قمة ثالثة لزعيمي الكوريتين خطوطها غير واضحة المعالم

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إنه يريد التوصل إلى «نتيجة كبيرة» مع بدء محادثات قمة تستمر ثلاثة أيام مع نظيره الكوري الجنوبي مون جيه - إن تهدف إلى إعادة إحياء الدبلوماسية النووية المتعثرة. وبدأ الزعيم الكوري الشمالي كيم محادثات رسمية مع مون أمس الثلاثاء في بيونغ يانغ. وقال كيم إن قمته مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في يونيو (حزيران) حققت استقرارا سياسيا، مضيفا أنه يتوقع المزيد من التقدم. وأثنى كيم على مون قائلا إنه جعل عقد قمة بينه وبين ترمب في سنغافورة أمرا ممكنا. وعقدت الجولة الأولى من محادثات القمة بين الكوريتين أمس الثلاثاء لمدة ساعتين في مقر اللجنة المركزية لحزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية. واستقبل كيم مون بالعناق والمصافحة عندما هبط الرئيس الكوري الجنوبي في عاصمة كوريا الشمالية في مهمة لإحياء الزخم في المحادثات المتعثرة بين واشنطن وبيونغ يانغ حول نزع السلاح النووي والتقدم باتجاه إنهاء الحرب الكورية رسمياً.
وحضر الزعيمان عرضا موسيقيا وتناولا العشاء سويا في موكرانكوان وهي قاعة كبرى استضاف فيها كيم احتفالات ضخمة العام الماضي لتهنئة العلماء والمسؤولين على إجراء تجارب على صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة. وهتف عشرات الآلاف من سكان كوريا الشمالية «الوحدة» ولوحوا بزهور أثناء مرور موكب الزعيمين.
وستكون القمة بين الكوريتين، وهي الثالثة بين مون وكيم، اختبارا لإمكانية عقد اجتماع آخر اقترحه كيم على الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الآونة الأخيرة. وهذه الزيارة الأولى لرئيس كوري جنوبي إلى بيونغ يانغ في عقد من الزمن، وهي ثالث لقاء بين الزعيمين بعد قمتين في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) في المنطقة الفاصلة بين الكوريتين.
ومون يسير بذلك على خطى الرئيسين السابقين كيم داي - جونغ الذي زار بيونغ يانغ في العام 2000 ورو مو - هيون في 2007.
وقال مساعدو مون إن ترمب طلب من مون أن يكون «كبير المفاوضين» بينه وبين كيم بعدما ألغى ترمب زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى بيونغ يانغ في الشهر الماضي.
وتريد واشنطن أن ترى عملا ملموسا من كوريا الشمالية لنزع السلاح النووي قبل الموافقة على هدف مهم تسعى له بيونغ يانغ وهو إنهاء الحرب الكورية التي اندلعت بين عامي 1950 و1953 رسميا. وكان الشمال اجتاح في 1950 الجنوب ما تسبب في اندلاع الحرب الكورية. لكنه يؤكد اليوم باستمرار أهمية إعادة توحيد مع الجنوب الذي بات أغنى بكثير.
ويرافق مون في الزيارة كبار قادة قطاع الأعمال ومنهم وريث سامسونغ لي جاي يونغ ونائب رئيس مجلس إدارة شركة هيونداي موتور للسيارات، ومن المقرر أن يزور مع وفده مواقع رئيسية في بيونغ يانغ، وسيجتمعون مع نائب رئيس وزراء كوريا الشمالية ري ريونغ نام المسؤول عن الشؤون الاقتصادية. ويعتزم مون وكيم إجراء جولة ثانية من المحادثات الرسمية اليوم الأربعاء ومن المتوقع أن يصدرا إعلانا رسميا واتفاقا عسكريا منفصلا لنزع فتيل التوترات ومنع الاشتباكات المسلحة.
ويأمل مون، الذي فر والداه من الشمال خلال الحرب، من خلال القمة إنعاش المحادثات التي تراوح مكانها بين الشمال وواشنطن حول نزع الأسلحة النووية. وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية إن القمة «ستشكل فرصة مهمة لتسريع تطوير العلاقات بين الكوريتين اللتين تفتحان صفحة جديدة في التاريخ».
والتزم كيم في سنغافورة «إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية»، وهي عبارة قابلة لتفسيرات عدة. ويتواجه الطرفان منذ ذلك الحين لتحديد المعنى الدقيق لهذه العبارة.
وتريد واشنطن «نزعا نهائيا وكاملا يمكن التحقق منه للأسلحة النووية» للشمال، فيما تريد بيونغ يانغ إعلانا رسميا لانتهاء الحرب الكورية. وتندد بوسائل «العصابات» التي تتبعها الولايات المتحدة في مطالبتها بنزع الأسلحة من جانب واحد.
وكررت مقالة في صحيفة «رودونغ سينمون» الناطقة باسم الحزب الحاكم في الشمال الانتقاد نفسه الثلاثاء. وقالت إن واشنطن تتحمل «كامل المسؤولية» عن تعثر المحادثات، مضيفة أن «الولايات المتحدة تصرّ بعناد على نظرية نزع الأسلحة النووية أولا». مع تحرك سيول وواشنطن بسرعتين متفاوتتين في تقاربهما مع بيونغ يونغ، سيسعى كيم لضمان مزيد من المشاريع الممولة من الجنوب في الشمال. من ناحيته سيسعى الرئيس الكوري الجنوبي المؤيد للحوار، إلى تقريب المسارين لخفض تهديد نزاع مدمر على شبه الجزيرة.
وسيسعى مون لإقناع كيم باتخاذ خطوات ملموسة نحو نزع الأسلحة يمكن له أن يعرضها أمام ترمب المتوقع أن يلتقيه في وقت لاحق هذا الشهر على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ونُقل عن مون قوله قبل مغادرة سيول إنه «إذا أفضت هذه الزيارة بشكل ما إلى استئناف المحادثات الأميركية الكورية الشمالية، فستكون ذات أهمية كبيرة بحد ذاتها». لكن المحللين خفضوا سقف التوقعات.
وقالت مجموعة يوراسيا للاستشارات في مذكرة إن اللقاء «قد يسفر عن عناوين متفائلة لكنه سيحقق القليل نحو تسريع جهود نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية». وأضافت أن كيم سيدفع باتجاه تعزيز التعاون بين الشمال والجنوب «وخصوصا في مجالات تعود بفوائد اقتصادية على الشمال». وتابعت أن «التقدميين داخل حكومة مون وخارجها ستكون لديهم حوافز قوية لتضخيم إنجازات القمة، بعد التعتيم الأولي على ما سيكون على الأرجح عدم تحقيق إنجازات كبيرة».
ومون، الذي تظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبيته وسط صعوبات اقتصادية في الجنوب يدفع باتجاه التعاون بين الكوريتين. لكن وسائل الإعلام الكورية الجنوبية أكدت ضرورة التزام الحذر وطالبت بتحقيق تقدم ملموس نحو نزع السلاح النووي. وكتبت صحيفة «شوسون إيلبو» المحافظة في مقالة افتتاحية الثلاثاء «عدد لا بأس به من الأشخاص ضاقوا ذرعا بالفعاليات المفاجئة بين الزعيمين». وأضافت أنه «على الرئيس مون أن يتوجه إلى بيونغ يانغ مع التصميم بأن الأجندة الأولى والثانية والثالثة لهذه القمة هي نزع السلاح النووي».