الأحذية الرياضية لازمة لا يُستغن عنها الشباب

من مجموعة «كورنيلياني» لخريف وشتاء 2018  -  من مجموعة «كورنيلياني» لخريف وشتاء 2018  -  الممثل جيمس لاستوفيك في حفل افتتاح فيلم «إنساتيابل» بإطلالة «سبور»
من مجموعة «كورنيلياني» لخريف وشتاء 2018 - من مجموعة «كورنيلياني» لخريف وشتاء 2018 - الممثل جيمس لاستوفيك في حفل افتتاح فيلم «إنساتيابل» بإطلالة «سبور»
TT

الأحذية الرياضية لازمة لا يُستغن عنها الشباب

من مجموعة «كورنيلياني» لخريف وشتاء 2018  -  من مجموعة «كورنيلياني» لخريف وشتاء 2018  -  الممثل جيمس لاستوفيك في حفل افتتاح فيلم «إنساتيابل» بإطلالة «سبور»
من مجموعة «كورنيلياني» لخريف وشتاء 2018 - من مجموعة «كورنيلياني» لخريف وشتاء 2018 - الممثل جيمس لاستوفيك في حفل افتتاح فيلم «إنساتيابل» بإطلالة «سبور»

منذ ظهور «الجينز» المقتبس من سراويل رعاة البقر في سهول الغرب الأميركي، لم يعرف عالم الموضة النسائية والرجالية ثورة كتلك التي يشهدها حاليّا مع انتشار الأحذية الرياضية أو الخفيفة المصنوعة من القماش والمطّاط Sneakers. إنها ظاهرة عالمية عابرة للأعمار والأذواق والطبقات الاجتماعية. تبدأ على أبواب الأندية والملاعب الرياضية والمدارس، مروراً بالمكاتب والمدارس والمقاهي والجامعات، وصولاً إلى قمّة التأنق الاستعراضي في حفلات توزيع جوائز الأوسكار.
تفيد أرقام منظمة التجارة العالمية بأن الأحذية الرياضية والخفيفة باتت تشكّل 60٪ من مجموع الإنتاج العالمي من الأحذية، وقد أصبحت العلامة المميِّزة لمعظم المهتّمين بمواكبة الموضة، والمحرّك الاقتصادي الأساسي لكثير من دور الأزياء العالمية، مجيّشة لها أبرز المصممين والحملات الترويجية باهظة التكلفة. وقد وقّعت دار «كالفين كلاين» الأميركية مؤخراً عقداً بملايين الدولارات مع مؤسسة «آندي وارهول» للفنون البصرية من أجل استخدام الرسم الذاتي الشهير الذي وضعه وارهول عام 1977 على مجموعة الأحذية الخفيفة التي تعتزم إطلاقها في الموسم القادم.
وفي ربيع هذا العام حوّلت دار «شانيل» القصر الكبير Le Grand Palais في باريس إلى غابة لعرض مجموعتها لموسم الخريف والشتاء المقبل. جلس في الصف الأول رؤساء تحرير المجلات الكبرى للموضة ومديرو المشتريات في المحلات الفخمة، إلى جانب المشاهير من كل المشارب والفنون. بعضهم كان يحمل حقائب يزيد سعرها على 10 آلاف دولار، وآخرون يعتصمون ساعات بقيمة سيارة فخمة، لكن القاسم الجامع بين معظمهم كانت الأحذية الخفيفة التي أصبحت مرادفاً لمصطلح Cool في عالم الأزياء.
الأرقام التجارية شواهد على جموح هذه النزعة. ارتفعت مبيعات الأحذية الخفيفة للسنة الرابعة على التوالي بنسبة 10٪، فبلغت قيمتها الإجمالية 30 مليار دولار.
في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي أطلقت دارا «أديداس» و«بوما» اللتان يملكهما الشقيقان اللدودان آدولف ورودولف داسلير مجموعات متتالية من الأحذية الخفيفة مخصصة للاستخدام خارج الملاعب والأندية الرياضية. لكن الثورة الحقيقية انطلقت من نيويورك عندما أضربت وسائل النقل العام للمرة الأولى طوال أسابيع، مما اضطر النساء إلى الذهاب سيراً على الأقدام إلى مراكز عملهن. ونظراً إلى صعوبة السير لمسافات بعيدة بأحذية بكعب عالٍ، لمعت لإحداهنّ فكرة استخدام الأحذية الرياضية للذهاب إلى مراكز العمل والعودة منها، والاحتفاظ بحذاء الكعب العالي الأنيق في حقيبة اليد لاستبداله عند الدخول إلى المكتب.
