ماكرون: فرنسا ليست دولة «تابعة» للولايات المتحدة

وجد في المستشارة الألمانية «حليفاً» في الدعوة لبناء «جيش أوروبي حقيقي»

ترمب وماكرون خلال اجتماعهما في قصر الإليزيه السبت الماضي (أ.ف.ب)
ترمب وماكرون خلال اجتماعهما في قصر الإليزيه السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

ماكرون: فرنسا ليست دولة «تابعة» للولايات المتحدة

ترمب وماكرون خلال اجتماعهما في قصر الإليزيه السبت الماضي (أ.ف.ب)
ترمب وماكرون خلال اجتماعهما في قصر الإليزيه السبت الماضي (أ.ف.ب)

اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حاملة الطائرات «شارل ديغول» ليخاطب منها الفرنسيين، في حوار تلفزيوني طويل، بشأن صعوباتهم الحياتية اليومية، وليعدهم بأسلوب جديد في التعاطي معهم، مع الإصرار على استكمال الإصلاحات التي أطلقها منذ بداية عهده.
لكن ماكرون ما كان ليغضّ الطرف عن التوتر الذي يشوب العلاقات الفرنسية - الأميركية بعد التغريدات الحامية التي أطلقها نظيره الأميركي دونالد ترمب، صبيحة الثلاثاء، والتي هاجم فيها طموحات الرئيس الفرنسي الساعي من أجل بناء «جيش أوروبي حقيقي» يدافع عن القارة القديمة بوجه «التهديدات الروسية والصينية وأيضاً الأميركية». كذلك، لم يتردد ترمب في التعبير عن «التشفي» إزاء تدهور شعبية ماكرون، وفشل سياسته في احتواء نسبة البطالة المرتفعة في بلاده.
لا، بل إنه ذهب لتذكير الفرنسيين بصفحة أليمة من ماضيهم القريب عندما «تعاونوا» مع الألمان خلال احتلال هؤلاء لبلادهم طيلة خمس سنوات إبان الحرب العالمية الثانية، وبـ«فضل» الجيوش الأميركية في تحريرهم من الجيوش النازية.
كان أمام ماكرون ثلاثة حلول؛ أولها تجاهل الرد على تصعيد الرئيس الأميركي، والتركيز على الصداقة التي تربط البلدين، وثانيها ردّ الصاع صاعين من خلال توجيه انتقادات مبررة لترمب وبالحدة نفسها. أما الخيار الثالث، فهو الجمع بين الأضداد، بمعنى اعتماد الليونة في اللغة واللهجة ظاهراً، والتشدد في المضمون والجوهر والتمسك بالمواقف السابقة المعلنة.
هكذا، تأرجحت تصريحات ماكرون بين هذين الحدين. فمن جهة، شدد على «الصداقة التاريخية» التي تجمع البلدين وعلى أن الولايات المتحدة هي «الحليف الذي نقوم معه بالعمليات الأكثر تعقيداً»، في إشارته إلى عملهما معاً في إطار التحالف الدولي ضد «داعش» في العراق وسوريا وتعاونهما العسكري في أفريقيا. ورداً على مَن راهن على «افتراق» باريس عن واشنطن بسبب مزاجية الرئيس ترمب، فقد قطع ماكرون الشك باليقين بتأكيده أن الولايات المتحدة هي «شريكنا التاريخي وستبقى كذلك» (أغرّد ترمب أم لم يغرد). ويضيف ماكرون: «لا أريد أن أدير انتباهي لغير ذلك لأنني أعتقد أن ما ينتظره الفرنسيون مني ليس أن أردّ على تغريدات (ترمب) بل أن نواصل (كتابة سطور) هذا التاريخ المهم». وفي أي حال، يعتبر ماكرون أن ما قاله ترمب «موجَّه إلى الداخل الأميركي»، أي للاستهلاك المحلي. وخلاصة الرئيس الفرنسي أن «الاحترام واجب بين الحلفاء»، ما يعني أن الاختلاف في المواقف والسياسة مجاز، بشرط البقاء ضمن الحدود المقبولة.
بيد أن الليونة في الشكل واستدعاء تاريخ العلاقات الوثيقة من الماركيز دو لا فاييت إلى نزول الجنود الأميركيين على شاطئ النورماندي الفرنسي لا يعني الضعف أو التراجع. وبلغة لا تحتمل التأويل، قال ماكرون إن فرنسا «وإن كانت حليفاً (للولايات المتحدة)، فإنها ليست دولة تابعة، وحتى لا تكون كذلك، عليها ألا تعتمد عليها» في أمنها وسلامة مواطنيها. وفي ذلك يستعيد ماكرون التراث الديغولي الذي أرساه بطل تحرير فرنسا الجنرال شارل ديغول الذي جاهد لإسماع صوت بلاده إزاء الرئيس ترومان وجوزيف ستالين وونستون تشرشل بأنْ وفَّر لباريس مقعد عضو دائم العضوية في مجلس الأمن، ومكَّنَها من الحصول على السلاح النووي، وأن تكون لها سياستها المستقلة بأن انسحب من الحلف الأطلسي الذي كان مقره باريس قبل أن ينتقل إلى بروكسل.
