محافظو إيران يفرضون حرباً متعددة الجبهات

محافظو إيران يفرضون حرباً متعددة الجبهات
TT

محافظو إيران يفرضون حرباً متعددة الجبهات

محافظو إيران يفرضون حرباً متعددة الجبهات

استجواب الرئيس الإيراني حسن روحاني أمام مجلس الشورى أول من أمس وإخفاقه في إقناع النواب في أربع مسائل من أصل خمس وجه البرلمان أسئلة بشأنها، سيكون حدثا مهما في الكيفية التي ستتوالى بها الأحداث الإيرانية على صعيدي إدارة الأزمة الداخلية، والتكيف مع العقوبات القاسية التي جددت الإدارة الأميركية فرضها على طهران.
المسألة الوحيدة التي اقتنعت أكثرية ضئيلة من النواب بما قدمه روحاني من حجج بشأنها تتعلق بالعقوبات المصرفية (137 مؤيدا مقابل 130 معارضا)، فيما رفض البرلمان دفاع الرئيس عن سياساته في مجالات سياسات العملة وتهريب السلع والأموال، والركود المتمادي، وارتفاع الأسعار، والبطالة. أما القضية الخامسة؛ انهيار العملة، فجاء الموقف منها ليشكل الصفعة الأقسى لروحاني؛ حيث رفض 196 نائبا دفاع الرئيس، وقبِله 68، وامتنع 8 عن التصويت.
تفسير مشكلة البطالة حلّ ثانيا في مستوى عدم اقتناع النواب (190 رافضا مقابل 74 مقتنعا).
لا ريب في أن تدهور العملة الوطنية وتفشي البطالة يشكلان العلامتين الأبرز في أي أزمة اقتصادية؛ حيث لا تستطيع أي حكومة إخفاء آثار التضخم وتراجع أسعار العملة المحلية، خصوصا في بلدان تستورد كثيرا من السلع الأساسية والاستهلاكية مثل إيران، ولا تقدر على التعمية على وجود أعداد ضخمة من العاطلين عن العمل حتى لو تلاعبت بالإحصاءات، نظرا إلى الأثر الذي لا يُمحى الذي تتركه البطالة على المجتمع عموما من مشكلات واضطرابات.
خطاب روحاني قبل التصويت حمل تحديا موجها إلى الخارج؛ إلى «المجموعة الكارهة لإيران في البيت الأبيض»، مشددا على أن حكومته لن تسمح للولايات المتحدة «بأن تمرر مؤامراتها»، وأن واشنطن ستصاب «بخيبة أمل لرهانها على الشرخ بين الحكومة ومجلس الشورى». في الواقع، ربما لم تكن خيبة الأمل الأميركية المنشودة كاملة؛ إذ إن الشرخ قد وقع فعلا، وظهر إلى العلن أن الأزمة الاقتصادية الحالية (أو «الصعوبات» بحسب تعبير روحاني الذي رفض استخدام مصطلح «أزمة») أعمق بأشواط من أن تتمكن السلطات الإيرانية علاجها من دون مقاربة جذرية وإصلاحات من الجلي أن روحاني والنظام غير قادرين على مقاربتها من دون صراع مرير وحاد بين أطراف النظام.
جانب آخر من كلمة الرئيس الإيراني تناول نظرة المواطنين إلى المستقبل التي تغيرت وباتت تميل إلى الشك في ما ستحمله الأيام لإيران. وفي بلد تتبنى سلطاته آيديولوجيا تستند فيها إلى اليوتوبيا، يحتل المستقبل مكانة خطيرة؛ إذ إنه الحيز الذي تتحقق فيه كل الأمنيات وتُحل فيه المشكلات. والاعتراف بتغير نظرة المواطنين إلى المستقبل ليس تفصيلا؛ بل يشير إلى أن النظام يعي مدى ابتعاده وآيديولوجيته «الخلاصية» عن الهموم اليومية للإيرانيين.
غني عن البيان أن علة العلل وآفة الآفات، وفق تشخيص روحاني، كانت الولايات المتحدة ومؤامراتها التي لا تتوقف إلا لتبدأ من جديد. وبذلك كان الرئيس الإيراني وفياً لتقليد عريق في الأنظمة الاستبدادية التي تلقي جميع مشكلاتها على الخارج الراغب في النيل من الطموحات الوطنية المفترضة ومن إصرار هذا البلد أو ذاك على الاستقلال والتقدم في طريق النمو والازدهار. لكن روحاني الذي ذكّر بالنجاحات التي حققها في الأعوام السابقة من ولايتيه الرئاسيتين وأرجع تفاقم الأزمة الاقتصادية إلى تراجع واشنطن عن الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارتها السابقة في 2015، لم ينتبه إلى أن التحسن حينذاك كان مرتبطا بوعود بالاندماج في الاقتصاد العالمي وإنهاء عزلة إيران السياسية. بكلمات ثانية، كان رفع العقوبات سبيلا إلى عودة إيران إلى المجتمع الدولي والالتزام بقوانينه وضوابطه، بعدما اقتنعت أجنحة وازنة في النظام بقيادة الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، بعبث إشهار العداء للعالم بأسره وأداء دور مشعل الحرائق في الجوار والمنطقة.
ثمة ما تنبغي الإشارة إليه أيضا؛ وهو تجاهل روحاني في كلمته العوامل الداخلية للأزمة الاقتصادية. ويجوز التذكير بأن بداية المظاهرات في يناير (كانون الثاني) الماضي جاءت بعدما أفلت الشارع من محاولة المرشح المحافظ للانتخابات الرئاسية الأخيرة إبراهيم رئيسي، زيادة درجة التحريض على روحاني من خلال تنظيمه مظاهرة صغيرة في مدينة مشهد ما لبثت أن خرجت عن السيطرة وتحولت إلى صدام بين المتظاهرين وعناصر الأمن. الاحتجاجات التي انطلقت للتعبير عن رفض مشروع موازنة العام الفارسي الحالي التي شهدت تخفيضات في دعم السلع الأساسية مقابل زيادات في الإنفاق على «الحرس الثوري» والحوزات، تقول إن الرئيس الإيراني لا يستطيع خوض عدة حروب، على مراكز القوى الداخلية وعلى رموز الفساد واسعة النفوذ وعلى الدائرة المحيطة بمرشد الجمهورية علي خامنئي، في الوقت ذاته الذي تظهر فيه نُذر أزمة هائلة ستثيرها العقوبات الأميركية على القطاع النفطي والتي تبدأ في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
لكن ما جرى في البرلمان أمس يقول إن التيار المحافظ لن يسمح لروحاني بصب جهوده على مواجهة العقوبات وحدها؛ بل سيجعلها معركة متعددة الجبهات والمستويات، وليس أقل هذه الجبهات أهمية جبهة وراثة منصب مرشد الجمهورية التي باتت وشيكة.



