روسيا: الإصلاح الدستوري هو الاتجاه الوحيد للتسوية

TT

روسيا: الإصلاح الدستوري هو الاتجاه الوحيد للتسوية

أسفرت اجتماعات مكثَّفة عقدها ممثلون عن روسيا وتركيا وإيران في موسكو، خلال اليومين الماضيين، عن استكمال تنسيق مواقف الأطراف الثلاثة الراعية لمسار «آستانة»، ووضع رؤية مشتركة للخطوات اللاحقة في سوريا بعد استكمال تنفيذ اتفاق إدلب، خصوصاً على صعيد دفع جهود تشكيل اللجنة الدستورية بالتزامن مع مواصلة العمل لحشد تأييد دولي في ملف إعادة اللاجئين وإعادة تأهيل البنى التحتية في سوريا.
وتزامنت الاجتماعات الثلاثية على مستوى نواب وزراء الخارجية مع إنجاز التحضيرات من الجانب الروسي للقمة الرباعية التي يُنتظر أن تجمع السبت في إسطنبول زعماء روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا. وحدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، أبرز التوجهات الروسية خلال القمة المرتقبة، عبر التأكيد على ملف الإصلاح الدستوري ومبادرة إعادة اللاجئين، وحثّ المجتمع الدولي على دعم المبادرة وتقديم مساعدات لتهيئة الظروف المناسبة على الأرض لتسهيل هذه العودة، في إشارة إلى ضرورة تسريع إطلاق مشروع دولي لإعادة الإعمار في سوريا.
وأعرب لافروف، خلال استقباله، أمس، نائب وزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري ونظيره التركي سادات أونال، في ختام اجتماعاتهما مع الجانب الروسي، عن ارتياح موسكو لنتائج التعاون بين الدول الثلاث الضامنة (مسار آستانة).
وقال إن التعاون الثلاثي سمح «بتخفيض العنف على الأرض بشكل ملحوظ، وتكبيد الإرهابيين هزيمة ساحقة، وتحسين الوضع الإنساني في سوريا».
ولفت إلى أن الأطراف الثلاثة اتفقت خلال الاجتماعات على أهمية إتمام العمل على تنسيق «تشكيلة للجنة الدستورية مقبولة لدى كل الأطراف السورية، في أسرع وقت ممكن، الأمر الذي سيسمح بإطلاق عمل اللجنة في وقت قريب، بما يتماشى مع قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في مدينة سوتشي الروسية وقرار 2254 لمجلس الأمن الدولي».
وأفاد بيان أصدرته الوزارة بأن البلدان الثلاثة «أجرت مشاورات في موسكو وأكدت تمسكها الثابت بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، بالإضافة إلى تأكيدها على وجود فهم مشترك لضرورة أن يحدد السوريون أنفسهم مستقبلَهم في إطار عملية سياسية يقودونها وينفذونها».
وزاد أن الأطراف «بحثت تطورات الأوضاع السورية على الأرض بصورة مفصَّلة، إلى جانب بحثها مجمل القضايا المتعلقة بتشكيل اللجنة الدستورية السورية وإطلاق عملها».
وأشارت الوزارة إلى أن المشاركين «اتفقوا على تسريع وتيرة العمل تشكيل اللجنة الدستورية، بمراعاة مصالح جميع السوريين، بناء على قرار (2254) لمجلس الأمن الدولي، والتنسيق مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الشأن السوري، ستيفان دي ميستورا».
