السودان يرفع قيمة الجنيه أمام الدولار للمرة الأولى منذ إطلاق «صناع السوق»

السودان يرفع قيمة الجنيه أمام الدولار للمرة الأولى منذ إطلاق «صناع السوق»
TT

السودان يرفع قيمة الجنيه أمام الدولار للمرة الأولى منذ إطلاق «صناع السوق»

السودان يرفع قيمة الجنيه أمام الدولار للمرة الأولى منذ إطلاق «صناع السوق»

خفضت آلية «صناع السوق»، التي أطلقتها الحكومة السودانية، الأحد الماضي، ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية، قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار من 47.5 إلى 46.65 جنيه، أمس، ما أثر فوراً على سعر الدولار في السوق الموازية. وكاد الدولار أن يساوي أمس سعر الجنيه الجديد المعلن، ولم يتجاوز 47 جنيهاً في سوقه السوداء. وهذه المرة الأولى التي ترتفع فيها قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار في السوق الموازية منذ سنين.
وقال بنك السودان المركزي، أمس، إن تعديل أسعار الصرف مقابل الجنيه السوداني، جاء نتيجة لتراجع الأسعار في الأسواق الموازية أمس.
وقال محافظ بنك السودان الدكتور محمد خير الزبير، إن هناك زيادة كبيرة في المعروض من العملات الأجنبية لدى المصارف التجارية، موضحاً أن الإحصاءات والتقارير عكست رضا الجمهور بسعر الصرف الذي تحدده الآلية، وشجعهم على بيع ما لديهم من عملات للمصارف التجارية.
وأعلن الزبير جاهزية الخزينة المركزية ببنك السودان المركزي لمد المصارف التجارية بالعملة المحلية، لشراء النقد الأجنبي الذي يرد إليهم.
وبينما تعول الحكومة السودانية على فك السيولة، وتوفيرها للمواطنين، لشراء العملات الأجنبية من آلية «صناع السوق»، كشفت جولة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، على بعض المصارف في الخرطوم، أن وضع السيولة النقدية ما زال راكداً داخل البنوك، إذ لا يستطيع أي بنك صرف أكثر من ألفي جنيه للعميل.
ويقول مشرف قطاع في مصرف سوداني لـ«الشرق الأوسط»، إن كل المبالغ التي وفرها لهم بنك السودان أول من أمس، دفعوا بها للصرافات الآلية، التي نضب النقد فيها أمس بعد يوم واحد من تغذيتها بسبب الهجمة الكبيرة من حاملي البطاقات، بعد الإعلان الحكومي المكثف عن تغذية الصرافات.
وأضاف أنهم تسلموا مبلغ 6 ملايين جنيه أول من أمس، فيما تسلموا أمس 3 ملايين جنيه فقط. وتصل عدد الصرافات الآلية في السودان إلى 15400 صراف، لم يعمل منها أمس وأول من أمس سوى 1230 صرافاً بنسبة تشغيل 84 في المائة، بسبب تعطل ماكينات أو تعرضها للتلف، من قبل محتجين على انعدام النقود في الجهاز.
وفي حديث لرئيس اتحاد المصارف السودانية عباس عبد الله، قال إن إجراءات الحكومة النقدية الأخيرة بقيام سوق مستقلة وحرة للنقد الأجنبي، ستعمل على استرداد عافية الجنيه السوداني على المدى المتوسط.
وقال عباس إن كل المؤشرات الآنية تصب في صالح الجنيه السوداني بأن يحقق عائداً مجزياً لصالح المصدرين والمغتربين، وسيمكن من شراء الذهب، بجانب العائد من إنتاج النفط وتصدير البترول الجنوبي الذي بدأ الشهر الماضي.
وجزم رئيس اتحاد المصارف بوقف التدهور الحاد في العملة الوطنية، بعد الآلية الجديدة، مشيراً إلى أن هذه السياسة ستزيل التشوهات الكثيرة التي لازمت سعر الصرف في الفترة الأخيرة.
وقال إنها ستضمن انسياب عائد الصادر وتحويلات المغتربين عبر القطاع المصرفي الرسمي، ويوفر موارد نقد أجنبي حقيقية.
كما ستؤدي إلى ترشيد وتوفير الموارد للقطاع المنظم والقطاعات ذات الأولوية، فضلاً عن إسهام السعر المجزي الذي يتم تحقيقه للمصدرين والمغتربين في القضاء على التهريب وتهرب المصدرين من إدخال حصائلهم للبلاد.
وأضاف عباس أن سياستهم ستعمل على القضاء على السوق الموازية في الخليج وداخل السودان، معرباً عن أمله أن يكون هنالك تدفق كبير من حصائل الصادر للقطاع المنظم خلال الفترة القليلة المقبلة.
وفي يحين توقع رئيس اتحاد المصارف أن يوازي العرض من النقد الأجنبي الطلب عليه، قال إن تنفيذ هذه الآليات يحتاج لوقت كاف وعدم التسرع في الحكم عليها أو تقييم أدائها.



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.