جندي ينشق عن الجيش اللبناني وينضم إلى «جبهة النصرة»

اتهم جيش بلاده بـ«الانحياز» إلى «حزب الله»

أحد عناصر «جبهة النصرة» يرحب بالتحاق الجندي الذي أعلن انشقاقه عن الجيش اللبناني امس (صورة مأخوذة من مقطع فيديو من اليوتيوب)
أحد عناصر «جبهة النصرة» يرحب بالتحاق الجندي الذي أعلن انشقاقه عن الجيش اللبناني امس (صورة مأخوذة من مقطع فيديو من اليوتيوب)
TT

جندي ينشق عن الجيش اللبناني وينضم إلى «جبهة النصرة»

أحد عناصر «جبهة النصرة» يرحب بالتحاق الجندي الذي أعلن انشقاقه عن الجيش اللبناني امس (صورة مأخوذة من مقطع فيديو من اليوتيوب)
أحد عناصر «جبهة النصرة» يرحب بالتحاق الجندي الذي أعلن انشقاقه عن الجيش اللبناني امس (صورة مأخوذة من مقطع فيديو من اليوتيوب)

أعلن المجند اللبناني الفار عاطف سعد الدين انشقاقه عن الجيش اللبناني أمس، في شريط مصور ظهر فيه بثيابه العسكرية وبدا خلفه علم «جبهة النصرة - تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الشام»، مبررا خطوته باتهام الجيش بـ«الانحياز» إلى جانب «حزب الله» الذي يقاتل داخل سوريا.
وتعد هذه الحالة الأولى من نوعها في لبنان، رغم أنها ليست حالة الفرار الأولى من الجيش، نظرا لأن منفذها ظهر في نهاية شريط الفيديو محتضنا من قبل عدد من المسلحين الملثمين الذين اقتربوا منه وعانقوه وقبلوا رأسه، في وقت أفادت تغريدات عبر حسابات مؤيدة لجبهة النصرة على موقع «تويتر» أنه «انضم إلى جبهة النصرة في القلمون».
وعرف المجند عن نفسه بأنه «جندي منشق في اللواء الثامن»، المنتشر في منطقة اللبوة - عرسال في البقاع، شرق لبنان، مبرزا بطاقته العسكرية التي تشير إلى أنه من مواليد عام 1991، من بلدة خربة داود في منطقة عكار ذات الغالبية السنية في شمال لبنان.
وقال سعد الدين في شريط الفيديو: «انشققت عن الجيش اللبناني لأنني أنا وكل عسكري في الجيش اللبناني (..) نعرف أن الجيش أداة للحزب («حزب الله») ويأخذ أوامره من الحزب. يقيم الحواجز أينما يريد الحزب والضباط كلهم بأوامر الحزب».
وأضاف بتأنٍّ: «كل العسكريين يعرفون المضايقات التي يتعرض لها أهل السنة (...)»، مشيرا إلى أن عناصر الجيش «يقيمون حاجزا في منطقة سنية يخنقونها خنقا، في حين أنهم في الضاحية (الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله») لا يتجرأون على إقامة حاجز إلا إذا أعطى الحزب أمرا».
وقال سعد الدين إنه «من الأسباب التي أدت إلى انشقاقي أن شبابنا كلهم في السجون. أي شاب يجدون عذرا يضعونه في السجن خمس سنوات أو أكثر من دون حكم أو أي شيء، بينما الذين قتلوا النواب والوزراء لا أحد يحاكمهم»، في إشارة إلى اتهام عناصر من «حزب الله» بتنفيذ اغتيالات أو محاولات اغتيال طالت شخصيات سياسية مناهضة لـ«حزب الله» ودمشق منذ عام 2005، من دون أن يجري توقيف أي منهم. وأشار إلى أن عناصر «حزب الله» يمرون على حواجز الجيش اللبناني بسلاحهم من دون أن يجري اعتراضهم.
وأثار انشقاق سعد الدين استغراب ودهشة أهالي بلدته العكارية الذين عرفوه جنديا في الجيش اللبناني. واكتفى مختار البلدة سيف الدين الياسين في تصريحات مقتضبة لـ«الشرق الأوسط» بالقول إن خطوته «فاجأت أهالي البلدة، خصوصا أنه لم تكن تبدو عليه أي ميول متطرفة»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه «في ظل الظروف الدقيقة لم نعد نميز بين الجيد والرديء».
ولا توضع هذه العملية في إطار الانشقاق عن الجيش اللبناني، إذ يسجل حالات فرار وتخلف عن أداء الخدمة لأسباب شخصية عدة، يتعامل معها الجيش اللبناني عبر القضاء العسكري. ووضعت مصادر أمنية انشقاق سعد الدين في إطار فردي، بعد شائعات عن حالات فرار من صفوف الجيش اللبناني. ونقل موقع النشرة الإلكتروني عن مصدر أمني قوله إنه «لم تسجل سوى حالة واحدة وهي حالة فردية لا ترقى إلى أن تشكل أي خطر على المؤسسة العسكرية»، مشددا على وجوب «ألا تعطى حادثة الفرار المذكورة أكثر من حجمها». وأوضح أن «العنصر الفار كان محالا أمام المحكمة العسكرية وقد جرى تحويله سابقا إلى المؤسسة العسكرية وتشكيله تأديبيا لمخالفة قام بها».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.