«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي: عام رائع لمخرجي السينما العالمية وبينهم أورسون وَيلز

يحتفي بفيلم عانى مصاعب جمّة

أورسون ويلز
أورسون ويلز
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي: عام رائع لمخرجي السينما العالمية وبينهم أورسون وَيلز

أورسون ويلز
أورسون ويلز

يشهد اليوم الافتتاح الكبير لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الـ75 التي تمتد حتى الثامن من الشّهر المقبل.
الإعلام العالمي يصف هذه الدورة، وعن حق، بأنّها أفضل الدورات الأخيرة. وبما أنّ أحداً لم يشاهد الأفلام المنتخبة رسمياً للاشتراك، فإنّ المعنى المنصوص عليه هنا هو أنّ اختيارات المهرجان من الأفلام تعكس حالة من ثقة المخرجين وشركات الإنتاج والتوزيع في المهرجان، بحيث أنه يواصل خطف الأفضل من منافسيه.
رئيس المهرجان التنفيذي ألبرتو باربيرا نفسه قال إنّ «للمهرجان دورة واحدة كل 10 سنوات يتميّز بها على هذا النحو». لكنّ الحقيقة أنّ فينيسيا واكب التميّز كل سنة تقريباً. لأسباب سبق لهذا النّاقد أن تناولها أكثر من مرّة. يتمتّع فنيسيا بحرّية أكبر من حرية مهرجان «كان» عندما يصل الأمر إلى ما يختاره للمسابقة وأيضاً بسبب اقترابه من موسم المهرجانات التي تُبنى عليها الكثير من العروض في مهرجانات ومناسبات شتّى.
نماذج
إذا ما كان فيلم الافتتاح، «الرجل الأول»، مميّـزا بالسّرعة الضوئية التي وصل فيها المخرج الأميركي داميان شازيل إلى مصاف أكثر مخرجي اليوم شهرة، فإنّ باقي الأفلام المشتركة في مسابقة هذا العام تتمتّع بمساحة عريضة من التنوّع في الأساليب وفي المواضيع.
أحد الأفلام الأميركية الأخرى المشاركة في المسابقة هو «الجبل» لريك ألفيرسون وهو يشترك مع «الرجل الأول» في أنّه يدور حول صراع الإنسان مع مطبات الحياة المعقدة. في «الرجل الأول» يتّخذ هذا الصّراع شكل الرّحلة الفضائية الأولى التي حطّ فيها نيل أرمسترونغ على سطح القمر. في الفيلم الثاني هي رحلة شاب يجد عملاً مع طبيب جراحة عصبية ويتفهّم خطورة القرارات وإجراءات ما بعد العمليات على المصابين.
ليس الموضوع بالسّهل ولا بالجذاب، لكنّ الأفلام ليست بملخصاتها وهذا حال فيلم «فوكس لوكس» لبرادي كوربت الذي تؤدي فيه ناتالي بورتمان شخصية مغنية دفعتها ظروفها الخاصة إلى شهرة غير متوقعة.
فرنسياً لدينا فيلم جاك أوديار الناطق بالإنجليزية والذي جرى تصويره في إسبانيا ورومانيا. وسترن بعنوان «الإخوة سيسترز» الذي يجمع ما بين روتجير هاور وجون سي رايلي وواكين فينيكس وجيك جيلنهال وريز أحمد.
زميله أوليفييه أساياس «غير روائي» مع جولييت بينوش وغيوم كاني وأحداثه عن العلاقة بين دار النشر ومؤلفي الكتب في زمن من المصاعب النّاتجة عن عصرنة آليات العمل والسوشال ميديا.
مثل داميان شازيل، وجد المخرج المجري لازلو نيميس نفسه وقد بات أحد المشار إليهم بالبنان في أعقاب فيلمه الصدامي الأول «ابن شاوول» قبل عامين. ها هو يعود إلى العلن بفيلمه الجديد «غروب» الذي يدور حول فتاة شابة تطمح لأن تصبح شخصية اجتماعية قوية، وذلك في أحداث تقع قبل الحرب العالمية الأولى.
بمثل هذه الأسماء فإنّ الدّورة حافلة بالتوقعات خصوصاً أنّها ليست الوحيدة. لجانب من سبق هناك مايك لي وألفونسو كوارون وبول غرينغراس وجوليان شنابل ويورغوس لانتيموس وبرادلي كوبر وإمير كوستوريتسا وإيرول موريس من بين آخرين. من الممثلين هناك، من دون أي ترتيب، رايان غوسلينغ وإيما ستون ويليام نيسون وجيمس فرانكو وجود لو وراتشل وايز وأوليفيا كولمان وآخرين.
