محكمة برازيلية تبطل ترشح دا سيلفا للانتخابات الرئاسية

حزبه يستأنف... مع معركة سياسية بين وسم «لولا في صناديق الاقتراع» ووسم «لولا غير مؤهل للترشح»

لولا يلقي خطاباً أمام أنصاره (إ.ب.أ)
لولا يلقي خطاباً أمام أنصاره (إ.ب.أ)
TT

محكمة برازيلية تبطل ترشح دا سيلفا للانتخابات الرئاسية

لولا يلقي خطاباً أمام أنصاره (إ.ب.أ)
لولا يلقي خطاباً أمام أنصاره (إ.ب.أ)

قضت أكبر محكمة انتخابية في البرازيل بأن الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا لا يمكنه خوض الانتخابات الرئاسية هذا العام بسبب إدانته بالفساد. ويزيل الحكم بعض الشكوك التي تحوم حول الانتخابات البرازيلية الأكثر غموضا منذ عقود رغم أن محامين عنه قالوا إنهم سيستأنفون أي قرار ضده أمام المحكمة العليا. واتخذ قرار المحكمة في وقت متأخر الجمعة قبل أن يبدأ السبت بث إعلانات الحملة الانتخابية على شاشات التلفزيون.
وكان حزب العمال اليساري قد سجل دا سيلفا كمرشح رئيسي الشهر الماضي. وقدمت المدعية العامة راكيل دودج وعدد آخر من المشرعين اليمينيين شكاوى ضد ترشيحه.
وبعد ثماني ساعات من المداولات، حسم القضاة بغالبية 6 ضد 1 المسألة وأبطلوا ترشيح الرئيس الأسبق (من 2003 إلى 2010) البالغ من العمر 72 عاماً ويقضي عقوبة بالسجن منذ أبريل (نيسان) . وبعد أشهر من التكهنات، اتضحت الأمور قليلاً في أكبر بلدان أميركا اللاتينية في انتخابات لا تزال نتائجها غير محسومة، وإن كان لا يزال ممكنا الطعن في قرار القضاة إذ شدد حزب العمال بزعامة دي سيلفا في بيان على أنه سيلجأ إلى «كل الوسائل» التي تتيح للرئيس الأسبق ورمز اليسار الترشح إلى الرئاسة مجدداً. وأكد الحزب «سنُقدّم كلّ الطعون الممكنة أمام المحاكم للاعتراف بحقوق لولا السياسية (...) سندافع عنه في الشوارع ومع الشعب لأنه مرشح الأمل».
ويؤكد محامو الدفاع أنه لا يمكن منع دا سيلفا من الترشح قبل النظر في استئناف حكم الرجل الذي يحبه ملايين البرازيليين نظراً للازدهار الذي تحقق خلال سنوات حكمه. وفي نهاية ولايته كانت شعبيته تتجاوز 80 في المائة.
ويسعى حزب العمال، عبر ممارسة ضغوط دولية، إلى التوصل إلى إطلاق سراحه قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية في البلاد، والمقررة في السابع من أكتوبر (تشرين أول) المقبل، حيث تحدوه الآمال بقوة في فوزه بها.
وقبل قرار المحكمة بيوم قام الرئيس السابق للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا مارتن شولتز بزيارة دا سيلفا في السجن. وقال شولتز الخميس لـوكالة الأنباء الألمانية أمام السجن بمدينة كوريتيبا جنوبي البرازيل، تعليقا على تقدم دا سيلفا في استطلاعات الرأي: «زرت هنا رجلا فائق الشجاعة، ومقاتلا كبيرا». وأضاف شولتز «لا توجد قوة في العالم تحول بيني وبين أن أقول للرجل الذي أعرفه منذ سنوات كثيرة وأثق به: إني أصدقك»، مشيرا إلى أن البرازيل تقف على مفترق طرق.
وأظهرت أحدث استطلاعات الرأي أن لولا يتقدم بفارق كبير عن سائر المرشحين الآخرين لانتخابات الرئاسة. ويأتي في المرتبة الثانية بعد لولا في ترتيب المرشحين، وفقا لاستطلاعات الرأي التي أجريت في الآونة الأخيرة اليميني الشعبوي جيير بولسونارو، وهو شخصية أثنت على الديكتاتورية العسكرية بين عامي 1964 و1985. ويوصف بولسونارو بأنه «ترمب البرازيل».
وبين آخر استطلاع أجراه معهد داتافولها أن دا سيلفا يحظى بنسبة 39 في المائة من نوايا التصويت في الدورة الأولى، متقدما بعشرين نقطة على جايير بولسونارو.
