسبوع الماضي تحديداً تأجيلاً ليوم واحد فقط لمباراة القرن بين ريفر بليت وبوكاجونيورز في ذهاب نهائي كأس الليبرتادوريس بسبب الأمطار الهائلة التي هطلت على الأرجنتين، لكن المنطق يقول إن التأجيل «أمر طارئ» يحدث لأسباب طارئة، فلا يمكن الحديث عن تأجيلات بسبب بطولة كأس العالم أو أمم آسيا مثلاً؛ لأنها بطولات معروفٌ توقيتها منذ سنوات، وبالتالي يتم إعداد الروزنامات بناء على التنسيق بين المحلي والقاري والعالمي حتى الإقليمي مثل كأس الخليج، ولكن أن نقول إن هناك تأجيلاً بسبب أمم آسيا، فهذا لا يمكن اعتباره إلا عدم تخطيط مسبقاً، وإن تم التأجيل بعد تأكيد الجداول، فهذا يعني عدم منح الأندية جميعها نفس الفرص المتكافئة للمنافسة في البطولة المحلية...
ويمكن فهم التأجيل «الطارئ» لو تأهل ناد لنصف نهائي أو نهائي بطولة مثل أندية آسيا أو كأس زايد للأندية الأبطال، وبالتأكيد يجب مراعاة ظروف الطرف الثاني في التأجيل، الذي لا ذنب له في التأخير سوى ظروف منافسه، وقد يكون التأجيل في مصلحة المنافس أساساً (وقد لا يكون)، ولكن من حق الطرفين ومن حق الجمهور ومن حق الإعلام ومن حق الناقل الرسمي حتى من حق المعلن أن يعرف الموعد الجديد للمباراة المؤجلة، لا أن يتم تركه غامضاً ووفقاً للظروف، فقد يكون الموعد الجديد هو السبب في تحديد مصير أحدهما (على العكس من الموعد الأصلي)، وقد يكون أحد الطرفين وقتها ناقص الصفوف أو لديه غيابات قسرية حتى إنذارات تبعد أفضل نجومه عن المواجهة، وبالتالي قد لا تتحقق العدالة المنشودة.
هذا الكلام عبّر عنه رئيس هيئة الرياضة المستشار تركي آل الشيخ حول عدم تحديد موعد لمواجهة الاتحاد بالأهلي وتركه مفتوحاً، عندما غرد بقوله: «غير مقبول من وجهة نظري تأجيل مباراة الأهلي والاتحاد إلى وقت غامض! وإذا كان التأجيل مبرراً فيجب تحديد وقت قبل فترة التسجيل».
وحتى أكون أكثر شفافية، أجد أن التأجيل الجزئي خلال أمم آسيا أيضاً قد لا يكون منصفاً لكل الأندية التي لديها لاعبون في المنتخب السعودي وغير السعودي من المنتخبات المشاركة في النهائيات ويلعبون في الدوري السعودي، وأيضاً اللاعبون الذين قد يشاركون دولهم في تصفيات أمم أفريقيا أو سيشاركون منتخبات بلادهم في استحقاقاتهم الدولية أو أيام «الفيفا» الإجبارية....
التأجيل في مسابقات كرة القدم شرّ لا بد منه، ولكن تحديد المواعيد بدقة أهم منه، ومصدر عدالة «نسبية» للجميع؛ لأن العدالة المطلقة بعد التأجيلات... مستحيلة.