آثار {جينية} للحروب عبر أجيال متعددة

المآسي التي تجلبها الحروب تظلّ تؤثر على أجيال كثيرة، وفقاً لأحدث دراسة علمية، إذ وجد باحثون أميركيون أن أبناء أسرى الحرب الأهلية الأميركية التي وقَعَتْ في بداية الستينات من القرن التاسع عشر، يعانون من تأثيراتها الجينية.
وركَّزت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، ونُشرت في مجلة «أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم»، على الجنود الاتحاديين الذين وقعوا أسرى لدى القوات الكونفدرالية. وتعقبت أكثر من 10 آلاف من أبناء المقاتلين الأسرى، ووجدت أن هؤلاء الأبناء عاشوا حياة أقصر من أقرانهم من المقاتلين الذين لم يقعوا في الأسر، كما ظهر أنهم عاشوا حياة أقصر من إخوانهم الذين وُلِدوا قبل الحرب.
وأشرفت على الدراسة المؤرخة دورا إل كوستا، الباحثة في الجامعة، التي ورثت أرشيفاً كبيراً من البيانات، من مرشدها البروفسور روبرت فوغيل الفائز بجائزة نوبل. وقالت كوستا إنها توقَّعَت أن تكون مؤشرات تدني طول العمر لدى أبناء الأسرى مرتبطة بمستوى التعليم والمستوى الاقتصادي والطبقي، إلا أنها اكتشفت أنها مخطئة في تصوُّراتها.
ووجدت الباحثة الأميركية بدلاً من ذلك دلائل على أنه، وبغضِّ النظر عن مستويات الفقر أو الغنى لدى أولئك الأسرى، فإن تعرضهم لصعوبات هائلة وللحرمان أثناء حياتهم في الأسر، ومنها شحّ الغذاء وقِلّة الرعاية الصحية، هو الذي أدى إلى إحداث تغيُّرات في وظائف الجينات التي انتقلت لاحقاً إلى أبنائهم.
وكان الطرفان المتحاربان قد تبادلا الأسرى في البداية، ثم توقَّفا عن ذلك عام 1863، ما أدى إلى تدهور أبسط إجراءات الرعاية المتوفِّرة لهم، وقاد إلى حَشْرِهم في ردهات مكتظة وتعرُّضهم للبرد والجوع، وأدى إلى هلاك 16 في المائة من أسرى الشمال، و12 في المائة من أسرى الجنوب.