فيضانات كيرالا تعصف باقتصاد الولاية الهندية ... والخسائر تفوق الـ3 مليارات دولار

أتت على أكثر ولايات الهند ازدهاراً

الفيضانات أودت بحياة نحو 400 شخص وفقد مليون مواطن منازلهم إلى جانب تلف 40 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة (أ.ف.ب)
الفيضانات أودت بحياة نحو 400 شخص وفقد مليون مواطن منازلهم إلى جانب تلف 40 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة (أ.ف.ب)
TT

فيضانات كيرالا تعصف باقتصاد الولاية الهندية ... والخسائر تفوق الـ3 مليارات دولار

الفيضانات أودت بحياة نحو 400 شخص وفقد مليون مواطن منازلهم إلى جانب تلف 40 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة (أ.ف.ب)
الفيضانات أودت بحياة نحو 400 شخص وفقد مليون مواطن منازلهم إلى جانب تلف 40 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة (أ.ف.ب)

تسببت الفيضانات العارمة التي ضربت ولاية كيرالا الجنوبية في الهند في انهيار النشاط الاقتصادي تماما بالولاية، التي كانت إحدى أكثر الولايات الهندية ازدهارا. ولقد قدرت دراسة استقصائية أولية الخسائر التي ألمت بالممتلكات والزراعة والبنية التحتية بأنها تزيد على 3 مليارات دولار.
وأفادت السلطات بأن الفيضانات قد أودت بحياة نحو 400 شخص، وفقدان مليون مواطن لمنازلهم مع دمار أكثر من 20 ألف منزل، إلى جانب فساد 40 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة - بما في ذلك الأراضي المنزرعة بمحاصيل الشاي، والمطاط، وغيرهما من المحاصيل الأخرى، وانهيار 221 جسرا، وتدمير 83 ألف كيلومتر من الطرق من بينها 16 ألف كيلومتر من الطرق الرئيسية في الولاية.
وتضم ولاية كيرالا 2.8 في المائة من سكان الهند ويساهم اقتصاد الولاية بنسبة 4 نقاط مئوية في اقتصاد البلاد. وبالتالي، فإن نصيب الفرد الواحد من الدخل العام الإجمالي في الولاية هو أعلى بنسبة 60 في المائة من المتوسط العام الهندي. وهي من الولايات الأعلى نسبيا مقارنة ببقية الولايات الهندية الأخرى فيما يخص نصيب الفرد من الدخل، حيث يعمل عدد كبير من سكان الولاية في دول الخليج العربي.
- تباطؤ اقتصادي
ووفقا لتقرير صادر عن مؤسسة كير للتصنيفات الائتمانية، فمن المنتظر انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لولاية كيرالا إلى 6 نقاط مئوية هبوطا من 7.6 نقطة مئوية خلال العام المالي الحالي. وفي السنة المالية 2016 - 2017 وصل الناتج المحلي الإجمالي للولاية إلى 7.4 نقطة مئوية، مقارنة بنمو الناتج المحلي الإجمالي للهند إلى 7.1 نقطة مئوية. وقالت وكالة كير للتصنيفات الائتمانية إن هناك نحو 4.1 مليون وظيفة قد تأثرت جراء الفيضانات مع تضرر المزارع والسياحة وغيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى في الولاية.
وقال وزير مالية ولاية كيرالا توماس إسحاق: «من شأن فيضانات كيرالا أن تقضي على نقطتين مئويتين على الأقل من معدل النمو الاقتصادي في الولاية بسبب الأضرار التي لحقت بقطاعات السياحة، والمحاصيل الزراعية، والصناعات الصغيرة والتقليدية».
