مفهوم التغير الاجتماعي... فنياً

معرضان للفنانين السعودي عبد الناصر غارم والنمساوي هيمو زوبيرنيغ

«قباب»
«قباب»
TT

مفهوم التغير الاجتماعي... فنياً

«قباب»
«قباب»

معرضان مهمان أقيما في «متحف الفنون» بالشارقة بعنوان: «الأشكال الفاعلة للنحت الاجتماعي» للفنان السعودي عبد الناصر غارم والفنان النمساوي هيمو زوبيرنيغ، ويستمران حتى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
هناك قواسم مشتركة بين المعرضين؛ أبرزها مفهوم التغير الاجتماعي من خلال أساليب الفنون التصورية. ويتجلى هدف كل من الفنانين في العمل على إحداث تغيير في المفاهيم السابقة للجمهور، والتحفيز على تقديم وجهات نظر متباينة تجمع نبض العالم من كل مكان. ويلتقي أسلوب الفنانين أيضاً من خلال مفهوم النحت الاجتماعي الذي يهدف إلى تغيير نظرة الأشخاص تجاه القواعد الثقافية ومفهوم وعي المجتمعات في أوروبا والشرق الأوسط.
يقول الفنان السعودي عبد الناصر غارم عن طريقته في المزج بين الحداثة والتراث: «تعتمد الفنون المعاصرة على النبش في التراث الأصيل من أجل إظهار الهوية المختلفة الموجودة في واقعنا. هناك كنوز في عالمنا العربي يجب ألا تغيب عن أذهاننا بصفتنا فنانين، لكن هناك آيديولوجيات عملت على حجبها من رؤيتنا. الفنان مثل عالم الآثار؛ يجب أن يكتشف بفرشاته وأزميله، ويحول ما يكتشفه إلى خطاب كوني يرى فيه ذاته والمجتمع، خصوصاً ونحن نعيش في عصر الشراهة البصرية التي لا بد من إثرائها. شاركت في (بينالي الشارقة) في 2006، وهذه هي المرة الثانية التي تعرض فيها الشارقة أعمالي. كنت أتكلم عن التأثير في البيئة وعلاقتها بالفن، لأن البيئة أهم ما يجب أن نفكر به. إن ما يميزنا هو قيمنا التي تربينا عليها، وعلينا تجسيدها في الفن».
أما عالية الملا، مديرة «متحف الشارقة للفنون»، فتقول: «المعرض الحالي يحتوي على 40 عملاً فنياً لفنانين معروفين من بيئات مختلفة؛ المجتمع السعودي والنمساوي، ولكن تفكيرهما متقارب من حيث المعالجة الفنية للواقع. إن المصطلح الجديد التي يدور حولهما المعرضان هو (النحت الاجتماعي)، وكيف يمكن للأعمال الفنية أن تترك أثراً في الشخص؛ في نمط تفكيره وسلوكياته. وهنا تبرز جماليات اللوحة من خلال التعمّق في الطبقات الفنية المختلفة له. فنرى أشياء عادية يحولها الفنان إلى قطع فنية مثل الأثاث أو جهاز التلفزيون، وغيرها من العناصر التي اعتدنا عليها في حياتنا اليومية».
ويحتوي المعرض على مجموعة من أعمال فنية تتضمن تركيبات كبيرة وعروض فيديو ولوحات فنية، وتحفّز كل قطعة فنية ضمن المعرض الزوار على النظر في القضايا الرئيسية التي تؤثر في المجتمع من منظور مختلف وجديد.