وشدد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف الذي شارك في اللقاءات على أن «اللجنة الدستورية السورية هي الاتجاه الوحيد للخروج من الأزمة السورية»، وقال إن الدول الثلاث الضامنة لـ«عملية آستانة» تبذل كل الجهود اللازمة لتشكيل اللجنة وبدء عملها. وأشاد لافرينتييف في الوقت ذاته، بما وصفه بـ«النهج البنَّاء الذي أبدته الحكومة السورية، فيما يتعلق بمسألة تشكيل وإطلاق عمل اللجنة»، لكنه لَمّح إلى أن موسكو «ليست متعجلة» لإطلاق عمل اللجنة قبل إنجاز التوافقات اللازمة لذلك، وزاد: «موقفنا يتمثل في ضرورة وضع آلية فعالة، لا نريد ولادة كيان ميت، لذلك لا مبرر للدعوة لوضع مواعيد محددة. وإذا نجحنا في ذلك سريعاً فذلك مرحَّب به، لكن تعجيل العملية بشكل مفتعل لن يأتي بنتائج، لذلك نحن نعمل مع كل الأطراف، بما في ذلك الفرنسيون والأميركيون للوصول إلى نتائج».
ولفت لافرينتييف، إلى وجود «فرصة جيدة لأن ينجح المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بإطلاق عمل اللجنة قبل استقالته من منصبه، الشهر المقبل»، ولم يستبعد زيارته لموسكو قبل ذلك الحين.
على صعيد موازٍ، أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في ختام زيارة إلى موسكو التقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين وعدداً من المسؤولين الروس، أن نقاشاته مع الجانب الروسي ركَّزت على ضرورة توسيع مساحة التنسيق بين البلدين في سوريا.
وزاد أن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا «نتيجة اللقاءات التي أجريناها مع القيادة الروسية في موسكو، على وضع آليات محددة لتوسيع تنسيقهما».
وتجنب بولتون الإشارة إلى ملفات خلافية في سوريا، خصوصاً اتهامات موسكو لواشنطن بالتقاعس عن مكافحة الإرهاب، ما سمح بتنشيط تحركات تنظيم «داعش» في منطقة شرق الفرات، بالإضافة إلى المطالب الروسية المتواصلة بانسحاب القوات الأميركية من قاعدة «التنف» في الجنوب وتفكيك مخيم الركبان. وبدا أن الطرفين لم يتطرقا إلى هذه الملفات الخلافية خلال المحادثات، وهذا ما أوحى به بيان وزارة الدفاع الروسية بعد لقاء بولتون مع الوزير سيرغي شويغو، أول من أمس، إذ اكتفى البيان بالإشارة إلى مسعى لتعزيز التنسيق لمنع وقوع حوادث في الأجواء السورية.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أكد، في وقت سابق، أن الآليات القائمة لـ«منع الاحتكاك» ليست كافية، ولا بد من توسيع التنسيق في ملفات سياسية، في إشارة إلى الحديث الروسي - الأميركي بعد زيارة بولتون عن اتجاه لتوسيع التنسيق قد يشمل ملفات سياسية تتعلق باللجنة الدستورية أو الملفات الأخرى المطروحة.
وكان لافتا أن بولتون أشار في حديثه إلى «المكانة المهمة التي شغلها الوضع حول إدلب» خلال محادثاته مع المسؤولين الروس.
وأكد على قناعة واشنطن بضرورة الالتزام ببنود الاتفاق الروسي - التركي، و«عدم السماح بانزلاق الأمور نحو مواجهة في المنطقة لتجنب كارثة إنسانية محتملة».
وقال بولتون: «أعتقد أننا ناقشنا موضوع إدلب في كل اجتماع عقدته في موسكو، وسأكرر ما أكده سابقاً الرئيس، دونالد ترمب، حول أهمية منع استئناف الأعمال القتالية وتجنب وقوع كارثة إنسانية هناك»، مضيفاً أن «الاتفاق (الروسي - التركي) يتم تطبيقه حتى هذه اللحظة على الرغم من وجود مشكلات كثيرة ما زالت لم تجد طريقها إلى الحل». وحذر بولتون من تصرفات «غير مرغوبة» قد يقوم بها أي طرف لتعطيل الاتفاق، داعياً الروس إلى «الانتباه لتصرفات إيران في سوريا، وفي منطقة الشرق الأوسط برمتها».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.