إقفال مدارس في إيران جراء موجة صقيع وعاصفة رملية

تلوث الهواء يضعف الرؤية في العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
تلوث الهواء يضعف الرؤية في العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
TT

إقفال مدارس في إيران جراء موجة صقيع وعاصفة رملية

تلوث الهواء يضعف الرؤية في العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
تلوث الهواء يضعف الرؤية في العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)

أعلنت إيران إغلاق المدارس والإدارات العامة في عدد من المحافظات، الأحد، بسبب موجة صقيع تضرب البلاد ونقص في إمدادات الطاقة، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

ورغم أن إيران تملك ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإنها اضطرت إلى ترشيد استهلاك الكهرباء في الأسابيع الأخيرة بسبب نقص الغاز والوقود اللازمين لتشغيل محطات الإنتاج.

كما تعاني شبكة الكهرباء في إيران من نقص الاستثمار في البنية التحتية، ويعود ذلك جزئياً إلى العقوبات الغربية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن المدارس والمؤسسات الحكومية أغلقت في محافظات غيلان، وغولستان، وأردبيل الشمالية، وكذلك محافظة البرز غرب العاصمة طهران «بسبب الطقس البارد ومن أجل ترشيد استهلاك الوقود».

وأضافت أن قرارات مماثلة اتخذت بسبب البرد في محافظات أخرى بينها طهران، ومازندران في الشمال، وكرمانشاه في الغرب، وقزوين في الوسط، وخراسان الجنوبية في الشرق.

وحض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الخميس، المواطنين على خفض التدفئة «درجتين» لتوفير الطاقة، في إطار حملة روجت لها حكومته.

كما ضربت عاصفة رملية جنوب غربي إيران، الأحد، متسببة أيضاً في إغلاق المدارس والمؤسسات وإلغاء رحلات جوية بسبب سوء الرؤية، على ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

ولف ضباب كثيف محافظتي خوزستان وبوشهر النفطيتين الحدوديتين مع العراق، الواقعتين على بُعد أكثر من 400 كيلومتر على خط مستقيم من طهران.

وفي صور نشرتها «وكالة الأنباء الإيرانية» تكاد الأبنية تختفي جراء الغبار المسيطر في حين وضع سكان كمامات في الشارع.

في جنوب غربي إيران، أغلقت المدارس والمرافق العامة أبوابها، الأحد، وعلقت كل الرحلات الجوية حتى إشعار آخر بسبب سوء الرؤية التي لا تتعدى المائة متر على ما ذكرت وكالة «تسنيم» للأنباء.

في آبدان في جنوب غربي البلاد عدَّت نوعية الهواء، الأحد، «خطرة» مع مؤشر عند مستوى 500 أي أعلى بـ25 مرة من تركز الجزئيات الصغيرة الملوثة PM2.5 في الجو التي تعد مقبولة من جانب منظمة الصحة العالمية.

وتصل عاصفة الرمل والغبار هذه من العراق المجاور مع جزئيات قد تصيب مواطنين بمشاكل في التنفس تستدعي دخولهم المستشفى.