في أعمالهما يُسلط الفنانان زوبيرنيغ وعبد الناصر غارم الضوء على صفات خفية من مجتمعاتنا من خلال سرد تاريخي دقيق لها. ومن خلال عدستهما نكتشف الطريق بين الهندسة المعمارية والتاريخ، وكيف تطور نسيج المدن والمجتمعات مع مرور الوقت. يأخذ عمل زوبيرنيغ شكل دراسة وتوسعة لاثنين من الاستعارات المركزية للرسم في القرن العشرين: الشبكة وأحادية اللون. حيث تتدفق هذه الموضوعات من لوحاته التي غالباً ما تجمع بين الروح الحداثية والكلاسيكية، من خلال شكلها المربع 10×100 سنتيمتر أو 10×10 سنتيمترات من منحوتات، وأشرطة فيديو، وتجهيزات الغرف. هذا؛ ويقوّض زوبيرنيغ بشكل جوهري المثال الحداثي لأحادية اللون، ويبعث بنقائها الجمالي من خلال إدخال عناصر الزخارف عبر استخدام الستائر القماشية أو الضوء لإنشاء بيئات أحادية اللون. أما منحوتاته، فتتسم بأنها تقليدية أو لعوبة أو فضولية في كثير من الأحيان، فهي توّسع المجال أحادي اللون، وتشكل أعمالهما تحديا لأساليب ممارسة الفن في الوقت الحاضر، حيث يتمثل هدفها النهائي في دفع حدود كيفية فهمنا للعالم.
ولا بد من إلقاء الضوء على مفهوم «النحت الاجتماعي»، وهو مصطلح صاغه الفنان الألماني الراحل جوزيف بويس لوصف كيفية وإمكانية تغيير وعينا بالفن، وكيف يمكن للفن أن يؤدي إلى سلوك اجتماعي جديد. ويبدو هذا جلياً لدى الفنان عبد الناصر غارم في أعماله الجمالية المعقدة الذي يركز فيها على علاقة الفن بالمجتمع، وتحديداً في واقع المملكة العربية السعودية، مستخدماً لغة التورية الفنية والخداع البصري. أما بالنسبة للفنان النمساوي زوبيرنيغ فيستخدم المواجهة بين الفن والوظيفية، من خلال اللجوء إلى الأشكال الأكثر تنوعاً في وعي الفن وتجاوز حدود الإدراك.
ويتمتع كل من الفنانين التشكيليين بموهبة فريدة يعبران عنها بأساليب مختلفة، حيث يعتمد السعودي عبد الناصر غارم على تنفيذ التركيبات الضخمة والأفلام القصيرة والمنحوتات، إلى جانب الرسوم وغير ذلك من الأعمال، أما النمساوي زوبيرنيغ، فيعرض إبداعاته من خلال مجموعة من الأنماط الفنية التصويرية. كما يسلط الفنانان الضوء على كثير من المزايا الخفية ضمن مجتمعاتنا، ويكشفان من خلال أعمالهما عن مدى تطور الهندسة المعمارية وكيف تحولت إلى وسيلة تعبّر عن التاريخ، إضافة إلى عرض تطور نسيج المدن والمجتمعات عبر الزمن.
يعد الفنان التشكيلي عبد الناصر غارم، من أبرز الفنانين المرموقين والمعروفين في مجال الفن التصوري على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وعرضت أعماله في كثير من المعارض والمتاحف حول العالم. وكانت مجموعة من الأعمال الفنية من استوديو الفنان السعودي غارم قد عرضت لأول مرة في صالة «آسيا هاوس» في لندن في عام 2016. أما النمساوي هيمو زوبيرنيغ، الذي تتنوع أعماله في مجال الفنون التصورية والتركيبات، فغالباً ما يوظف عناصر من الأسلوبين التكعيبي والطبيعي أثناء العمل على إبداع أعمال أصيلة تتنوع بين أنماط فنية متنوعة تشمل التداخلات المعمارية، والتركيبات، مع عروض الأداء، والفيديوهات والأفلام، والمنحوتات، والرسوم. تخرج زوبيرنيغ في أكاديمية فيينا للفنون الجميلة، وكان الفنان الذي مثل النمسا خلال الدورة الـ56 من معرض «بينالي البندقية» في عام 2015.