وقال الوزير إسحاق في المقابلة الشخصية إن الولاية، التي تسعى للحصول على موارد للإغاثة من الفيضانات، سوف تضطر إلى إعادة صياغة خطط الإنفاق الرأسمالي نظرا لأن الميزانية تعرضت لضغوط هائلة جراء الكارثة الأخيرة، وأضاف قائلا: «أزيلت محاصيل الأرز وغيرها من المحاصيل الزراعية الأخرى تماما من على وجه الأرض وتضررت المزارع كثيرا بسبب الانهيارات الأرضية. وعلى مدار الشهر الماضي وحده، ومنذ أن توقف القطاع الاقتصادي غير الرسمي في الولاية عن العمل تماما، لم يعد هناك بناء، أو أي نشاط يُذكر في الصناعات الصغيرة أو التقليدية. وبسبب ذلك من المحتمل أن ينخفض معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي للولاية بواقع نقطتين مئويتين على الأقل».
وأفادت وكالة أكيوتيه للتصنيفات الاقتصادية بأن القطاعات الرئيسية في اقتصاد ولاية كيرالا مثل السياحة والصناعات الزراعية من المتوقع أن تعاني من خسائر هائلة بسبب الأضرار التي لحقت بأصول البنية التحتية والمحاصيل المحلية والمزارع هناك.
- السياحة أكثر القطاعات تضرراً
ومن المتوقع أن يتضرر قطاع السياحة والضيافة، والذي يعمل فيه نحو 1.4 مليون مواطن ويمثل نحو 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للولاية، خلال العام الحالي بسبب الفيضانات، فمن المرجح أن ينخفض تدفق السياح بجانب الخسائر التي وقعت في الممتلكات.
وقال أحد كبار المسؤولين من ولاية حكومة ولاية كيرالا، متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته: «أجل، سوف تتأثر سبل المعيشة كثيرا في الولاية. لقد دمرت البنية التحتية الرئيسية في الولاية تماما حتى يجري إصلاحها مجددا، ونحن لا نأمل في أن نشهد الكثير من النشاط السياحي خلال الفترة المقبلة. وقد يستغرق الأمر من شهرين إلى ستة أشهر حتى يستعيد النشاط السياحي عافيته في الولاية».
وتعتبر فترة أغسطس (آب) إلى أكتوبر (تشرين الأول) هي ذروة الموسم السياحي المحلي في الولاية، في حين أن ديسمبر (كانون الأول) إلى فبراير (شباط) هي الفترة المفضلة للسياح الأجانب، على نحو ما أفاد المسؤول الحكومي. وفي عام 2017، زار الولاية ما لا يقل عن 15 مليون سائح.
ووفقا إلى تقرير الاستعراض الاقتصادي لولاية كيرالا عن عام 2017، حققت الولاية أرباحا تقدر بنحو 3.5 مليار دولار من السياحة وحدها، بما في ذلك الأرباح المباشرة وغير المباشرة التي يدرها هذا القطاع المهم. وكانت تلك الزيادة بنسبة 12.56 في المائة عن العام الماضي.
وقال رئيس الرابطة الهندية لمشغلي الرحلات السياحية، بروناب ساركار: «ألغيت كافة الباقات السياحية المتوجهة إلى ولاية كيرالا منذ الآن وحتى إشعار آخر».
ومن شأن الكارثة الطبيعية أن تعني فقدان الدخل السياحي في الولاية لموسم كامل في الوقت الذي تحاول الولاية فيه إعادة بناء نفسها، كما قال أبهيجيت سين، الخبير الاقتصادي من العاصمة نيودلهي، الذي أضاف قائلا: «ولكنها تعتبر دعوة للاستيقاظ كذلك بالنسبة لعموم البلاد من أجل التخطيط بشكل أفضل وعلى المدى البعيد للعمل والمساعدة في التكيف مع التغيرات المناخية الشديدة والمفاجئة».
- القطاع الزراعي
بات الآلاف من المزارعين في الولاية يجهلون تماما ما يخبئه لهم المستقبل، حيث دمرت مياه الأمطار المزارع التي بذلوا الجهود المضنية فيها على مدار عام كامل، ولم تترك لهم الكارثة الطبيعية المروعة سوى اليأس وخيبة الأمل.
