سكان «غلاف غزة» يتظاهرون احتجاجاً على تردي الوضع الأمني

ليبرمان يؤيدهم ضد حكومة القطاع ويدعو إلى «ضربة قاسية» لـ«حماس»

TT

سكان «غلاف غزة» يتظاهرون احتجاجاً على تردي الوضع الأمني

وجه وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، اتهامات لزملائه الوزراء، بالتقاعس عن محاربة حركة حماس في قطاع غزة، وأعلن مساندته للمتظاهرين ضد هذه السياسة، وشكا من أن سياسة الحكومة هذه تساعد «حماس» على تثبيت حكمها.
وكان ليبرمان يتحدث في اجتماع لكتلة حزبه «إسرائيل بيتنا» البرلمانية، بعد ظهر أمس الاثنين، وقال إن أغلبية الوزراء الأعضاء في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابنيت)، يعارضون توجيه ما وصفه بـ«ضربة قاسية» لـ«حماس». وأضاف أنه «لا توجد طريقة للتوصل إلى اتفاق تهدئة مع حركة حماس، ومن دون أن نوجه ضربة قوية لقطاع غزة نعرف أننا لن نعيد الهدوء إلى الجنوب».
وكان «الكابنيت» قد عقد جلسة مطولة له، أول من أمس الأحد، للتداول في التصعيد الذي جرى على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، في نهاية الأسبوع الماضي، وقرر «انتهاج سياسة القبضة الحديدية من جهة، وإعطاء المساعي التي تبذلها مصر ومبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، فرصة للتوصل إلى التهدئة». وأجمع الخبراء والمتابعون على أن القيادة الإسرائيلية تتمسك بموقف «الانتظار» و«الامتناع عن الدخول في حرب». وتسبب ذلك في نقاشات حادة في الحلبة السياسية والشعبية، خصوصاً بعدما هاجم الناطقون بلسان الحكومة السلطة الفلسطينية على توجهها ضد اتفاق التهدئة. فاعتبرت المعارضة الإسرائيلية هذا الموقف بمثابة «تقوية لـ(حماس) وإضعاف للسلطة الفلسطينية، هدفه التهرب من مفاوضات السلام».
وقد بدا أن القيادة السياسية لليمين المتطرف في الحكومة تطلق تصريحات حربية ضد «حماس»، ولكنها عند القرار الحاسم تتراجع، بينما المعارضة الوسطية تطالب بسياسة واضحة ومختلفة، تبنى على دعم السلطة الفلسطينية والدخول معها في مفاوضات سياسية تعزل «حماس» وتسعى لوضع حد للصراع.
ومع أن غالبية سكان البلدات الإسرائيلية اليهودية المحيطة بقطاع غزة، يعتبرون من أحزاب المعارضة، ويميلون إلى البحث عن حل جذري للصراع والتوقف عن سياسة الانتظار، ويشكون من التوتر الحالي القائم، المتمثل في «مسيرات العودة»، وما يرافقها من إطلاق صواريخ وبالونات متفجرة وطائرات ورقية تحمل المواد الحارقة، فقد خرجوا في مظاهرات غاضبة ضد سياسة الحكومة، بشكل يومي، طيلة الأسبوع الماضي، وبلغت المظاهرات ذروتها في مظاهرة كبيرة في تل أبيب، شارك فيها آلاف الإسرائيليين من سكان المنطقة المعروفة إسرائيلياً بـ«غلاف غزة»، مساء أول من أمس الأحد، ضد تردي الوضع الأمني، ورفعوا لافتات مفادها أن «حياة سكان (الغلاف) ليست أرخص من (حياة) سكان تل أبيب»، و«الوضع لم يعد يطاق بسبب كثرة صفارات الإنذار والحرائق». وقد أغلق المتظاهرون عدداً من الطرق الرئيسية في تل أبيب خلال المسيرة.
وعندما سُئل ليبرمان عن المظاهرات قال «إنهم على حق 100 في المائة، المسألة (في إشارة إلى التصعيد) مستمرة منذ سبعة أشهر بالضبط، لقد حاولنا العمل بجميع الخيارات والاحتمالات، وطرحنا على (الكابنيت) خطة دقيقة ومفصلة خاصة بقطاع غزة مرات عدة، إلا أن غالبية الوزراء رفضوها».
من جهته، قال التلفزيون الإسرائيلي الرسمي إن «رئيس الحكومة ومعظم الوزراء لا يريدون مواجهة عسكرية مع قطاع غزة، على الرغم من تصاعد الأحداث على الحدود. وعندما اجتمع المجلس الأمني المصغر في الحكومة كان الهدف الرئيسي من الاجتماع هو التوصل إلى هدنة مع (حماس)، لا سيما أن بنيامين نتنياهو ومعظم وزراء الحكومة ومؤسسة الجيش، مهتمون بإعادة الوضع إلى سابقه قبل الأحداث على السياج». وأضاف التقرير أن إسرائيل تحاول جاهدة التوصل إلى تسوية بواسطة مصر. وكشف التلفزيون أنه في تلك المناقشات مع المصريين، نقلت «حماس» رسالة واضحة إلى إسرائيل، بروح تصريحات يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في القطاع، طالبت فيها بتسلم الأموال التي خصصتها لها حكومة قطر، في الأسبوع الأخير، مؤكدة على وجهة نظر «حماس»: «إذا كان لديها ما يكفي من المال لدفع الرواتب فسيكون من الأسهل عليها خفض عدد المتظاهرين على السياج».
ومع أن نتنياهو رد على طلب «حماس» بالرفض، إلا أنه أبدى الاستعداد، خلال المفاوضات، للتجاوب مع طلب «حماس»، وقال: «إذا عاد الهدوء سيكون من الممكن مناقشة طلبهم بنقل الأموال». وفي هذه الأثناء أدخلت إسرائيل إلى القطاع كميات كبيرة من الوقود، لما يكفي لتشغيل محركات توليد الكهرباء ومضاعفة كمية الإنتاج مرتين، من أربع ساعات كهرباء في اليوم إلى 8 ساعات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».