ليس سرّاً أن باريس من أشد الدعاة لقيام جيش أوروبي حقيقي يتولى حماية المصالح الأوروبية. وفي أكثر من مناسبة، شرح ماكرون أن «تبعية» أوروبا في المجال الدفاعي للولايات المتحدة وللحلف الأطلسي يجب أن تنتهي، وأن الطريق لذلك يكمن في أن تبني أوروبا قواها الذاتية. وهذه الدعوة تثير حنق الجانب الأميركي الذي يرى فيها محاولة أوروبية لهدم الحلف الأطلسي أو لإلغاء دوره والخروج على «الوصاية» الأميركية.
وما يزيد من غيظ واشنطن أن الأوروبيين يريدون أيضاً الخروج على الوصاية الأميركية الاقتصادية والمالية، لأنهم يرفضون أن تكون واشنطن «شرطي العالم الاقتصادي». وبرزت معالم التمرد في موضوع العقوبات الاقتصادية والمالية الأميركية على طهران بعد انسحاب ترمب من الاتفاق النووي المبرم صيف عام 2015. وما يزعج الأوروبيين العقوبات الأميركية عابرة للحدود التي تريد الإدارة الأميركية فرضها على الشركات الأوروبية التي تبقي على تعاملاتها مع طهران. وحتى تكتمل الصورة، فإن ماكرون يريد من الأوروبيين أن يزيدوا من نفقاتهم الدفاعية، وهو بذلك يلتقي مع الرئيس ترمب الذي يطالبهم بأن يرفعوا مساهمتهم في ميزانية الحلف الأطلسي لتصل إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الخام. لكن الفرق أن ماكرون يريدهم أن يشتروا أسلحة أوروبية وليس تغذية الصناعات الدفاعية الأميركية كما فعلت بلجيكا أخيراً حيث فضلت شراء طائرات مقاتلة أميركية وليس أوروبية. وهذا يشكل عنصراً يزيد من غيظ ترمب الذي لم يتردد في اتهام الأوروبيين، وبينهم فرنسا، باتباع سياسة «حمائية» تضر بالمصالح الأميركية، الأمر الذي دفع به إلى فرض رسوم مرتفعة على الصادرات الأوروبية من الحديد والصلب، وهو يتأهّب لفرض رسوم مماثلة على السيارات الأوروبية، خصوصاً الألمانية، التي تدخل السوق الأميركية.
في بحثه عن «الاستقلالية الاستراتيجية»، قد يكون الرئيس ماكرون وجد حليفاً بشخص المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي دافعت، الثلاثاء الماضي، أمام البرلمان الأوروبي عن الحاجة لـ«جيش أوروبي حقيقي». وما قالته ميركل حرفياً إنه يتعين على الأوروبيين أن «يعملوا على بلورة رؤية تتيح لهم الوصول يوماً إلى بناء جيش أوروبي حقيقي». لكنها سارعت إلى توضيح أن ما تريده ليس «جيشاً يكون ضد الحلف الأطلسي» بل إلى جانبه، باعتبار أن كثيراً من أعضاء الاتحاد الأوروبي لا يريدون مبادلة المظلة الأطلسية الأميركية بالمظلة الأوروبية، خصوصاً تلك الدول التي خرجت حديثاً من عباءة الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو. هل سينتهي الجدل بشأن الجيش الأوروبي الحقيقي؟ واضح أن هذه المسألة ستكون موضع أخذ وردّ لسنوات، خصوصاً لو تذكرنا أن فكرة السعي لقوة أوروبية مشتركة ليست جديدة، بل تعود إلى الستينات. ومنذ سنوات قليلة طرح مشروع إنشاء قوة تدخل سريع أوروبية.
وفي الحالتين، لم يتقدم أي من المشروعين خطوة واحدة. وفي رأي المحللين أنه ما دام الاتحاد الأوروبي يفتقر لسياسة خارجية موحَّدة، ولعقيدة دفاعية موحدة، فإن الحديث عن «جيش أوروبي حقيقي» يبقى في مجال التمني ومن غير إحداث أي تقدم حقيقي.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.