لوحة حجرية مكتشفة لـ«سيتي الأول» تؤكد مصرية معبد كوم أمبو بأسوان

الرسومات ترجع إلى عصر الفراعنة وليس البطالمة

لوحة سيتي الأول المكتشفة أخيراً بمعبد كوم أمبو في أسوان
لوحة سيتي الأول المكتشفة أخيراً بمعبد كوم أمبو في أسوان
TT

لوحة حجرية مكتشفة لـ«سيتي الأول» تؤكد مصرية معبد كوم أمبو بأسوان

لوحة سيتي الأول المكتشفة أخيراً بمعبد كوم أمبو في أسوان
لوحة سيتي الأول المكتشفة أخيراً بمعبد كوم أمبو في أسوان

أكد عالما مصريات أميركي وكندي، مصرية معبد كوم أمبو في أسوان (جنوبي مصر)، بعدما قاما بتحليل لوحة حجرية، عُثر عليها الأسبوع الماضي في المعبد الذي ينسب بناؤه إلى البطالمة.
ويعتمد العالمان على مشهد للملك المصري سيتي الأول، داخل اللوحة المكتشفة وهو «يعبد» حورس وسوبيك، وهما الإلهان اللذان يقدسهما المعبد. وتحمل اللوحة دلالات قوية على قيمة القائد العسكري «حور محب»، الذي لم تكن له أصول ملكية وتقلد حكم مصر.
وأعلنت وزارة الآثار المصرية الأسبوع الماضي، عن اكتشافها تلك اللوحة، أثناء إجراء مشروع لرفع المياه من أسفل المعبد، بالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية، دون أن تقدم مزيدا من التفاصيل عما تحتويه من معلومات، وهي الخطوة التي أقدم عليها موقع العلوم الحية «Live Science».
وأرسل الموقع المهتم بالدراسات التاريخية صورا لتلك اللوحة إلى عالمي مصريات، أحدهما بيتر براند أستاذ التاريخ القديم بجامعة ممفيس بولاية تينيسي الأميركية، الذي ركز على جزء من اللوحة ليعلن بعد تحليلها أنها تتضمن اكتشافا مهما، إذ إنها تؤرخ لحقيقة أن البطالمة كانوا يبنون معابدهم على أطلال المعابد المصرية القديمة.
وتظهر اللوحة الحجرية الملك المصري القديم «سيتي الأول»، وهو يقف بإجلال واحترام أمام الصقر «حورس» والتمساح «سوبيك»، وهما الإلهان اللذان يقدسهما معبد «كوم أمبو».
ويقول براند: «هذا يوضح أنهما عرفا في عهد سيتي الأول، وربما في المكان نفسه الذي بني عليه المعبد، قبل سنوات طويلة من الحكم البطلمي لمصر».
واهتم رونالد ليبروهون، أستاذ علم المصريات في جامعة تورونتو بكندا، بجانب آخر من اللوحة ظهر فيه اسم القائد العسكري حور محب، الذي كان آخر فراعنة الأسرة المصرية الثامنة عشرة (من 1338 إلى أواخر 1308 قبل الميلاد).
وقال ليبروهون: «أن يظهر اسم حور محب على نقش خاص بالملك سيتي الأول الذي جاء بعده بعقود، فهذا يدل على قيمة هذا القائد العسكري».
ولم يوضح النص الذي محا الزمن أجزاء منه ماذا كان يقول الملك سيتي الأول عن حور محب، وهو الأمر الذي يرى كاتب علم المصريات بسام الشماع أنه يستحق الاهتمام الكبير من وزارة الآثار عبر استخدام بعض التقنيات الحديثة التي تساعد في معرفة ما هو مفقود من النص.
ويقول الشماع لـ«الشرق الأوسط»: «معلومة أن البطالمة كانوا يبنون المعابد في أماكن المعابد المصرية القديمة، تأكدت بهذه اللوحة الحجرية، رغم أن عالم المصريات الذي قام بتحليلها وضع احتمالا أن تكون نقلت إلى المعبد، ولم تكن موجودة في الأساس بهذا المكان».
وأضاف: «سواء نقلت أم كانت في المكان نفسه، فإن ما تتضمنه من معلومات يشير إلى أن عبادة الربين حورس وسوبيك، كانت في عصر سيتي الأول، قبل سنوات طويلة من الحكم البطلمي».
ومن جانبه، يميل عبد المنعم سعيد مدير آثار أسوان والنوبة إلى أن اللوحة تخص المكان، ولم تنقل إليه، لأنها ليست اللوحة الوحيدة المكتشفة في المعبد، التي تؤرخ لعبادة سوبيك وحورس.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عثرنا قبل ذلك على لوحات من عصر الملك رمسيس الثاني وتحتمس الثالث، وسنعلن قريبا عن اكتشاف أقدم من هذين العصرين، يخص سوبيك وحورس، ما يؤكد فرعونية ومصرية المعبد، وأنه ليس بطلميا كما يعلم الجميع».


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».