الفيلم الخاص
هناك أيضاً فيلم خاص سيشهد اهتماماً عالياً يستحقه. إنّه العرض العالمي الأول لفيلم أورسن وَلز «الجانب الآخر من الريح». هذا يعني أن حصة أورسون ويلز من الأفلام هذا العام بلغت فيلمين اثنين، بعدما كان مهرجان «كان» عرض في مايو (أيار) الماضي فيلماً آخر هو «عينا أورسون ويلز».
السينمائي الكبير ذاته توفي سنة 1985 عن 75 سنة، لكن حتى من قبل ذلك الحين كان الحديث لا ينقطع عنه وأخباره كانت تشغل الميديا على اختلاف توجهاتها. بعد وفاته لم يغب ويلز عن البال لأكثر من سبب، من بينها أنّ الكثير من مشاريعه لم تنجز وأكثر منها تلك المشاريع التي بدأ بها وتوقف عنها من ثمّ عاد إليها ليتوقف عنها مجدداً وعاد (أو لم يستطع العودة) إليها.
أحد هذه الأفلام كان «الجانب الآخر من الريح» الذي بدأه المخرج سنة 1970، وتوقف عنه لعدم وجود تمويل كاف، لكنّه عاد إليه عدة مرّات ثم تركه غير مكتمل سنة 1976، هذا كان أيضاً حال فيلم وَيلز الآخر «عطيل» الذي صوّر على مراحل كلما توفر لويلز التمويل. الفارق أنّ «عطيل» اكتمل في النهاية سنة 1951، في العام التالي نال الفيلم (الذي قدّم باسم المغرب بسبب ضلوع تمويل مغربي فيه شمل التصوير أيضاً) سعفة مهرجان «كان» الذهبية.
الحظ لم يكن حليف «الجانب الآخر من الريح». في إحدى المرّات التي تعرض فيها الفيلم للتوقف بسبب عدم وجود التمويل الكافي تبين أن أحد الممولين، وهو زوج شقيقة الملك شاه محمد رضا بهلوي، انسحب من المشروع على حين غرة. في مرّة لاحقة اعتذر أحد الممثلين (هو ريتش ليتل) عن استكمال دوره لأنّه لم يستطع أن يساير المشروع في ترحاله الطويل. هنا استعان وَيلز بشاب اسمه بيتر بوغدانوفيتش ليحلّ مكان الممثل المنسحب. وقائمة الممثلين الآخرين احتوت على جون هيوستون وإدموند أوبراين ومرسيدس كامبريدج وكاميرون ميتشل والناقد جوزيف ماكبرايد.
وَيلز كان ينزل في ضيافة بوغدانوفيتش الذي انتقل بعد ذلك من التمثيل إلى الإخراج والذي وضع كتاباً يحتوي على مقابلة مطوّلة مع أورسون وَيلز الذي ذكر أنّه ما زال يعمل على المشروع.
الواقع أنّ محاولات استكمال هذا الفيلم استمرّت حتى من بعد وفاة ويلز. بوغدانوفيتش كان في عداد من سعى لاستكمال الفيلم كذلك المخرجين وس أندرسون ونواه بومباك وذلك خلال السنوات القليلة الماضية.
هذا ما يودي بنا إلى المنتج - المخرج فرانك مارشال الذي استطاع تحقيق هذا الفيلم بعد كل تلك الجهود. في البداية، نحو أبريل (نيسان) سنة 2016، وجد معارضة كبيرة من ابنة المخرج التي رفضت السّماح لأحد بالاقتراب من المشروع. مارشال، أحد منتجي «جوراسيك وورلد: مملكة هاوية» ومخرج «ثمانية تحت الصفر» و«كونغو» منذ بضع سنوات. سعى لدى شركة «نتفليكس» التي دعمت المشروع وأقنعت وريثة أبيها بجدواه.
الذي سنراه على شاشة هذا المهرجان هو الفيلم الأصلي (صوّر بما كان متاحاً لويلز، حينا بكاميرا 35 ملم وحينا بكاميرتين 16 و8 ملم) بالإضافة إلى ما أنجزه فرانك مارشال من تتمات.
وهذا يختلف عن «عينا أورسون ويلز» الذي كان تسجيلياً عن كل أورسون وَيلز وأعماله والذي أخرجه، ولم يفته الظهور فيه، مارك كوزينز.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».