مصر تودّع حمدي قنديل... «القلم الرصاص» يتوقف عن القصف

فنانون وإعلاميون أشادوا بنزاهته ومواقفه الوطنية

حمدي قنديل مع زوجته نجلاء فتحي
حمدي قنديل مع زوجته نجلاء فتحي
TT

مصر تودّع حمدي قنديل... «القلم الرصاص» يتوقف عن القصف

حمدي قنديل مع زوجته نجلاء فتحي
حمدي قنديل مع زوجته نجلاء فتحي

شيّع إعلاميون وصحافيون وفنانون مصريون، أمس، الإعلامي الراحل حمدي قنديل الذي وافته المنية مساء أول من أمس، عن عمر ناهز 82 سنة، بعد صلاة الجنازة عليه في مسجد «الرحمن الرحيم» (شرق القاهرة)، ودفنه في مقابر العائلة بمنطقة البساتين (جنوب القاهرة)، بحضور زوجته الفنانة نجلاء فتحي وابنتها وعائلته وعدد كبير من أصدقائه وزملائه، إلى جانب عدد كبير من الفنانين مثل يسرا، ورجاء الجداوي، وعمرو سعد، وإلهام شاهين، ودلال عبد العزيز، وميرفت أمين، والمخرجة إيناس الدغيدي، وغيرهم من المذيعين ومقدمي البرامج المصرية.
وتصدر هاشتاغ «حمدي قنديل» قائمة الأكثر تدويناً على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» صباح أمس (الخميس) في مصر، بعدما نعاه عدد كبير من الشخصيات العامة والإعلاميين. وكتب الفنان نبيل الحلفاوي على حسابه الشخصي بموقع «تويتر»: «رحم الله الإعلامي الكبير صاحب الصوت الرخيم، والحضور الوقور، والخلق الرفيع والطلة المتميزة الأستاذ حمدي قنديل، بعد تقدير لم يوفق فيه انسحب من الساحة سياسياً وإعلامياً في هدوء يليق بوطنيته وحسن نيته. خالص المواساة لزوجته الفنانة نجلاء فتحي ولكل الأسرة ولتلاميذه ومحبيه».
وقال محمد أبو تريكة، نجم النادي الأهلي والمنتخب المصري السابق عبر «تويتر» أيضاً: «رحم الله الكاتب والإعلامي الكبير حمدي قنديل وأسكنه فسيح جناته. انكسر القلم الرصاص، لكن ما زالت كلماته وكتاباته عالقة في أذهان الجميع». في حين قال عنه أسامة الشيخ، رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق، عبر صفحته الشخصية بموقع «فيسبوك»: «وداعاً حمدي قنديل، أستاذاً وأخاً وصديقاً، حينما لا تباع المبادئ، ويكون الشرف والمهنية والوطنية والعطاء عنواناً لرجل واحد».
من جهتها، نعت «لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة» المصرية، الإعلامي الكبير الراحل، وقال بشير العدل، مقرر اللجنة، إن «قنديل كان صحافياً، وإعلامياً من الطراز الأول، ونموذجاً للمهني المحترف، قلّما يتكرّر». مضيفاً، أنه «كان مدافعاً شرساً، عن حرية الرأي والتعبير وعن الأداء المهني السّليم».
وتابع العدل في بيان له أمس: «قنديل شكّل خلال مسيرته المهنية التي امتدت إلى نحو ستة عقود من الزمن، مدرسة سواء خلال عمله في الصحافة، أو في وسائل الإعلام المرئية، أسست القيم المهنية والأخلاقية، وقدمت الصالح الوطني والعربي على المصالح الشخصية».
وارتبط اسم قنديل بالكثير من البرامج المهمة، مثل «رئيس التحرير» و«قلم رصاص» وغيرهما من البرامج التي كان لها تأثير إيجابي في دعم المهنة والقضايا المحلية والإقليمية. حسب وصف العدل.
ونعى الإعلامي المصري عمرو الليثي، قنديل قائلاً: «رحم الله أستاذي العظيم حمدي قنديل الذي تتلمذت على يديه وتعلّمت من علمه، لقد فقدنا إعلامياً نزيهاً شريفاً، قلّما يجود الزمن بمثله».
وتسببت نبرة الإعلامي الراحل اللاذعة في دخوله بمواجهة مباشرة مع بعض السياسيين والأنظمة، التي انتهت جميعها بإيقاف برامجه ذائعة الصيت، التي كانت تحقق نسب مشاهدة مرتفعة.
بدأت مسيرة حمدي قنديل مع الصحافة في عام 1957، حين أصدر مجلة «الإخلاص»، عندما كان طالباً في الثانوية العامة، لكنه التحق بكلية الطب ودرس بها لمدة ثلاث سنوات فقط، لكن حبه للصحافة دفعه إلى العمل محرراً في مجلة «آخر ساعة» بطلب من مصطفى أمين، وبعدها التحق بالعمل في التلفزيون المصري وقدم برنامجه الأول «أقوال الصحف» في بداية الستينات، وتبعها الكثير من البرامج، أشهرها «مع حمدي قنديل» في قناة ART، و«رئيس التحرير» على التلفزيون المصري، من ثمّ قدم البرنامج على شاشة قناة «دريم»، قبل أن يوقف بقرار من الحكومة المصرية، ليذهب بعدها قنديل إلى الإمارات ليقدم برنامجه «قلم رصاص» على قناة «دبي»، وبعدها على قناة «الليبية». حظي قنديل بشهرة واسعة وسمعة طيبة في الأوساط الإعلامية المصرية، وبخاصة بين جيل الشباب. وقد ساد الوسط الصحافي والإعلامي في مصر حالة من الحزن، بعد إعلان خبر وفاته، وشهدت صفحات شباب الصحافيين والإعلاميين زخماً كبيراً بالمنشورات والمشاركات التي أشادت بمواقف الإعلامي الراحل، المهنية ونزاهته. معبرين عن حزنهم الكبير لفقدان قامة صحافية وإعلامية كبيرة في العالم العربي.
جدير ذكره، أن اسم حمدي قنديل اقترن باسم الفنانة المصرية الكبيرة نجلاء فتحي في العقود الثلاثة الأخيرة، بعد قصة ارتباطهما العجيبة؛ إذ طلبت نجلاء الزواج منه تليفونياً بقولها: «أنا هتجوزك النهاردة»، بعد تعدد اللقاءات بينهما عام 1992، ليردّ عليها قنديل قائلاً: «عظيم عظيم».
وصرح قنديل خلال حوار تلفزيوني له على قناة CBC المصرية قبل أربع سنوات، بأنه فوجئ بطلبها، لكنّه سرعان ما تدارك الصدمة بينه وبين ذاته حينما شعر بأنه من حقها الكشف عن مشاعرها نحوه، وبالفعل عُقد قرانهما في مساء ذاك اليوم. وكشف خلال المقابلة التلفزيونية أيضاً، عن أن ابتعاد نجلاء عن التمثيل كان بمحض إرادتها، على الرغم من أنه كان رافضاً لهذا القرار نظراً لانشغاله المستمر في عمله الإعلامي. وأشار إلى أنه استأذن زوجته في نشر كواليس زواجهما بمذكراته التي حملت عنوان «عشت مرتين»، وأوضح أنها لم تعترض، وذكّرته بمواقف كانت غائبة عنه لضمها للكتاب.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».