والترز: عدد المدربين السود في بريطانيا ضئيل بشكل يبعث على السخرية

ابتسم النجم الإنجليزي السابق مارك والترز وهو يتذكر الوقت الذي تلقى فيه اللاعب الاسكوتلندي السابق وزميله في الملاعب مو جونستون تهديداً، بعد انتقاله لنادي رينغرز الاسكوتلندي عام 1989 في شكل رسالة بريد بداخلها رصاصة، وقال: «قلت له: مو، لقد قمت برفع الضغط عني تماماً! لقد ضحكنا كثيراً بشأن هذا الأمر. أما أنا فقد قُذفت بكل شيء - موز وسهام وأرجل الدواجن - كما تلقيت خطابات تخبرني بالأماكن التي يجب أن أذهب إليها وبما يتعين علي القيام به. لكنني لم أحصل أبداً على رصاصة في خطاب!».
لقد كان والترز يسخر من العنصرية ويقلل من شأنها قبل وقت طويل من انضمامه لنادي رينغرز عام 1987، عندما أصبح اللاعب الأسود الوحيد في الدوري الاسكوتلندي الممتاز. وواجه إساءات قد تبدو غير معقولة أو متصورة اليوم، لكنه يقول إنه كان من السهل عليه تجاهلها، لأن العنصرية شيء بغيض وممل، كما أنه لو كان ركز اهتمامه على هذا الأمر لما نجح في تحقيق طموحه بأن يصبح لاعب كرة قدم ناجحاً. وحقق والترز طموحاته ولعب لنادي إستون فيلا قبل أن يفوز بـ3 ألقاب للدوري الاسكوتلندي الممتاز مع نادي رينغرز، ويلعب مباراة دولية وحيدة مع منتخب إنجلترا ويفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي مع نادي ليفربول.
ونادراً ما تحدث والترز علناً عن كثير من هذه الأشياء منذ اعتزاله اللعب عام 2002، لكنه الآن أصدر سيرته الذاتية، لأنه قد شعر بأن هذا هو الوقت المناسب لتقييم الأمور. وتناول والترز في هذا الكتاب كثيراً من القضايا التي لم يكن يفضل الحديث عنها في السابق، مثل العنصرية وإحباطه من قلة فرص التدريب للاعبين السود السابقين، وبعض المسائل العائلية، بما في ذلك عدم وجود علاقة مع والده، لورانس وابارا، الذي لعب لمنتخب نيجيريا في الخمسينات من القرن الماضي.
وقال والترز عن احتراف والده لكرة القدم: «لقد اكتشفت ذلك بالصدفة وأنا في سن المراهقة عندما رأيت بعض الصور. لقد جعلني هذا الأمر أشعر بالإحباط، نظراً لأنه كان لاعباً جيداً ولم يفعل أي شيء لمساعدتي». نشأ والترز مع أمه الجامايكية، آيفي والترز، وكان يتسلل وهو صغير إلى ملعب «فيلا بارك». انضم والترز لنادي إستون فيلا وشارك مع الفريق للمرة الأولى وهو في السابعة عشرة من عمره، قبل شهر واحد من فوز النادي على بايرن ميونيخ الألماني في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1982.
لم يكن والترز ضمن تشكيلة الفريق الذي خاض تلك المباراة، لكنه سرعان ما أصبح لاعباً أساسياً في الفريق الأول بالنادي وأحد أفضل اللاعبين في مركز الجناح في إنجلترا. وحاول نادي إيفرتون، الذي كان حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز آنذاك، الحصول على خدماته عام 1987، لكنه فضل اللعب في اسكوتلندا. يقول والترز عن ذلك: «كان الناس يقولون إن رينغرز قد قدم عرضاً مالياً أعلى بكثير من نادي إيفرتون لضمي، لكن الحقيقة أن الفوارق المادية كانت بسيطة للغاية. وكان السبب الرئيسي في انتقالي إلى اسكوتلندا يتمثل في أن الأندية الإنجليزية كانت لا تزال ممنوعة من اللعب في المنافسات الأوروبية، في حين كان رينغرز قد فاز بلقب دوري أبطال أوروبا. وكان كثير من اللاعبين الإنجليز الجيدين قد ذهبوا بالفعل إلى هناك، مثل راي ويلكنز وتيري بوتشر، وقد أصبحت بالفعل أحد المعجبين بالنادي بعد مشاهدتي له وهو يلعب في البطولة الأوروبية، كما كنت أعشق الأجواء في ملعب إبروكس».
وبالفعل كانت الأجواء في المباريات الأوروبية للنادي رائعة للغاية، لكن لكي يستمتع والترز بتلك الأجواء كان يتعين عليه في البداية أن يواجه العنصرية. يقول والترز: «أخبرني المدير الفني للفريق غرايم سونيس بأنني قد أتعرض لبعض الانتقادات، لكني لم أكن أعرف أنه لا يوجد لاعبون سود آخرون في الدوري الاسكوتلندي، وكنت سأصاب بالصدمة لو عرفت أنني سأكون أول لاعب أسود في المسابقة، لكن ذلك لم يؤثر في عزيمتي وإصراري».