ويتمتع الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا بعلاقات قوية وطويلة المدى مع حزب العمال اليساري في البرازيل، الذي ينتمي إليه دا سيلفا. وقبل زيارة شولتز قام رئيسان سابقان لأوروجواي، خوسيه موجيكا، وكولومبيا، إرنيستو سامبر، بزيارة دا سيلفا في سجنه.
وقال شولتز، الذي كان مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمنصب مستشار ألمانيا في عام 2017 «أقوم بهذه الرحلة باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي». وأوضح أنه بحث هذا الأمر، بطبيعة الحال، مع وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس. وأكد شولتز أن حزب العمال سيفوز في الانتخابات المقبلة، ليعيد البرازيل إلى مسارها القوي التعددي، أما البديل عن ذلك، فسيكون تحولا نحو اليمين ووضع البرازيل في عزلة، على حد وصفه.
أبطال ترشيح دا سيلفا جاء على أساس قانون يمنع كل من تمت إدانته في الاستئناف من الترشح للانتخابات. وهي نتيجة كانت متوقعة ولكن تصويت القاضي إدسون فاشين الذي عارض أبطال الترشح، خلق من جديد حالة من الترقب وإن مؤقتاً.
واستند القاضي على توصية لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة للدعوة إلى «احترام حق دا سلفا في الترشح للانتخابات» إلى أن يتم استنفاد كل الوسائل الممكنة. وهذا ما ورد في بيان حزب العمال. لكن الآمال أنهارت مع تصويت باقي القضاة. وشرح القاضي السابق في المحكمة انريكه نيفيس، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، «أيا كان القرار، لا يزال الطعن ممكناً» لا سيما أمام المحكمة العليا.
ولم يتوان حزب العمال الجمعة عن إدراج صور لولا دا سيلفا في إعلانات المرشحين إلى مجلس الشيوخ وحكام الولايات الذين سينتخبون في انتخابات أكتوبر.
وتظهر في الإعلانات مقتطفات من خطاب دا سيلفا الأخير قبل أن يسلم نفسه للسلطات لتنفيذ حكم بالسجن 12 عاماً وشهر في كوريتيبا في الجنوب بعد إدانته بأنه حصل على شقة على البحر من شركة بناء مقابل تسهيل حصولها على عقود لتنفيذ مشاريع عامة.
وهو مستهدف كذلك في خمس دعاوى أخرى لكنه يرفض تماماً كل الاتهامات مؤكداً أنه ضحية مكيدة سياسية لمنعه من تولي الحكم لولاية ثالثة. وكتب لولا في صحيفة «نيويورك تايمز» الشهر الماضي: «كان سجني أحدث مرحلة في انقلاب بطيء الحركة يهدف إلى تهميش القوى التقدمية في البرازيل بشكل دائم».
وعمل لولا ماسح أحذية قبل أن يصبح واحدا من السياسيين الأكثر شعبية في تاريخ البرازيل. وينسب إليه الفضل جزئيا في انتشال عشرات الملايين من الناس من براثن الفقر من خلال البرامج الاجتماعية الممولة بأموال النفط، خلال رئاسته.
وفي حال عدم تمكن لولا من الترشح سيتعين على حزب العمال ترشيح رئيس بلدية ساو باولو السابق فرناندو حداد الذي كان مرشحا كنائب للرئيس. ولكن حداد لا يحظى بتأييد شعبي. ونصح مقرر المحكمة الانتخابية حزب العمال الجمعة باختيار مرشحه للرئاسة خلال عشرة أيام. ودعا الحزب عبر «تويتر» كل أنصار ومؤيدي دا سيلفا إلى إعلان دعم ترشحه عبر موقع التواصل الاجتماعي من خلال وسم «لولا في صناديق الاقتراع» الذي انتشر على نطاق واسع. ولكن هذه الحملة سرعان ما تحولت في بلد منقسم سياسيا إلى حرب تغريدات بين مؤيدي ومعارضي دا سيلفا مع ظهور وسم «لولا غير مؤهل للترشح» الذي انتشر كذلك ولكن في المرتبة الثانية وفق تصنيف الرسائل الأكثر تداولا على «تويتر».
وكان للفوضى السياسية انعكاسات وخيمة على الاقتصاد إذ تراجع الريال البرازيلي بنسبة 20 في المائة أمام الدولار منذ بداية 2018.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».