وعندما شاع هذا المشهد في عدد من الأفلام الأميركية وبدأت وسائل الإعلام تتناقله، سارعت الشركات الكبرى في صناعة النسيج إلى استغلال هذه الظاهرة لتحقق نموّاً لم يتوقّف إلى اليوم.
شركات الملبوسات الرياضية العملاقة مثل «نايك» تتوقّع أن يصل حجم مبيعاتها النسائية إلى 30٪ من إجمالي المبيعات، وهي تستثمر مبالغ ضخمة للترويج لهذه الظاهرة في كل المجالات. نجوم موسيقى الروك والراب يوقّعون عقوداً تجارية ضخمة مع الشركات الكبرى ودور الأزياء لتسويقها باستخدامها في حفلاتهم وأنشطتهم الاجتماعية. ولم يعد مستهجناً أن نرى هذه الأحذية في أهم المحافل.
لكن هذه الثورة ليست وقفاً على المرأة، بل وصلت إلى الرجل الذي تتنافس الدور العريقة مثل «هيرميس» و«لويس فويتون» و«ديور» وغيرها على الإبداع فيها. ويفيد موقع التسوق الإلكتروني «مستر بورتر» بأن حجم تجارة الأحذية الرياضية قد تضاعف أربع مرّات خلال العام الماضي بعد أن تحرّر الرجل من قيود الموضة التي كانت مرسومة له في الماضي. فجأة أصبحت هذه الأحذية دالّة على الهويّة الجمالية والقدرة الشرائية مثل الهواتف النقّالة وأجهزة الكومبيوتر.
ووصل الحد إلى أن دور أزياء كبيرة مثل «ديور» و«بالنسياغا» و«فالنتينو» استحدثت أقساماً خاصة بالأحذية الرياضية بعد أن أصبحت سرّ النجاح ومفتاحه التي يصل سعر المجموعات المحدودة منها إلى 9 آلاف دولار عند «شانيل» و30 ألفا عند «كريستيان لوبوتان». دار «سالفاتوري فيراغامو» الإيطالية تعد رمز الحذاء الكلاسيكي الذي أخذ تشريح الأقدام بعين الاعتبار كأنه منحوتة، رضخت لمقتضيات هذه الثورة وبدأت بإطلاق مجموعات تحمل توقيعها. من جهتها تعاقدت دار «لويس فويتون» مع المصمم الأميركي المعروف فيرجيل آبلو مؤخراً، وهو الذي اشتهر بتصاميمه الجريئة والناجحة مع «نايك» و«كونفيرس». وأوكلت إليه مهمّة التخطيط لاجتذاب الشباب المولودين في الألفيّة الراهنة، والذين من المتوّقع أن يشكّلوا بعد 7 سنوات 40٪ من الزبائن.
وهذا يدل على أنه لم يعد بإمكان أي دار أزياء أو شركة لصناعة الأحذية أن تتجاهل هذه الظاهرة أو تقلّل من قوة تأثيرها. فهذا التصميم أصبح ضرورة في عالم الموضة وفي الحياة العامة، مثله مثل حقيبة السفر بعجلات التي بات من المستحيل الاستغناء عنها.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
TT

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم، سواء تعلق الأمر بمناسبات النهار أو المساء والسهرة. ثم جاءت أميرة ويلز، كاثرين ميدلتون، لترسِخ مكانته منذ أيام قليلة، لدى مشاركتها مراسيم استقبال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني. ظهرت به من الرأس إلى أخمص القدمين، في لوحة مفعمة بالجرأة والكلاسيكية في الوقت ذاته. هذه اللوحة ساهم في رسمها كل من مصممة دار «ألكسندر ماكوين» السابقة سارة بيرتون من خلال المعطف، ومصممة القبعات «سحر ميليناري» ودار «شانيل» من خلال حقيبة اليد.

