توقعات بولادة قيصرية للكتلة البرلمانية الأكبر في العراق

لم تسفر الإعلانات المبكرة عن تكوين تحالفات وتفاهمات بين عدد من الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات العراقية الأخيرة، عن نتيجة نهائية تؤهلها لتكوين الكتلة البرلمانية الأكبر التي ترشح رئيس الوزراء. فرغم مرور ثلاثة شهور على إجراء الانتخابات في 12 مايو (أيار)، وبدء غليان الشارع العراقي من خلال المظاهرات التي انطلقت من البصرة أوائل شهر يوليو (تموز) الماضي، والطعن في نتائج الانتخابات، مما أدى إلى إعادة العد والفرز يدويا للصناديق المطعون بها، فإن الخلافات العميقة لا تزال تقف عائقا دون تسمية هذه الكتلة.
وطبقا لما يجري تداوله، سواء عبر التصريحات أو البيانات لهذا الطرف أو ذاك، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الخلافات لا تزال تدور بين الكتل السياسية العراقية نفسها، لجهة حسم المناصب الرئاسية الثلاثة: (رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان) وبين المحورين الأميركي والإيراني، ودورهما في ترجيح التحالفات التي من شأنها تشكيل الحكومة. لكن الحراك السياسي لجميع الكتل شهد تكثيفا في اللقاءات، حتى بين المتناقضين؛ حيث جرت عملية مصالحة بين نائبي رئيس الجمهورية: نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون، وأسامة النجيفي زعيم تحالف القرار، بوساطة بذلها بينهما فالح الفياض مستشار الأمن الوطني، والقيادي في ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي.
كما شهد الحراك السياسي لقاء أثار جدلا في مختلف الأوساط السياسية، بين هادي العامري زعيم كتلة الفتح، وخميس الخنجر زعيم المشروع العربي، والقيادي في المحور الوطني الذي تشكل مؤخرا بين عدد من القيادات السياسية السنية.
وبينما يؤكد القيادي في تحالف القوى العراقية محمد الكربولي، الفائز بمقعد في البرلمان الجديد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «لا جديد حاليا، رغم كثافة اللقاءات بين الكتل السياسية؛ حيث ما زالت الرؤية غير واضحة»، فإن القيادي في تحالف الفتح والفائز بمقعد في البرلمان الجديد، الدكتور نعيم العبودي يشاطر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» رأي زميله الكربولي بقوله: «لا جديد حاليا يمكن أن يشكل علامة فارقة على صعيد التحالفات أو التفاهمات».
الكربولي يرى أن «المحور الوطني طرح رؤيته على جميع الكتل السياسية، عبر برنامج واضح يقوم على أساس بناء دولة مؤسسات»، مبينا: «ليس لدينا فيتو على أي شخصية يتم التوافق عليها لشغل منصب رئيس الوزراء».
بدوره، يقول العبودي: «التواصل لا يزال مستمرا بين جميع الكتل؛ حيث ما زلنا نجري حوارات مع الجميع، وهناك تفاهمات وتقاربات يمكن أن تسفر عن شيء في غضون الأيام القليلة المقبلة».
من جهته، فإن القيادي في تحالف القرار، أثيل النجيفي، يقول إن «تحالف المحور الوطني، ومهما كثر الحديث عن وجود خلافات هنا أوهناك، فإنه موحد في توجهاته العامة»؛ مشيرا إلى أن «السنة ينتظرون معرفة توجه الكتل الشيعية الأقوى، ولا أحد منا يريد أن يكون في واجهة تقاطع شيعي - شيعي».
ورغم التوافقات الجارية حاليا بين الكتل السياسية، والتي ترجح ولادة الكتلة الأكبر ولادة قيصرية، فإن زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي أعلن رفضه لما أسماه الانخراط بأي تحالفات تقوم على أسس طائفية أو مذهبية. وقال بيان صادر عن «الوطنية» تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «قيادات ائتلاف الوطنية عقدت اجتماعها الدوري لمناقشة آخر تطورات ومستجدات الوضع السياسي، والمشاورات الجارية لتشكيل الكتلة الأكبر»، مبيناً أن «الاجتماع شهد نقاشاً مستفيضاً وتبادلاً لوجهات النظر حول الملفات المطروحة، وجرى التأكيد على وحدة وتماسك الائتلاف، ورفض الانخراط في أي تفاهمات أو تحالفات تقوم على أسس طائفية أو مذهبية».
وأوضح البيان أن «المجتمعين أكدوا أن (الوطنية) أول من طرح الفضاء الوطني وامتداده، كالشخصيات الوطنية التي لم تشارك في الانتخابات، والتي لعبت دورا في بناء العملية السياسية، وكذلك الشخصيات التي لم يقدر لها الفوز في الانتخابات، بالإضافة إلى الجماهير العريضة التي تخرج في المظاهرات، وجسدته واقعاً عبر تركيبتها أولاً ومن ثم توجهاتها وسياستها، لا عبر شعارات تخفي وراءها نوايا وأجندات مشبوهة».
ولفت البيان إلى أن «الاجتماع خرج بجملة من التوصيات، أبرزها التأكيد أولاً على البرنامج الحكومي وخطط الإصلاح، قبل التطرق إلى الأسماء المؤهلة لتولي المناصب الحكومية، ودعوة القوى السياسية والقوائم الفائزة لنبذ التخندقات الحزبية والطائفية، والعمل على توحيد الجهود خلف مشروع وطني جامع يُرسخ مبدأ الشراكة والتوافق الوطني، ويضع حلولاً حقيقية للمشكلات والأزمات التي تعصف بالعراق».