وفي أول ظهور له مع رينغرز، وكان ذلك في مباراة الفريق خارج ملعبه أمام سيلتيك، أطلق عدد كبير من الجمهور البالغ 50 ألف متفرج أصوات القرود في كل مرة يلمس فيها الكرة، كما اضطر الحكم إلى إيقاف المباراة من أجل إزالة الموز الذي ألقي على أرض الملعب. وتعرض والترز لمعاملة أسوأ من جمهور نادي هارتس بعد ذلك بأسبوعين. لكن هذه المرة، كان والترز يعرف ما ينتظره في تلك المباراة، نظراً لأنه عندما كان الفريق في طريقه إلى ملعب المباراة أراه زميل له بالفريق مقابلة صحافية مع رجل معه كمية كبيرة من الفاكهة التي اشتراها خصيصاً لكي يلقيها على والترز في ملعب المباراة.
يقول والترز عن ذلك: «كان الرجل يقف هناك مزهواً بنفسه، لذلك كنت أعرف أنه يتعين علي أن أحتفظ بهدوئي، لكنني صُدمت عندما بدأت المباراة ورأيت أنها ليست مجرد فاكهة، فقد كان الناس يلقون أيضاً سهاماً وأقدام دواجن». وعندما سئل والترز عما إذا كان قد فكر في مغادرة الملعب أثناء المباراة بسبب تلك الأحداث العنصرية، أم لا، رد قائلاً: «كان كل ما أفكر فيه هو اللعب بشكل أفضل، وأود أن أشكر أمي لأنها علمتني أن أبذل ضعف المجهود إذا كنت أريد تحقيق شيء ما، وقد التزمت بما علمتني إياه».
وقد أثارت المعاملة التي تلقاها والترز ردود فعل غاضبة وإدانة واسعة في جميع أنحاء اسكوتلندا، وهو الأمر الذي أدى إلى انحسار العنصرية في البلاد بعد ذلك. وتلقى والترز خطاباً من أحد مشجعي نادي هآرتس يعتذر فيه عن سلوكه ويعلن أنه عاقب نفسه بعدم حضوره أي مباراة في الملعب طيلة حياته. يقول والترز: «لم أواجه مشكلة واحدة في اسكوتلندا خارج الملعب، لذا قد يكون من الأفضل أن أعتقد أن العنصرية كانت مجرد محاولة لتشتيت تركيزي داخل الملعب وليست إشارة إلى أن الناس كانوا عنصريين حقاً. وقد كانت تلك الرسالة جيدة، لو تعلم هذا المشجع مما حدث، لأن التعلم دائماً هو الحل».
وقد حصل والترز على دورات تدريبية في كرة القدم بعد اعتزاله، لكن لم يتعلم بالقدر الذي كان يريده. لقد حصل على جميع المؤهلات التدريبية اللازمة وبدأ ما كان يأمل أن يكون مهنة ثانية طويلة الأمد من خلال تولي تدريب نادي إستون فيلا تحت 9 سنوات. يقول والترز: «كنت مستعداً للبدء من المراحل العمرية الأصغر ومواصلة العمل حتى أصل إلى تدريب الفريق الأول، لأنه لم تكن لدي أي خبرة في مجال التدريب من قبل».
لكن كان أقصى ما وصل إليه والترز هو تدريب فريق إستون فيلا تحت 14 عاماً، باستثناء الفترة القصيرة التي قضاها في تدريب الفريق الأول بدعوة من المدير الفني الآيرلندي ديفيد أوليري قبل إقالته في عام 2006. كما قضى والترز 5 سنوات في التدريب في المدارس كتابع للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم. يقول والترز: «لكنني لم أحصل أبداً على فرصة لتدريب اللاعبين المحترفين الشباب أو لاعبين في المستوى نفسه، أو بالقرب من المستوى الذي لعبت فيه حتى يمكنني أن أنقل إليهم خبراتي. أعتقد أنه إذا لم تكن ابناً لمدير فني أو تلعب الغولف مع رئيس أكاديميات الناشئين أو ما شابه، فلن تحصل على وظيفة أبداً، فالوظائف تذهب إلى الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن لعبوا أبداً على المستوى الاحترافي».
وأضاف: «لقد حصلت على كل الأوسمة وكل الجوائز، وكانت مؤهلاتي تفوق جميع الوظائف التي عملت بها في واقع الأمر. لقد تقدمت لكثير من الوظائف الأخرى، لكن معظمها لم تتحمل حتى عناء الرد. لقد أدركت أن الأمر كله يتوقف على العلاقات الشخصية». وتابع: «لحسن الحظ أنني لست بحاجة إلى التدريب لكي أحصل على قوت يومي، فأنا لدي بعض العقارات وبعض المشروعات الأخرى التي تجعلني مشغولاً، لكنني كنت أحب أن أحصل على فرصة لنقل خبراتي للآخرين. أما الفرص الوحيدة التي تناسب المستوى الذي أريده فهي خارج إنجلترا. لقد أتيحت لي الفرصة للذهاب إلى الولايات المتحدة، لكنني كنت قد انفصلت عن زوجتي في ذلك الوقت ولم أكن أرغب في أن أعيش بعيداً عن أولادي».
يذكر أن ابنه وابنته في الثالثة والعشرين والخامسة والعشرين على التوالي. ويرى والترز أن فرصته في التدريب على أعلى مستوى قد تكون مرت بالفعل. لكنه يعتقد أنه يجب اتخاذ التدابير اللازمة لحصول المديرين الفنيين السود على فرصة التدريب في مستويات تناسب قدراتهم. ويقول والترز: «نسبة المديرين الفنيين السود إلى اللاعبين السابقين السود منخفضة بشكل يبعث على السخرية ولا يمكن أن تستمر بهذا الشكل».