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

كان هذا اللون كافياً لكي يُضفي عليها رونقاً ودفئاً من دون أن يحتاج إلى أي لون آخر يُسنده. ربما تكون أقراط الأذن والعقد المرصعين باللؤلؤ هما الاستثناء الوحيد.

لكن من يعرف أميرات القصر البريطاني يعرف أن اختياراتهن لا تخضع لتوجهات الموضة وحدها. هن أيضاً حريصات على توظيف إطلالاتهن كلغة دبلوماسية في المناسبات الرسمية. في هذا الحالة، يمكن أن نقرأ أن سبب اختيارها هذا اللون كان من باب الاحتفاء بالضيفين العربيين، بالنظر إلى أنه أحد ألوان العلم القطري.

لكن إذا تقيّدنا بتوجهات الموضة، فإنها ليست أول من اكتشفت جمالياته أو سلّطت الضوء عليه. هي واحدة فقط من بين ملايين من نساء العالم زادت قابليتهن عليه بعد ظهوره على منصات عروض الأزياء الأخيرة.

اختيار أميرة ويلز لهذا اللون من الرأس إلى أخمص القدمين كان مفعماً بالأناقة (رويترز)

«غوغل» مثلاً أكدت أن الاهتمام بمختلف درجاته، من العنابي أو التوتي أو الرماني، بلغ أعلى مستوياته منذ 5 سنوات، في حين ارتفعت عمليات البحث عنه بنسبة 666 في المائة على منصات التسوق الإلكترونية، مثل «ليست» و«نيت أبورتيه» و«مايتريزا» وغيرها.

ورغم أنه لون الخريف والشتاء، لعُمقه ودفئه، فإنه سيبقى معنا طويلاً. فقد دخل تشكيلات الربيع والصيف أيضاً، معتمداً على أقمشة خفيفة مثل الكتان والساتان للنهار والموسلين والحرير للمساء، بالنظر إلى أن أول تسلل له، كان في تشكيلات ربيع وصيف 2024 في عرضي كل من «غوتشي» و«بوتيغا فينيتا». كان جذاباً، الأمر الذي جعله ينتقل إلى تشكيلات الخريف والشتاء الحاليين والربيع والصيف المقبلين.

بغضّ النظر عن المواسم والفصول، كان هناك إجماع عالمي على استقباله بحفاوة جعلته لون الموسم بلا منازع. لم يعد يقتصر على العلامات الكبيرة والغالية مثل «غوتشي» و«برادا» وغيرهما. انتقلت عدواه سريعاً إلى المحلات الكبيرة من «بريمارك» إلى «زارا» و«أيتش أند إم» مروراً بـ«مانغو» وغيرها من المتاجر الشعبية المترامية في شوارع الموضة.

الجميل فيه سهولة تنسيقه مع ألوان كثيرة مثل الرمادي (إ.ب.أ)

ورغم أن أميرة ويلز ارتدته من الرأس إلى القدمين، فإن أحد أهم عناصر جاذبيته أنه من الدرجات التي يسهل تنسيقها مع ألوان أخرى كثيرة، من دون أن يفقد تأثيره. يمكن تنسيقه مثلاً مع الأسود أو البيج أو الرمادي أو الأزرق الغامق. يمكن أيضاً تنسيق كنزة صوفية بأي درجة من درجاته مع بنطلون جينز بسيط، أو الاكتفاء بمعطف منه أو حقيبة أو حذاء حتى قفازات فقط.