لماذا خرج قاسم إلى شوارع غازي عينتاب ليتسوّل؟

قلما يمرّ يوم لا نشاهد فيه أطفالاً سوريين يتسولون في شوارع مدينة غازي عينتاب التركية. منهم من يقف على الطريق صامتا، ومنهم من يلحق بك وهو يناشدك مد يد العون إليه. وقد تفاقمت هذه الظاهرة بعد قرار الحكومة التركية إغلاق بعض المخيمات ومنها مخيم نيزيب، ودخول أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين الذين كانوا يقطنون المخيم الى غازي عينتاب.
يقول قاسم الخالد - 14 سنة من مدينة الرقة - لـ "الشرق الأوسط": "بعد ترحيلنا من مخيم نيزيب جئنا الى مدينة غازي عينتاب، أنا وأمي وأثنان من أخوتي الصغار. والدي توفي قبل خمس سنوات، وأنا تركت تعليمي من أجل أن أعمل كوني المعيل الوحيد للعائلة. عند وصولنا إلى المدينة استطعنا أن نستأجر بيتاً ونشتري بعض الأثاث من النقود التي حصلنا عليها من المخيم كتعويض... لم تكن النقود كافية إلا لتأمين منزل عادي في حي شعبي بسيط ريثما يتم قيد بياناتنا والحصول على الهوية المؤقتة ونتمكن بعدها من الحصول على المساعدة المالية المقدمة من الهلال الأحمر، وهي 120 ليرة تركية للفرد الواحد، علما أن هذه المساعدة لا تكفي".
ويضيف قاسم أن هذه الأوضاع أجبرته على البحث عن حل، وبدأ يبحث عن عمل حتى وجده في إحدى ورشات الخياطة بأجر يومي زهيد جدا هو 20 ليرة تركية أي ما يقارب 500 ليرة في الشهر، وهو مضافاً إلى مبلغ المساعدة لا يكفي. لذا اضطر قاسم للوقوف على الطريق ومدّ يده والتسول من أجل أن يؤمن مصروف البيت.
يكمل قاسم: "هناك الكثير من السوريين يمارسون التسوّل. ومن خلال ما شاهدته لاحظت أنهم محترفون وكانوا حتماً يتسوّلون عندما كانوا في سوريا. وهم منظمون ويعرف بعضهم بعضا، كما انهم يقتسمون المناطق في ما بينهم بحيث لا يعمل أحد في منطقة الآخر. كما أن لدبهم خبرة في اكتساب المال فمنهم من يدّعي أنه يبيع الخبز، ومنهم من يبيع المحارم للتهرب من الشرطة التركية، وهناك من يمسح زجاج السيارات... هناك عائلات كاملة مؤلفة من أب وأم واطفالهما تمارس التسوّل وفي أحيان كثيرة من دون أن يكونوا في حاجة إليها".
ويوضح قاسم أن السلطات التركية تكافح هذه الظاهرة وتلاحق المتسوّلين الصغار الذين ابتكروا ألف حيلة وذريعة للتملّص من المسؤولية. "لكن في الفترة الأخيرة احتجزت الشرطة عددا كبيرا من الأطفال السوريين وجرى تبليغ أهلهم أنهم إذا عادوا إلى التسوّل سيتم تطبيق القانون عليهم وترحيلهم. وألزموهم توقيع تعهد بعدم العودة إلى هذا العمل".
ويختم قاسم: "اضطررت لمزاولة هذا العمل بسبب الفقر والحاجة. وأتمنى أن أستطيع أن أكمل تعليمي مثل بقية الأولاد، ولكن همي الوحيد في الوقت الراهن أن أكفي أسرتي، وإذا تحسنت احوالنا سأترك هذه المهنة السيئة وألتفت إلى عمل شريف يخلصني مما أنا فيه ريثما نعود الى سوريا".

*من «مبادرة المراسل العربي»