نخبة أميركا اللاتينية متشائمة من احتمال فوز بولسونارو بالرئاسة البرازيلية

جايير بولسونارو (يسار) الذي يجاهر بأفكاره العنصرية وازدرائه النظام الديمقراطي ويلمّح بالعودة إلى الديكتاتورية العسكرية (رويترز)
جايير بولسونارو (يسار) الذي يجاهر بأفكاره العنصرية وازدرائه النظام الديمقراطي ويلمّح بالعودة إلى الديكتاتورية العسكرية (رويترز)
TT

نخبة أميركا اللاتينية متشائمة من احتمال فوز بولسونارو بالرئاسة البرازيلية

جايير بولسونارو (يسار) الذي يجاهر بأفكاره العنصرية وازدرائه النظام الديمقراطي ويلمّح بالعودة إلى الديكتاتورية العسكرية (رويترز)
جايير بولسونارو (يسار) الذي يجاهر بأفكاره العنصرية وازدرائه النظام الديمقراطي ويلمّح بالعودة إلى الديكتاتورية العسكرية (رويترز)

مع طلوع فجر الاثنين المقبل تكون البرازيل قد انتخبت رئيساً جديداً لجمهوريتها في ذروة أصعب أزمة اقتصادية وسياسية واجتماعية منذ استقلالها. وإذا صدقت التوقعات ولم تحصل مفاجآت في اللحظات الأخيرة، ستكون رئاسة الدولة الأكبر في أميركا اللاتينية من نصيب المرشح اليميني المتطرف جايير بولسونارو، الذي يجاهر بأفكاره العنصرية وازدرائه النظام الديمقراطي، ويلمّح بالعودة إلى الديكتاتورية العسكرية.
صحيفة «الباييس» الإسبانية النافذة استمزجت نخبة من المفكّرين والمثقفين في أوروبا وأميركا اللاتينية حول التداعيات المحتملة لوصول بولسونارو إلى سدة الرئاسة البرازيلية.
المخرج السينمائي البرازيلي المعروف والتر ساليس، يعتبر أن انتخاب بولسونارو سيدفع البرازيل في نفق من الظلام ويقضي على الجهود التي تُبذل منذ سنوات لحماية البيئة والموارد الطبيعية في غابة الأمازون، ويحرم الطبقات الفقيرة من المساعدات الاجتماعية والتربوية. ويضيف: «إنه أقرب إلى الرئيس الفلبيني دوترتي منه إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وبرنامجه الاقتصادي الذي وضعه أتباع مدرسة شيكاغو الليبرالية لم يطَبّق إلّا في ظل النظم الديكتاتورية مثل تشيلي على عهد بينوتشي».
وتقول الممثلة البرازيلية آليسيا براغا: «إن فوز بولسونارو في الجولة الثانية من الانتخابات سيُحدث شرخاً عميقاً في المجتمع البرازيلي وأميركا اللاتينية والعالم. إن الحقد الذي نشره جعل دونالد ترمب يبدو جمهورياً معتدلاً، وقد تعهد بالانسحاب من اتفاقية باريس حول المناخ ومن منظمة الأمم المتحدة. بولسونارو ليس مشكلة برازيلية فحسب، إنها قضيّة تهمّ كل الذين يسعون نحو عالم أفضل».
أما سرخيو راميريز، الكاتب النيكاراغوي الحائز جائزة سرفانتيس وأحد القادة التاريخيين للثورة الساندينية، فيرى أن «صعود بولسونارو هو ثمرة الخيبة من اليسار الذي غرق في الفساد وقضى على أحلام كثيرة. وهو أيضاً وليد الديماغوغية الجديدة التي ترفع لواء الدين والنظام والعائلة وتتعهد بتسليم القيادة إلى العسكر للقضاء على الجريمة».
ويقول الروائي المكسيكي خوان فيلّورو: «إن بولسونارو يشكّل خطراً كبيراً على أميركا اللاتينية والعالم بأسره. إنه مرشّح فاشي وعنصري استطاع أن يستقطب تأييد الخائبين والخائفين، وأولئك الذين لا يتردد في نبذهم مثل السود والفقراء. إنه عار علينا جميعاً، وخطر يهدد بالانتشار في شبه القارة... ولا ننسى أن هتلر وصل إلى السلطة عن طريق الديمقراطية».
