ملتقى «الإسلام والغرب» بالأزهر: العالم أحوج الآن إلى مبادرات للتعايش والحوار

بمشاركة 13 رئيس دولة ورؤساء حكومات من آسيا وأوروبا

جانب من فعاليات الندوة الدولية التي احتضنها الأزهر أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من فعاليات الندوة الدولية التي احتضنها الأزهر أمس («الشرق الأوسط»)
TT

ملتقى «الإسلام والغرب» بالأزهر: العالم أحوج الآن إلى مبادرات للتعايش والحوار

جانب من فعاليات الندوة الدولية التي احتضنها الأزهر أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من فعاليات الندوة الدولية التي احتضنها الأزهر أمس («الشرق الأوسط»)

قال مشاركون في فعاليات ملتقى الأزهر الدولي «الإسلام والغرب... تنوع وتكامل»، بينهم رؤساء دول وحكومات سابقون ومفكرون ورجال سياسة، إن «نجاح الملتقى يشكل خطوة مهمة في طريق الحوار بين الشرق والغرب». وأكدوا أمس أن «العالم بات اليوم أحوج ما يكون لمثل هذه المبادرات الرائعة، التي ترسخ قيم التعايش المشترك، والحوار الفعال، والتنوع الديني، والتكامل المجتمعي».
وأكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، حرص المشيخة على استضافة مثل هذه الفعاليات المهمة؛ لما تتضمنه من حوار فعال، وتبادل للأفكار والتجارب، وتجاوز الصور النمطية والتصورات المسبقة فيما يتعلق بالإسلام والمسلمين، وصولاً إلى فهم مشترك، يقوم على رؤية موضوعية وأسس علمية، بعيداً عن النظرة الاتهامية التي تروجها بعض وسائل الإعلام لربط التطرف والإرهاب بالإسلام.
واختتم الأزهر فعاليات ندوته الدولية أمس بمشاركة 13 رئيس دولة، ورؤساء حكومات سابقين من آسيا وأوروبا، إضافة إلى نخبة من القيادات الدينية والفكرية والشخصيات العامة من مختلف دول العالم.
وشهدت الندوة حضوراً دولياً مكثفاً، وكانت محل إشادة من جميع المشاركين ووسائل الإعلام، إذ قالت جايين ماكوليف، المديرة الافتتاحية للتواصل الوطني والدولي بمكتبة الكونغرس بالولايات المتحدة، خلال فعاليات اليوم الختامي للندوة، أمس، إن «الدين الإسلامي واللغة العربية يدرسان الآن حتى أقصى الغرب في كندا والولايات المتحدة، ووصل الاهتمام بهما إلى تخصيص برامج لهما في الماجستير والدكتوراه، وهو ما سيؤدي إلى إيجاد جيل من الشباب، يشكل نسبة كبيرة من المفكرين العالميين خلال العقود القادمة».
من جهته، قال الدكتور سمير بودينار، رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بالمغرب، إن الأزهر «أضحى منتدى عالمياً للحوار، من خلال هذه اللقاءات التي يُدعى لها أهل العلم والنظر للتحاور، ووضع حلول للقضايا الملحة التي تواجه الإنسانية في عالمنا المعاصر، ومن أهمها قضية علاقة الإسلام بالغرب، كواحدة من القضايا التي تحتاج إلى التفكير والنظر والتدبر والسؤال». مبرزاً أنه لا بد من الاعتراف بأن هناك اليوم أصواتاً أوروبية كثيرة تتسم بقدر كبير من الحكمة والرشد، باتت تدعو إلى نمط من الهوية المفتوحة على سياق متعدد، تغتني بالروافد الثقافية والفكرية والمجتمعية المتعددة، ومنها الثقافة الإسلامية، باعتبارها مكوناً أصيلاً في تشكيل هذه الهوية الغربية.
في سياق ذلك، أوضح بودينار أن مفهوم الاندماج في أوروبا «أصبح مصطلحاً معقداً بامتياز، ويثار حوله كثير من التساؤلات التي لا تجد إجابة، كما يحيطه الغموض لأن المسلمين كلما خطوا خطوة نحو الاندماج قيل لهم إنه لا يزال هناك كثير من الخطوات. كما تقف (الإسلاموفوبيا) عائقاً أمام هذا الاندماج. فهي ليست مجرد ظاهرة خوف عادي من الإسلام؛ بل تصل حد التخويف الممنهج الذي تبثه الاتجاهات المعادية للإسلام في المجال الأوروبي بشكل عام».
وتضمنت الندوة الدولية ثماني جلسات، تناولت محاور «تطور العلاقة بين الإسلام والغرب»، و«التوتر بين المسلمين وباقي الأوروبيين... المواطنة هي الحل»، و«القومية والشعبية ومكانة الدين»، و«الديموغرافيا والآيديولوجيا والهجرة والمستقبل». كما استعرضت بعض تجارب التعايُش الناجحة؛ مثل مبادرة «بيت العائلة المصرية»، و«التجربة السويسرية».
بدوره، أشاد الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء في مصر، بجهود الدكتور الطيب، التي تحاول تحقيق تقارب بين الشرق والغرب، وتحقيق التكامل الوطني في مصر بالدرجة الأولى؛ وذلك من خلال «بيت العائلة المصرية»، الذي يعد نسيجاً لا مثيل له، ويؤكد أن التعايش بين أتباع الديانات ممكن جداً. موضحاً أن ضيوف هذه الندوة والمتحدثين يتميزون بكونهم يحترمون الأديان، حتى التي يختلفون معها، ويعبرون عن القواسم المشتركة بين أتباع الديانات. وقال بهذا الخصوص إن هذا الخطاب المنفتح هو الذي يقود إلى التعارف والتعايش في المجتمعات.
من جانبه، قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، إن رسالة الأزهر الدولية للتقارب بين الشرق والغرب «مستمدة من رسالة الدين العالمية، مثلما كان يتواصل الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - مع العالم أجمع لإيصال رسالته». مضيفاً أنه «على الرغم من الاضطهاد الذي تتعرض له الأقلية من المسلمين؛ فإن الدين الإسلامي يحتضن غير المسلمين ويعاملهم بمودة ورحمة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».