الصين تكثف استثماراتها في السودان

تسابق الصين، دول العالم، في الاستثمار في السودان، خاصة في القطاع النفطي بعد توقيع الخرطوم وجوبا في يونيو (حزيران) الماضي، اتفاقية لإعادة تشغيل حقول النفط في جنوب السودان المتوقفة من خمس سنوات، والذي بدأ بالفعل الأسبوع الماضي بإنتاج 20 ألف برميل يوميا، ترتفع إلى 360 برميلا في اليوم خلال 3 سنوات.
وعلى هامش فعاليات منتدى التعاون الصيني الأفريقي المقام حاليا في بكين، وقع وزير النفط السوداني أزهري عبد القادر اتفاق مع الشركة الوطنية الصينية للنفط «سي إن بي سي» لزيادة الإنتاج والقيام بدراسات استكشافية. كما تم الاتفاق على أن تستمر الشركة في مجال استكشاف وتطوير وإنتاج الغاز، وتجديد اتفاقيات وبروتوكولات التدريب التي كانت متعثرة من قبل ثلاثة أعوام، وإنشاء معهد لدراسات وبحوث النفط في السودان.
وقال سفير السودان لدى بكين، أحمد شاور في تصريحات صحافية، إن الصين ستوسع استثماراتها في السودان في عدد من المجالات، مشيرا إلى أن الرئيس عمر البشير، يشهد توقيع اتفاقية بمبلغ 130 مليون دولار، لتمويل الشركات الصينية المستثمِرة في السودان. وأضاف أن مشروع النفط هو المشروع الرائد في المجال الاقتصادي، إلا أنه قال إن الصين بدأت العمل في محاور أخرى كثيرة ومستدامة. منها مجال المعادن والزراعة والثروة الحيوانية، موضحا أن الصناديق الممولة للاستثمار في الصين أكدت دعمها التام لهذه المشاريع.
وكشف شاور أن السودان والصين سيوقعان على اتفاقية للسماح باستيراد الفول السوداني، الذي سيشكل مورداً مهماً في الميزان التجاري نظرا لحاجة الصين لكميات كبيرة منه. كما وافقت على استيراد الأعلاف من السودان بعد الإجراءات الحمائية التي وضعتها الولايات المتحدة ضد الصين، مشيراً إلى أن الصين كانت تستورد فول الصويا من أميركا بمبلغ أربعين مليار دولار. وقال إن بديل فول الصويا للصين يمكن أن يكون «أمباز بذرة زهرة دوار الشمس» بالإضافة للأعلاف.
وحول سبق الصين لدول العالم للاستثمار النفطي في السودان، بعد توقيع الخرطوم وجوبا، اتفاقية لإعادة تشغيل حقول النفط، أكد سفير السودان لدى الصين أحمد شاور تسارع الخطى بين السودان والصين للتوقيع على اتفاقيات جديدة في مجال استخراج البترول، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقيات ستدفع بالعمل المشترك بين البلدين في مجال إنتاج البترول، وستعود به إلى ما كان قبل الانفصال.
وأضاف أن الصين تقدر التعثر الذي حدث في مشروع إنتاج البترول بعد انفصال جنوب السودان عام 2011 وأدى إلى توقف الإنتاج، لكنها الآن مستعدة للاستمرار في مشروع الاستثمار النفطي في البلاد.
ونوه شاور إلى أن الصين تقدر أهمية السودان، لأن أول عمل للشركات الصينية في مجال البترول خارج الصين كان في السودان، ونجاح الصين فيه شجع الكثير من الدول لتتعامل معها في مجال النفط.
وأكد مصدر بوزارة النفط والغاز السودانية لـ«الشرق الأوسط» أن الشركة الوطنية الصينية للبترول «سي إن بي سي»، لديها حصة في حقول جنوب السودان التي جرى تشغيلها خلال الأيام الماضية، كما أن لديها شراكة واتفاقية مع السودان وجنوب السودان لتمويل أعمال الاكتشافات الجديدة وتشغيل الحقول الثلاثة المتبقية في الجنوب، والتي سترفع إنتاج هذه الحقول إلى 360 ألف برميل.
وأضاف المصدر أن الصين تسابق فعلا دول العالم للاستثمار في النفط السوداني، خاصة بعد تشغيل الحقول المتوقفة في الجنوب والاكتشافات النفطية الجديدة، والتي أعلنها وزير النفط خلال حفل تدشين حقل توما ثاوس، وقال إنها ستضاف إلى منظومة الاكتشافات النفطية، والتي لا تتعدى 20 في المائة من المساحات التي اكتشف فيها النفط.