الكاتبة والصحافية المكسيكية آلما غيرّموبريتو ترى «أن وصول بولسونارو إلى رئاسة الجمهورية في البرازيل قد يكون أخطر ما شهدته أميركا اللاتينية في العقود الأخيرة، ليس فقط بسبب الحقد الذي ينشره في المجتمع البرازيلي وبرنامجه الاقتصادي الذي سيزيد من عدد الفقراء، بل لأنه تعهد بفتح غابة الأمازون أمام الاستغلال التجاري مما سيشكّل خطراً على صحة الكرة الأرضية برمتها».
أما الكاتب الكولومبي خوان غابرييل فاسكيز فيعتبر «أن خطورة بولسونارو تكمن في خطابه الفاشي الجديد الذي يستهدف تقويض النظام الديمقراطي من الداخل، مستغلّاً الحرّيات والضمانات التي يوفّرها هذا النظام... إن فوزه سيكون مسماراً آخر يُدقّ في نعش الديمقراطية الغربية التي منيت بانتكاسات عديدة في السنوات الأخيرة».
كلاوديا بينييرو الروائية الأرجنتينية المعروفة، تعتبر «أن بولسونارو يجسّد خطورة التحالف الذي يتشكّل منذ مطلع هذا القرن بين اليمين والكنيسة الإنجيلية في أميركا اللاتينية، وهو تحالف عجزنا عن مواجهته والتصدّي له، وأخشى أن تكون البرازيل، في حال فوزه بالرئاسة، مجرد بداية».
الصحافي المكسيكي خورخي راموس يرى «أن ثمّة خيبة كبيرة من الديمقراطية في أميركا اللاتينية. الديمقراطية لم تُطعم الجائعين، ولم تحمِ الناس من الإجرام، ولم تقضِ على الفوارق الشاسعة بين الأغنياء والفقراء».
ويقول الكاتب والمفكر السياسي التشيلي خورخي أدواردس: «لقد عوّدتنا البرازيل، منذ استقلالها عن البرتغال، على المفاجآت الانتخابية. لكنها دولة ديمقراطية يحكمها القانون، وعلينا التريّث والانتظار بصبر إلى أن تنقشع هذه الغمامة».
المفكّر الأرجنتيني أدولفو بيريز أسكيفيل، الحائز على جائزة نوبل للسلام، يقول: «ليس صحيحاً أن العالم فقد قدرته على الاندهاش. لقد فقد قدرته على مواجهة الأحداث التي تتجاوزنا بشجاعة وثبات. لا أخشى صراخ المتطرفين بقدر ما أخاف من صمت الطيّبين، كما كان يقول مارتن لوثر كينغ. لولا في السجن لأنهم لا يريدون لحزب العمال أن يفوز في الجولة الأولى، والذين شاركوا في المؤامرة على ديلما روسّيف ومنعوا لولا من الترشّح، يتأسفون اليوم لفتحهم هذه الثغرة الكبيرة أمام الإرهاب الفاشي للوصول إلى رئاسة البرازيل. على كل الأحزاب الديمقراطية أن تتنادى لتأييد فرناندو حدّاد، دفاعاً عن الفقراء والعاطلين عن العمل والبيئة، ولمحاربة الأميّة والجريمة المنظمة».
أما المفكّر السياسي الأميركي المعروف نعوم تشومسكي، فيعتبر أن فوز بولسونارو سيكون كارثة للبرازيل والمنطقة والعالم، ويخشى أن يكون وصوله إلى الرئاسة فاتحة سلسلة من التحوّلات السياسية العميقة في أميركا اللاتينية التي تمرّ في مرحلة معقدّة جداً اقتصادياً واجتماعياً.
الكاتب البرازيلي المتحدر من أصل لبناني ميلتون حاطوم، يرى «أن فوز بولسونارو سيكون انتكاسة اجتماعية وسياسية خطيرة للبرازيل. فهو يحتقر الديمقراطية ويهدد بوأدها، ولا ننسى أنه كان من أشد المعجبين بالرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز. ما زلت أفضل الاعتقاد بأن حداد سيفوز في الجولة الثانية، لأن فوز بولسونارو سيكون عاراً على كل البرازيليين».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».