يقول ساسيندرا بابو، المنتج المحلي في ولاية كيرالا: «لقد خسرنا محصول البن بالكامل. ولا تزال الأشجار في أماكنها ولكن من دون محصول يمكن جمعه. وليس بمقدورنا الآن سوى الانتظار حتى العام القادم. ولكن هذا العام سوف يكون عسيرا علينا للغاية».
ولم يكد يمضي وقت طويل على الرقم القياسي الجديد الذي حققته صادرات الهند من البن في السنة المالية 2017 - 2018 سواء من حيث حجم الصادرات أو من حيث قيمة الروبية. وشهد هذا القطاع ارتفاع الطلب من المشترين الرئيسيين في كل من أوروبا وروسيا، مع زيادة الإنتاج المحلي، والزيادة المستمرة في إعادة التصدير التي ساهمت كثيرا في زيادة الشحنات الموجهة للتصدير.
ومع الناتج المحلي الإجمالي الذي يتجاوز 110 مليارات دولار، تمثل محاصيل البن، والهيل، والمطاط، والفلفل وحدها نسبة تقدر بنحو 20 في المائة من دخل الولاية.
وقال جوستين موهان، مدير إدارة التنمية الزراعية ورعاية المزارعين: «تعكس النتائج الأولية أن نحو 1.82 ألف مزارع قد تضرروا بصورة مباشرة، وأن ما يقرب من 28.150 هكتار من الأراضي الزراعية قد غرقت في مياه الفيضانات. وتقدر الخسائر المتوقعة في الأرباح الزراعية بنحو 100 مليون دولار أميركي، وهو رقم قابل للزيادة بكل تأكيد».
وقال سريفاتسا كريشنا، الرئيس التنفيذي لمجلس البن التابع لوزارة التجارة الهندية: «مع صعوبة الوصول إلى المناطق الزراعية في الولاية، فإن الصورة الحقيقية للخسائر في المحاصيل مثل البن، والمطاط، والهيل، والفلفل من المتوقع أن تكون أعمق كثيرا من التقديرات الحالية».
وقالت رابطة الغرف التجارية الهندية في بيان رسمي صادر عنها إن الصناعات القائمة على الزراعة والمحاصيل الزراعية مثل المطاط، والشاي، والفلفل، والمنسوجات، وتجهيز المنتجات الغذائية، وما إلى ذلك، من المرجح أن تتكبد الخسائر الإجمالية بما يزيد على 200 مليون دولار أميركي.
وبما أن ولاية كيرالا هي من أكبر الولايات الهندية المنتجة للمطاط - وهو المكون الرئيسي في صناعة الإطارات - فإن الشركات العاملة في هذا النشاط التجاري قد تشهد فترة زمنية عصيبة للغاية.
ووفقا إلى أشوين باتيل، كبير محللي الأبحاث لدى شركة إل كيه بي للأوراق المالية: «تساهم ولاية كيرالا بنحو 85 في المائة من إجمالي الإنتاج المحلي من المطاط، والانخفاض المتوقع في إنتاج المطاط الطبيعي جراء الكارثة الأخيرة سوف يسفر عن التوجه صوب الواردات الأكثر تكلفة».
- قطاع الخدمات المالية
ومن شأن الكارثة الطبيعية أن تلحق الأضرار الكبيرة على قطاع الخدمات المالية في الولاية. وقد تشهد حافظة الإقراض لتجارة التجزئة في البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية بعض التدهور في جودة الأصول نظرا لفقدان فرص العمل وانخفاض سبل العيش في مجالات معينة. وسوف تفقد المصارف القروض الزراعية، ومستحقات الشركات الصغيرة والمتوسطة بسبب تضرر أغلب الشركات والأراضي الزراعية جراء الفيضانات.
ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن أعلى مستوى للتعثر في القروض سيكون من قطاع الزراعة (بنسبة 24 في المائة)، ويعقبه قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة (بنسبة 16 في المائة)، ثم قروض الإسكان (بنسبة 11 في المائة). كما أن الكارثة سوف تؤدي كذلك إلى بطء كبير في الأرباح.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.