أنشودة المطر

أنشودة المطر
TT

أنشودة المطر

أنشودة المطر

أمس غرقتْ شوارعُ الكويت بمياه الأمطار، ليس معتاداً أن تتحول الكويت إلى «فينيسيا» الإيطالية، وأن تغوص السيارات في الماء، لكنه حدثْ. وقبله بأيام غرقت طرقات في مكة المكرمة، ذات الطبيعة الجبلية حيث تنهمر المياه كطوفان نحو الأودية قادمة من الجبال المحيطة بالمدينة المقدسة، وكذلك غرقت جدة عروس البحر الأحمر في مياه المطر، وقبل أيام غرقت مدن أردنية في الماء وتسببت السيول في كارثة بشرية في منطقة البحر الميت، أما العراق الذي يواجه الجفاف، ففي كل عام يرتل «أنشودة المطر» رائعة بدر شاكر السيّاب.
لبنان، أصابته غواية المطر، فراح يغني مع فيروز «شتي يا دنيي.. تيزيد موسمنا ويحلى»! حتى نزار قباني مزج الحبّ والمطر في بيروت، كما في قصيدته: «بيروت والحب والمطر»: (عندما تمطر في بيروت.. تنمو لكآباتي غصونٌ، ولأحزاني يدان).
يستبشر العرب بالمطر، مبشراً بالأمل والخصب والنماء، حيث أرضهم ينهشها الجفاف ويخنقها الظمأ. فالمطر بُشرى للأرض العطشى وللمراعي الجرداء، وللنفوس المشتاقة لقطر الندى!. كان الأطفال يهزجون في حارتنا إذا نزل المطر، وكانت النساء يستبشرن بهذا الغيث ويطلقن الزغردات، وانغرس في الوعي الشعبي التفاؤل بنزول المطر... كانت القرى التي تعانقها الحقول تفرغ حمولتها من الماء في السواقي، وعلى ضفافها ينشد الشعراء قصائدهم، لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه؛ فالمدينة الحديثة أحشاؤها ضيقة لا تحتمل كل هذا الغيث من السماء!
لم يعد المطر موسماً للفرح، بل امتحان لكل ما بناه الإنسان في منطقتنا، تلك الشوارع المزينة بالنيون، والمنشآت الفاخرة، تصبح فجأة مستنقعات بائسة...! مرة أخرى نفتش عن تعبير يليق بالوصف، فنجده في لغة الشعراء، يقول بدر شاكر السياب:
أتعلمين أي حُزْنٍ يبعث المطر؟
وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع؟
بلا انتهاء – كالدَّم المراق، كالجياع،
كالحبّ، كالأطفال، كالموتى – هو المطر!
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
أما الناس الذين يجرفهم الماء الفائض في الطرقات، تعبيراً عن عجز البنية التحتية في بلدانهم عن استيعابه، راحوا يستسلمون لواقعهم، بل حولوه إلى طرائف ونوادر وتسالٍ وسيلةً للترويح عن النفس، وتنفيس الاحتقان.
إنهم في الكويت، كما في العراق والأردن وغيرها يعبّرون بالنكتة عن واقعهم الأليم؛ لأن الناس أوفياء للمطر أولاً، ولأن النكتة وسيلتهم للتخلص من المعاناة، وممارسة النقد بشكل غير مباشر. عالم النفس النمساوي، ألفريد إدلر يرى أن السخرية هي «خليط من انفعالين هما الغضب والاشمئزاز»، لكنه يلاحظ أن السخرية تمنح الناس شعوراً بالرضا «لأننا ننزع إلى الرضا عن أنفسنا والاسترواح إلى شعورنا، عقب مطاوعة السخرية والانسياق معها».
عموماً، فإن المجتمع صاحب النكتة هو مجتمع حيوي متسامح متعافٍ من الأمراض والعقد. يرى ديستوفيسكي أن «السخرية هي الملاذ الأخير لشعب متواضع وبسيط».



