تونس تراهن على الاستثمار الأجنبي لتطوير قطاع الطاقة

تسعى لحفر 20 بئراً جديدة وتطوير 35 أخرى

TT

تونس تراهن على الاستثمار الأجنبي لتطوير قطاع الطاقة

كشفت المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (مؤسسة حكومية)، عن برنامج طموح لحفر 20 بئراً نفطية استكشافية وتطوير نحو 35 بئراً لرفع حجم إنتاج الطاقة والحد من فاتورة المحروقات التي أثقلت كاهل الموازنة العامة ورفعت بقدر كبير العجز التجاري المسجل في تونس.
وعلى هامش الندوة الدولية الـ14 المقامة حالياً تحت عنوان «استكشاف وإنتاج المحروقات في تونس»، قال عبد الوهاب الخماسي، المدير العام المساعد للمؤسسة، إن «كل الأطراف المستثمرة في قطاع المحروقات تسعى لإعطاء دفع لنشاط الاستكشاف والبحث عن كل مصادر الطاقة وتعزيز الاستثمارات في هذا المجال الاقتصادي الحيوي».
وتسعى تونس من خلال هذه الندوة الدولية، التي جمعت قرابة ألف مختص في مجال الطاقة، إلى عرض مختلف الدراسات الفنية الكفيلة بتطوير القطاع واستقطاب استثمارات كبرى الشركات العالمية الناشطة في قطاع الطاقة، علاوة على تقديم برنامج واضح وشفاف حول استراتيجية تطوير هذا النشاط الاقتصادي المهم على المدى المتوسط والبعيد، وذلك أمام المستثمرين ومختلف الشركات المستثمرة في قطاع الطاقة.
وعلى هامش الندوة، خصصت تونس فضاء أمام كبرى المؤسسات لعرض أحدث التقنيات في مجال الاستكشاف والبحث الميداني والعلمي في مجال المحروقات.
وعرف قطاع الطاقة في تونس تراجعاً في حدود 50 في المائة على مستوى الإنتاج والاستكشاف منذ سنة 2011، ولا تنتج تونس حالياً إلا نحو 40 ألف برميل يومياً من النفط، مقابل نحو 80 ألف برميل سنة 2010، علاوة على تراجع عدد الآبار التي يتم حفرها وتطويرها من 6 آبار إلى بئرين فقط خلال السنة الماضية، مقابل نحو 38 بئراً نفطية سنة 2010، وهو ما طرح تحديات هائلة أمام الاقتصاد التونسي نتيجة كلفة دعم المحروقات والارتفاع الكبير على مستوى أسعار النفط في السوق الدولية.
وكانت تونس لجأت بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي إلى مبدأ التعديل الآلي لأسعار المحروقات كل 3 أشهر في محاولة للضغط على فاتورة دعم أسعار المحروقات بأنواعها، وأقرت منذ بداية السنة 4 زيادات مالية، غير أن اعتماد الميزانية على سعر مرجعي لا يزيد على 54 دولاراً للبرميل الواحد في ميزانية 2018 أربك كل الحسابات، بعد أن باتت أسعار برميل النفط على عتبة 80 دولاراً أميركياً.
على صعيد متصل، أكد سليم الفرياني الوزير التونسي للصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، أن حقل غاز «نوارة» بمدينة تطاوين (جنوب شرقي تونس)، سيدخل حيز الإنتاج الفعلي في شهر يونيو (حزيران) 2019، وهو ثمرة عملية استثمارية مشتركة بين تونس والنمسا.
وسيدعم هذا المشروع الجديد الإنتاج المحلي من الطاقة بنحو 30 إلى 40 في المائة من الاحتياجات، وسيوفر تبعاً لذلك عائدات مالية بقيمة 500 مليون دولار، وهذا المبلغ يقارب قيمة الدعم الحكومي الموجه للمحروقات، على حد قول الوزير.
وأفاد الفرياني بأن تونس تسعى إلى رفع إنتاجها من النفط والغاز والاستثمار في قطاع الطاقات المتجددة، وتعمل خلال هذه المرحلة على استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة، وأشار إلى وجود عدة نيات جادة صادرة عن شركات عالمية للاستثمار في قطاع الطاقة بتونس.
وكان صندوق النقد قد دعا في أحدث تقرير له حول الاقتصاد التونسي، إلى النظر من جديد في إصلاح دعم قطاع الطاقة، وهو ما يجعل الضغط مسلطاً من جديد على السلطات التونسية لمزيد من ضبط الأوضاع، إضافة إلى دعوة الصندوق إلى تشديد ضوابط الانتدابات والأجور في القطاع العام، وإصلاح نظم أجور التقاعد، ورفع أسعار الفائدة مجدداً لاحتواء نسبة التضخم الاقتصادي التي تفوق 7 في المائة.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الاقتصاد السوري خسر 24 عاماً من التنمية البشرية إلى اليوم

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الاقتصاد السوري خسر 24 عاماً من التنمية البشرية إلى اليوم

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط في 2023. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.