«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)

بالتضامن مع القضية الفلسطينية والاحتفاء بتكريم عدد من السينمائيين، انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من مهرجان «القاهرة للسينما الفرانكفونية»، الخميس، وتستمر فعالياته حتى الثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بعرض 75 فيلماً من 30 دولة فرانكفونية.

وشهد حفل الافتتاح تقديم فيلم قصير منفذ بالذكاء الاصطناعي، للتأكيد على أهمية تطويع التكنولوجيا والاستفادة منها في إطار تحكم العقل البشري بها، بجانب عرض راقص يمزج بين ألحان الموسيقار الفرنسي شارل أزنافور احتفالاً بمئويته، وموسيقى فريد الأطرش في ذكرى مرور 50 عاماً على رحيله.

وكرّم المهرجان المخرج المصري أحمد نادر جلال، والإعلامية المصرية سلمى الشماع، إلى جانب الممثلة إلهام شاهين التي تطرقت في كلمتها للتطور الذي يشهده المهرجان عاماً بعد الآخر، مشيدة بالأفلام التي يعرضها المهرجان كل عام من الدول الفرانكفونية.

وأكد رئيس المهرجان ياسر محب «دعم المهرجان للشعب الفلسطيني في الدورة الجديدة»، مشيراً إلى أن السينما ليست بمعزل عما يحدث في العالم من أحداث مختلفة.

وأوضح أنهم حرصوا على تقديم أفلام تعبر عن التغيرات الموجودة في الواقع الذي نعيشه على كافة المستويات، لافتاً إلى أن من بين الأفلام المعروضة أفلاماً تناقش الواقع السياسي.

جانب من الحضور في حفل الافتتاح (حساب إلهام شاهين على «فيسبوك»)

وشهد حفل الافتتاح كلمة للمستشار الثقافي للسفارة الفلسطينية بالقاهرة ناجي الناجي، أكد فيها على دور الفن في دعم القضية الفلسطينية، مشيداً بدور الأعمال الفنية المتنوعة في التعبير عن القضية الفلسطينية وعرض 14 فيلماً عنها ضمن فعاليات الدورة الجديدة للمهرجان.

وتضمن حفل الافتتاح رسالة دعم ومساندة للشعب اللبناني من خلال عرض الفيلم التسجيلي «ثالث الرحبانية» عن حياة وإبداعات الموسيقار اللبناني إلياس الرحباني، وحظي بتفاعل كبير من الحضور.

وقال المنتج الفلسطيني حسين القلا الذي يترأس مسابقة الأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة لـ«الشرق الأوسط» إن «السينما ليست مجرد مشاهدة للأفلام فحسب، ولكن ربط بين الثقافات والحضارات المختلفة»، مشيراً إلى طغيان ما يحدث في غزة على كافة الفعاليات السينمائية.

ويترأس القلا لجنة التحكيم التي تضم في عضويتها الفنانة التونسية عائشة عطية، والفنان المصري تامر فرج الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المهرجان ليس منصة فقط لعرض الأفلام السينمائية للدول الفرانكفونية، ولكنه مساحة للتعبير عن المبادئ التي تجمع هذه الدول، والقائمة على المساواة والأخوة والسعي لتحقيق العدل، الأمر الذي ينعكس على اختيارات الأفلام».

وعدّ الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين، المهرجان «من الفعاليات السينمائية المهمة التي تهدف لتعزيز التبادل الثقافي مع 88 دولة حول العالم تنتمي للدول الفرانكفونية، الأمر الذي يعكس تنوعاً ثقافياً وسينمائياً كبيراً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المهرجان يركز على استقطاب وعروض أفلام متنوعة وليس (الشو الدعائي) الذي تلجأ إليه بعض المهرجانات الأخرى».

وعبر عن تفاؤله بالدورة الجديدة من المهرجان مع أسماء الأفلام المتميزة، والحرص على عرضها ومناقشتها ضمن الفعاليات التي تستهدف جانباً ثقافياً بشكل بارز ضمن الفعاليات المختلفة.