وكان وزير النفط السوداني أعلن عن اكتشاف بئر نفط جديدة، خلال افتتاحه حقل توما ثاوس الذي بدأ الإنتاج بضخ 20 ألف برميل من النفط الخام بدولة جنوب السودان، بعد إعادة تأهيله بكوادر. وأكد مواصلة العمل في بقية حقول الوحدة ليصل إلى 80 ألف برميل قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مبينا إمكانية عودة نفط الجنوب إلى سابق إنتاجه قبل الانفصال، والبالغ 375 ألف برميل، وذلك في فترة زمنية أقصاها 3 سنوات.
وأشار عبد القادر إلى تأثير ضخ نفط توما ثاوس على اقتصاد الدولتين، ومؤكدا أنه التمس جدية غير مسبوقة من كافة الجهات المعنية بإعادة تشغيل الحقول خاصة وزارة البترول والمعادن بجنوب السودان ممثلة في وزيرها ازيكال لول جاتكوث، والشركات السودانية المنفذة ممثلة في شركة تو بي أوبكو، وشركة بترولاينز.
من جهته، اعتبر المحلل الاقتصادي الدكتور بابكر محمد التوم، عضو اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني السوداني، أن استئناف ضخ نفط دولة جنوب السودان عبر أنابيب الشمال يصب لصالح اقتصاد البلدين، ويسهم في زيادة الإيرادات الحكومية للسودان، كما تدفع حكومة الجنوب لدفع تعويضات الخسائر التي منيت بها منشآت النفط السودانية جراء الحرب الأهلية في جنوب السودان.
وأكد التوم لـ«الشرق الأوسط» مساهمة هذه الخطوة في إنعاش التجارة بين البلدين، وتخفيف الضغط والهجرة الجنوبية نحو السودان، إضافة إلى تنشيط التجارة الحدودية بين البلدين وتبادل السلع، بما يعود بفوائد كبيرة على الاقتصاد السوداني. وأضاف أن الخطوة تضمن للسودان تحصيل رسوم العبور نقدا لدعم احتياطات البلاد من النقد الأجنبي، أو عينا لتشغيل المصفاة السودانية، وذلك سيساهم في الحد من استيراد النفط من الخارج، فضلا عن الاستفادة من النفط الخام في توليد الكهرباء، بجانب حل مشكلة الوقود في البلاد حلا جذريا.
ويمتلك السودان مخزونا من البترول يقدر بنحو 165 مليون برميل. وأجاز مجلس الوزراء السوداني قبل أربعة أشهر عدة إجراءات تهدف لرفع إنتاج البلاد النفطي خلال العام الحالي إلى 31 مليون برميل، بعائد يصل إلى مليار دولار.
وبدأت وزارة النفط السودانية منذ بداية العام الحالي تلقي عروض من شركات نفط دولية، للدخول في الاستثمار في 15 مربعاً نفطياً، كان السودان قد طرحها للاستثمار عبر مناقصة عالمية منذ مارس (آذار) العام الماضي، ثم أعاد طرحها في أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه. كما طرح السودان نهاية مايو (أيار) الماضي عددا من الحقول للاستثمار العالمي.
وأبرز المشروعات المطروحة للاستثمار مدينة للغاز الصناعي للاستفادة منها في الصناعات المرتبطة بالغاز، وذلك بـ«مربع 8» الذي يقع بولاية سنار في جنوب شرقي البلاد. ويقوم مشروع مدينة الغاز الصناعي على تكنولوجيا الزيت الصخري الأميركية في استخراج الغاز الطبيعي.
وتتضمن الفرص الأخرى المطروحة للاستثمار النفطي في السودان زيادة السعة التخزينية لمصفاة الخرطوم التي تعمل حالياً بطاقة 90 ألف برميل يومياً، وتغطي استهلاك البلاد من المواد البترولية بنسبة 80 في المائة.
كذلك تشمل المشروعات السودانية النفطية المطروحة للاستثمار، مد خطوط الأنابيب من مناطق الإنتاج والتخزين للوصول إلى أطراف البلاد، إلى جانب استخراج نفط وغاز في عدد من المواقع التي تحتاج إلى تكنولوجيا عالية واستثمارات ضخمة.
وأبدت كثير من الشركات العالمية خلال الأشهر الماضية رغبتها في الاستثمار النفطي، على رأسها شركة «بتروناس» الماليزية التي قدمت عرضا لزيادة استثماراتها النفطية بالسودان، والدخول في عدد من المربعات الجديدة التي طرحتها الخرطوم. وفي أبريل (نيسان) الماضي، أبدت شركة «TGS» النرويجية - الأميركية رغبتها في العمل بالسودان في مجال الاستكشاف داخل أعماق البحر الأحمر.