الحجار يستعيد وهج «تترات المسلسلات» بالأوبرا المصرية

الفنان علي الحجار وأغانٍ متنوعة في حفل له بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)
الفنان علي الحجار وأغانٍ متنوعة في حفل له بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)
TT

الحجار يستعيد وهج «تترات المسلسلات» بالأوبرا المصرية

الفنان علي الحجار وأغانٍ متنوعة في حفل له بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)
الفنان علي الحجار وأغانٍ متنوعة في حفل له بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)

قدّم الفنان المصري علي الحجار مجموعة من شارات الأعمال الدرامية، التي غنّاها من قبل، في حفل احتضنه المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، الخميس، ليستعيد وهج «تترات المسلسلات» وسط حضور جماهيري حاشد.

واستعاد الفنان خلال الحفل العديد من الأغاني، التي أثّرت في وجدان محبي الدراما والغناء الأصيل، والتي قدّمها عبر مشواره الفني، وجسّدت كثيراً من المعاني والقيم الإنسانية السامية والمثل العليا.

تفاعل الفنان مع الجمهور الذي احتشد في المسرح الكبير، وبصوته المميز وإحساسه الصادق تغنى بمقدمة ونهاية مسلسلات «المال والبنون»، و«أولاد آدم»، و«رحلة السيد أبو العلا البشري»، و«اللقاء الثاني»، و«كناريا»، و«الأيام»، و«السيرة الهلالية».

جانب من حفل علي الحجار بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)

وعدّ الناقد الموسيقي المصري، أحمد السماحي، أن «نجاح حفل علي الحجار بعد تقديمه العديد من تترات المسلسلات يؤكد ريادته لهذا اللون الغنائي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نجح علي الحجار وقلة من الأصوات الطربية التي تميزت بجمال الصوت وقوته في هذا النوع، في حين لم يصمد غيره من المطربين في هذا الأمر، فما يقدمه الحجار له طابعه الخاص، لما يمتلكه من إمكانات صوتية عالية، فهو يستطيع تلوين صوته درامياً، وأصبحت الأعمال الدرامية التي قدّم الحجار تتراتها علامة مميزة في تاريخ الدراما المصرية».

وأوضح: «لو تحدثنا علمياً فسنجد أن أهم مزايا صوت علي الحجار هو اتساع مساحته، والميزة الثانية تحدي صوته لقوانين الطبيعة، فهو في نهاية الستينات ويغني بإجادة رائعة وخبرة عظيمة، فما زال صوته يلمع ويمتلئ بالإبداع».

وبدأت مسيرة الحجار الغنائية عام 1977 بأغنية «على قد ما حبينا» من كلمات عبد الرحيم منصور، وألحان بليغ حمدي، وأولى شارات المسلسلات التي قدّمها كانت «تتر مسلسل الأيام» وأغاني المسلسل من كلمات سيد حجاب وألحان عمار الشريعي، كما قدّم العديد من الألبومات الغنائية مثل «متصدقيش» و«مبسوطين» و«لم الشمل» و«مكتوبالي».

علي الحجار قدّم العديد من أغاني تترات المسلسلات (دار الأوبرا المصرية)

ويرى السماحي أن «الشهرة الكبيرة التي يتمتع بها علي الحجار ألقت بعض الظلال على القيمة الحقيقية لصوته، بدلاً من أن تلقي عليها الضوء، فأحياناً أشعر أن معظم الناس من فرط ما أصبح الاستماع إلى صوت الحجار عادة وتقليداً محبباً في حياتنا اليومية، بوسعهم أن يتتبعوا ملامح الجمال في أي صوت جديد، مثلما فعلوا ذلك مع علي الحجار».

موضحاً أن «الحجار صوته أصبح جزءاً من تراثنا الفني، ويستحوذ على المستمع بملكاته وقدراته الكبيرة التي تؤكد ريادة وتفرّد هذا الصوت».

وتضمن حفل الأوبرا العديد من أغاني الحجار القديمة، مثل «يا مصري ليه»، و«عارفة»، وكذلك أغنية «يا أبو الريش»، وأغاني مسلسلات «الشهد والدموع»، و«النديم»، و«وجع البعاد»، و«الرحايا»، و«عمر بن عبد العزيز»، و«جزيرة غمام»، و«الليل وآخره»، وأغنية «بنت وولد» من فيلم «إسكندرية نيويورك»، وأغنية «في هويد الليل» من مسلسل «غوايش»، و«ذئاب الجبل»، و«مسألة مبدأ»، و«بوابة الحلواني».