مشكلة الأسماء

يواجه أكثرنا مشاكل في تسمية الأولاد. لا أدري كيف سمى القارئ الكريم أولاده، أو كيف سماه والده. أنا اخترت أسماء أولادي من كتاب «الأسماء» الذي اشتريته من السوق بخمسة باوندات. وكانت هذه تكلفة أسمائهم. لا أدري كيف اختار اسمي والدي، رحمه الله، أو كم قد كلفه. ولكنه كلفني كثيراً، فقد كانت هناك أغنية أطفال في العراق عن القطة وخالد تنتهي بأن ينط الأولاد عليه كالقطط ويخرمشون وجهه ويديه صارخين: «خالد انفقست عيونه من حوبة البزونة»!
اختلفت الشعوب مثلما اختلف الأفراد قي أساليب التسمية، ففي عهود الجاهلية، كان العرب يسمون أولادهم بأرذل الأسماء تفادياً لحسد أوثانهم وانتقامهم منهم، كما كانوا يعتقدون. وهكذا كانوا يسمون أولادهم صخر أو حجر أو كلب وكليب... إلخ. في حين كانوا يسمون عبيدهم بأسماء جميلة مثل جوهر وجواهر وياقوت وكافور ونحو ذلك. وكله لثمن بيعهم في السوق.
وكان من أفضال الدين الإسلامي التخلص من هذه الخزعبلات والجنوح إلى استعمال الأسماء الجميلة كالحسن والحسين والأسماء الدالة على الإيمان والخضوع المطلق لله عز وجل، كعبد الله وعبد الرحمن. وفي هذه الأيام ظهرت عادة التسمية بأسماء القادة والزعماء كسعد وصلاح الدين وقاسم.
وهذه عادة لا بد من الاحتساب بشأنها، وأحوال العالم العربي على ما نعرفه. هناك بين العوائل الكويتية من سمت اسمها في أيام الصداقة والتحالف مع العراق باسم صدام. لا أدري ماذا يفعلون الآن؟ تصوروا هذه العائلة تعود إلى الكويت بعد تحريرها تحمل معها ابنها «صدام». ويقود سيارتها رئيس العائلة أبو صدام!
الواقع أن لي ابن عم يعاني من مشكلة حقيقية في هذا الصدد، فقد سمى ابنه في العراق باسم «ياسر»، تيمناً بياسر عرفات. ولكن الابن يعيش الآن في منطقة يهودية في إنجلترا. لا يعطي اسمه لأحد إلا ونظروا إليه شزراً. وقد اقترحت عليه أن يغير اسمه إلى كوهين، أو عزرا أو شلومو.
وهذه كلها من مطبات سوء الاختيار. الواقع أن الإنسان في العالم العربي أصبح في حاجة إلى خبراء كبار في ميادين السياسة والاقتصاد ليعلموه بتوقعات المستقبل وما يجدر به أن يختار من أسماء مضمونة لأولاده. ولكن مهما كان الأمر، فبقدر معرفتي بالشؤون العامة، أستطيع أن أقول وأحذر من استعمال أسماء من نوع وحيد ووحيدة ونحو ذلك من المشتقات. فهي ترتبط بالوحدة العربية. ومثل ذلك أقول عن أسماء مثل ماركس وماو وجيفارا، أي شيء ينم عن التيمن بأفكار الاشتراكية بعد سقوطها.
وللهنود الحمر في أميركا تقليد عجيب في اختيار الأسماء. فقد كان من رؤسائهم المحترمين من يحمل اسم «كلب يبول». وهو اسم في غاية الغرابة. ولكن الغرابة تزول عندما نعرف أسلوب تسميتهم. تقضي تقاليد إحدى قبائلهم أن على الزوج أن يجلس مع زوجته عندما تلد. وحالما تلد يخرج خارج الخيمة ويلاحظ ما أمامه ثم يسمي الوليد باسم ما رآه.