حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

كتاب عن غاندي

يعتبر الزعيم الهندي الكبير غاندي إحدى أهم الشخصيات المؤثرة في التاريخ المعاصر، فرغم عدم فوزه بجائزة نوبل للسلام، مع العلم أنه ترشح لها أربع مرات، إلا أنه أصبح رمزاً للسلام وأيقونته. وتأثر به من بعد ذلك زعماء عظام قادوا بلدانهم إلى بر الأمان في ظل عواصف سياسية واجتماعية فتاكة، لأنهم هم أيضاً آمنوا بما آمن هو به، وهي المقاومة باللاعنف دائماً، ولكن الرجل ومع شديد الأسف لم يلقَ التقدير ولا المكانة اللائقة به، على صعيد العالم العربي والإسلامي لما روجت له ضده الأقلام المغرضة التي أظهرته أنه «معادٍ» للعرب والإسلام. ولكن هناك كتاباً مهماً ولافتاً اطلعت عليه مؤخراً لعله يساهم في تغيير هذه الصورة المضللة والخاطئة.
هذا الكتاب يحمل عنوانا يشرح نفسه «غاندي وقضايا العرب والمسلمين» من تأليف عبد النبي الشعلة، الوزير السابق والوجيه الاجتماعي ورجل الأعمال البحريني. ويوضح الكتاب المواقف المهمة المتماهية مع قيم الإسلام وسياسات المسلمين، وذلك بتقديم سلسلة لافتة من الأمثلة بالأدلة والبراهين مع استشهاد عدد كبير من المشاهد.
أسلوب سياسة اللاعنف التي تبناها غاندي ساهمت في إلهام القس الأميركي بطل الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ، كذلك ساهمت في إلهام الأفريقي العظيم نيلسون مانديلا وأعادت السلام الأهلي والسوية الاجتماعية في بلاده. أيضاً ألهمت البطل التشيكي الرئيس فاسلاف هافيل، قائد الثورة المخملية التي كانت بلا دماء ولا ضحايا.
يوضح الكتاب أيضاً أن للمهاتما غاندي دوراً شخصياً في ترسيخ العلاقات وتطويرها بين الهند والدول العربية. ويطرح الكتاب مقولة غاندي المشهورة عن الإسلام: «لقد أصبحت مقتنعاً بأن السيف لم يكن الوسيلة التي اكتسب بها الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدق في الوعود وتفانيه وإخلاصه لأصحابه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة بربه وبرسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق وتخطت المصاعب وليس السيف».
أعرف عبد النبي الشعلة منذ الثمانينات الميلادية، تعرفت عليه خلال انتسابي لدورة لتطوير القدرات في إحدى شركاته، ثم شاركته كمتحدث في مؤتمرات متخصصة، والتقيته كوزير كان دوماً فيها الفارس النبيل والوطني الأصيل والمثقف الراقي، يفرض احترامه على من يقابله. ولذلك حينما يكتب «أبو مشعل» كتاباً قيماً عن شخصية عالمية مثل غاندي، ويركز فيها على علاقة غاندي بالعرب والمسلمين، يعطي الكتاب ثقلاً وجدارة.
غاندي شخصية عظيمة، لها وقع عظيم عندي أنا شخصياً، كتبت عنه ثلاث أوراق بحثية جادة خلال فترة دراستي الجامعية بالولايات المتحدة، وقرأت عدداً لا بأس به من الكتب عن سيرته الذاتية وأثره في السياسة الهندية وفي العالم. كنت دائماً ما أستغربه هو خلو المكتبات العربية من إصدارات عنه، والحملة المضللة والمشككة في قيم الرجل وأثره الإيجابي الكبير، ولذلك لا أمتلك إلا أن أعبر عن سعادتي بإصدار كتاب قيم كهذا، سيكون إضافة مهمة للمكتبة العربية المتعطشة، مطالبين بتقصي الحكمة في كل مكان، ويبقى تطبيقاً لذلك الأمر بحسن ظن حقيقي.
من أقوال غاندي العظيم: كن أنت التغيير الذي تنشده.