حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

حديث ولي العهد: «أرامكو» والنفط

كعادته في كل مقابلة إعلامية له، يثير ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مساحة مهمة من الاهتمام والمتابعة لما يقول. وكان هذا الكلام مصاحباً مقابلاته منذ يومين مع موقع «بلومبيرغ» الإخباري المعروف.
كانت مقابلة ثرية وشاملة ومتنوعة غطّت العديد من النقاط والمسائل التي احتلّت عناوين الأخبار في فترات متلاحقة. وكان لافتاً ومهماً موقف ولي العهد بشكل واضح من اكتتاب شركة «أرامكو»، والذي أكد فيه الموعد بأنه سيكون في أول عام 2021، وقدّر قيمة الشركة بـ«تريليوني دولار أو أكثر»، وأوضح أيضاً أن «أرامكو» ستستحوذ بالكامل على عملاق صناعة البتروكيماويات السعودية «سابك» العملاقة لتكون جزءاً من الشركة وقت الاكتتاب، على أن يتم ذلك الأمر في عام 2019.
بهذا التصريح المفصّل يكون الأمير محمد بن سلمان قد وضع حداً لكل اللغط والاجتهادات في تفسير الموقف السعودي تجاه أكبر عملية اكتتاب من نوعها في تاريخ الأسواق المالية. ولكن ما كان لافتاً أيضاً في المقابلة هو «تقدير» ولي العهد للجوانب التقنية والمهنية التي يتطلبها الاكتتاب التاريخي في حجمه ونوعه، وبالتالي لم يدخل في تفاصيل السوق الذي سترسو عليه عملية الطرح والاكتتاب.
كذلك قال الأمير بوضوح إن قيمة السهم تحددها السوق، مع تأكيد أن هناك آراء تَرِد إليه من مصارف استثمارية ومستشارين ماليين وقانونيين، يتم التداول والبحث فيها بعمق وحرص وعناية حتى يستقر القرار على اختيار الأفضل والأصلح منها. وكانت إضافته بخصوص مشروع «نيوم» العملاق هو الآخر لأنه وضع بعض المعايير الزمنية لتوضيح خريطة الطريق لهذا المشروع الطموح، إذ صرح بأنه سيكون هناك شريك مهم واستراتيجي من إحدى الدول الكبرى سينضم إلى المشروع في عام 2019، وأن المشروع بأكمله سيكون جاهزاً في عام 2025.
أيضاً أعلن ولي العهد في حواره المهم مع «بلومبيرغ» عن صفقة عظيمة بعيداً عن المجال النفطي سيكون موطنها السعودية نفسها وسيعلن عن تفاصيلها خلال وقائع «منتدى مستقبل الاستثمارات» الذي سيُعقد في الرياض بعد أسبوعين من الآن، وهو نفس المنتدى الذي تم فيه الإعلان عن قرارات ومبادرات استثمارية كبيرة من قبل.
كل المتابعين للتطورات الاقتصادية الحاصلة في السعودية خلال الفترة الماضية التي تجاوزت العامين، ومنذ إطلاق «رؤية 2030»، يعلمون تماماً أهمية اكتتاب شركة «أرامكو» بالنسبة إلى أهداف الرؤية، وبالتالي كان توثيق التصريحات الأخيرة من القيادة تأكيداً لأن الدولة عازمة على المسألة وأن الموضوع يجري الإعداد له بدقة، وهناك إعادة هندسة له تجعل الطرح بالنسبة إلى الدولة وإلى المستثمر بقيمة مضاعفة أهم وأكبر وأكثر تأثيراً وفعالية.
حديث ولي العهد مع «بلومبيرغ» لم يكن حديثاً في إطار حملات العلاقات العامة، ولكن كان فيه قدر لافت من المعلومات المفيدة والأرقام اللافتة، وهي في لغة السوق تسمّى شفافية وإفصاح، وهذه مسألة عادةً ما تصبّ وبشكل إيجابي في صالح الاقتصاد والسوق.
السياسة النفطية للسعودية تؤتي ثمارها الواعدة؛ إذ عاد السعر لمستويات مرتفعة والإنتاج أصبح غزيراً، وتم تحجيم إيران، والاتفاق مع الروس، وطمأنة الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وطرح «أرامكو» سيكون تتويجاً جميلاً لنجاح هذه السياسة.