عاصفة الوهم... وحقيقة السعودية

في الرياض، ورغم «الأزمة»، التي تعرضت لها البلاد، بسبب النهاية المؤسفة للصحافي السعودي صاحب المواقف السياسية المعلومة جمال خاشقجي بطريقة أثارت غضب القيادة، وتم فتح التحقيق فيها وكشف الحقائق.
أقول في الرياض أمس كان المشهد مختلفاً، وكان مقدراً له أن يكون ضعف ذلك من الدهشة، ولكنه ما زال مشهداً معبراً عن القوة السعودية، في جانب وحيد منها، هو الجانب الاقتصادي، حيث أعلن عن صفقات بقيمة 50 مليار دولار مع شركات عالمية كبرى: بينها «ترافيغورا» و«توتال» و«هيونداي» و«نورينكو» و«شلومبرغر» و«هاليبرتون» و«بيكر هيوز».
رجل من نجوم التنمية والاقتصاد في العالم وليس في المنطقة فقط، وهو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صانع معجزة دبي، ونائب رئيس دولة الإمارات الفتية، حضر مؤتمر الرياض والتقى الملك سلمان، وعلّق بحسابه على «تويتر» معلقاً على صورة له مع القائد العربي المسلم الكبير: «أثناء اللقاء مع خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - مسيرة المملكة التنموية والتطويرية مستمرة .. وهي طاقة محركة لاقتصاد العالم».
هذا طرف يسير من مناعة وقوة السعودية الاقتصادية، وهو سلاح فعال بيد الرياض، تستخدمه للتنمية والتعاون الدولي من خلال مبادراتها الاستثمارية المبهرة والمتجددة.
غير أن ذلك ليس مصدر القوة الوحيد للبلاد، فنحن نتحدث عن قوة أخرى، تتفرد بها السعودية، ولا، ولن، ينافسها أحد عليها، وهي القوة المعنوية الكبرى، فهي حاضنة أقدس مكانين للمسلمين، مكة والمدينة، وهي نبع الدين الإسلامي، وهي إضافة لذلك «جزيرة العرب» ومنطلق الروح العربية، وملاذها الأخير.
أما الموقع والمساحة، وقيمة الجغرافيا السياسية، فحدّث ولا حرج، المساحة، وهي جزء من أدوات قوة الدول، إذ تتجاوز مساحتها ضعف مساحة فرنسا وألمانيا مجتمعتين وأكثر من ضعفي مساحة مصر.
وعلى مستوى الشباب ومعانقة المستقبل، فالسعودية أكثر دول العالم على الإطلاق استخداماً لخدمة «يوتيوب» بالنسبة لعدد السكان، هذا كلام «بي بي سي»، كما أن السعوديين يشكلون 40 في المائة تقريباً من مستخدمي «تويتر» العرب.
كل هذا وغيره، يجعلنا نقول، وضع معه صدق وشفافية المحاسبة بقضية خاشقجي، إن ما نراه، عاصفة «مصطنعة»... ستغرب في شفق الوهم.