عادة ما يتعرض لاعبو كرة القدم لتغطية صحافية سيئة. وثمة نظرة سائدة بأن اللاعبين المتربعين على القمة بمعزل عن القضايا التي تشغل العالم من حولهم لانشغالهم بما يتمتعون به من مال ومكانة. واللافت أن الصلات الرابطة بين اللاعبين وجماهير المشجعين انهارت مع ارتفاع دخول اللاعبين لمستويات غير مسبوقة. من جانبها، أبدت لورنا مكليلاند، التي عملت ضابطة اتصال لحساب اللاعبين داخل «أستون فيلا» على مدار 14 عاماً، اتفاقها إلى حد ما مع هذا الطرح، لكنها أبدت تعاطفها مع الوضع الاستثنائي الذي يجد اللاعبون أنفسهم فيه.
وقالت: «بمجرد أن يبلغوا مستوى معينا يكسبون كثيرا من المال، في الواقع، هو قدر ضخم من المال على نحو يبدل حياتهم بأكملها. ونادراً للغاية ما يتمكن أحد منهم من التأقلم مع هذا الوضع. لذلك، فإن وجود ضابط اتصال كفء ربما يسهم في معاونة اللاعبين في اتخاذ ترتيبات مالية معينة، وربما العمل مع وكالة خارجية، مثل محاسب. وغالباً ما يفتقر لاعبو كرة القدم إلى مثل هذه المهارات عندما ينضمون إلى النادي للمرة الأولى».
واستطردت بأنه: «إلا أنه عند هذه النقطة يصبح هؤلاء اللاعبون منفصلين عن باقي العالم بسبب شهرتهم ورواتبهم الضخمة. وهناك الكثيرون يحاولون استغلال اللاعبين لتحقيق مصالح خاصة بهم، مالياً واجتماعياً، الأمر الذي يجعل اللاعبين في حيرة مستمرة ولا يدركون من هم أصدقاؤهم الحقيقيون، وما إذا كان المحيطون بهم أصدقاء حقيقيين أم أنهم يرغبون فحسب في الظهور بجوار شخص مشهور. وهناك أفراد ووكالات ترغب في التقرب منهم لأنهم سيجنون أموالاً من وراء اللاعبين. وعليه، يشعر اللاعبون بالحاجة للانسحاب إلى عالم منغلق ليشعروا داخله بالحماية».
يذكر أن مكليلاند كانت تعمل من قبل مدرسة لغات وتتحدث الفرنسية والألمانية والإسبانية. وكانت تعمل في مدرسة في بيرمنغهام عندما بعثت بخطاب بدل مسار حياتها تماماً. كان ذلك عام 2002 في وقت كان غراهام تايلور قد جرى تعيينه للتو مدرباً لـ«أستون فيلا» للمرة الثانية. وكانت واحدة من بنات مكليلاند تعمل في نشاطات الضيافة داخل «فيلا بارك» عندما أخبرت والدتها عن المصاعب التي يواجهها اللاعبون الصاعدون الذين انتقلوا إلى النادي من الخارج ولم يكونوا يحصلون على الدعم المناسب.
وباعتبارها مستشارة ومعلمة، كانت لدى مكليلاند رغبة حثيثة في تقديم العون. وأوضحت مكليلاند كيف فكرت في الأمر والصورة التي يمكنها بها تقديم العون. من جانبه، رأى تايلور أن ثمة حاجة لتوجه يحمل طابعاً رسمياً أكبر للتعامل مع هذا الأمر، وبعد مقابلة طويلة، أصدر النادي قراره بالاستعانة بمكليلاند. وعن هذا، قالت مكليلاند: «لم يكن هناك ما يمكن الرجوع إليه لأن هذا الدور ببساطة لم يكن قائماً من قبل. وقد أبدى غراهام تايلور و[مالك أستون فيلا] دوغ إيليس إدراكهما لاحتياجات اللاعبين. وقالا لي: «هذا الكومبيوتر الخاص بك، وهذه مفاتيحك، وهذا هاتفك - وأنت أدرى بما تحتاجين لعمله. عليك صياغة هذا الدور وإيجاد اسم له». وبالفعل، أنجزت هذه المهمة، مع أن الأمر استغرق مني بعض الوقت، ربما شهرين، لتحديد العناصر التي ينبغي أن يشتمل عليها هذا الدور». وأضافت: «لم يكن لدي مكتب. وكان ملعب التدريب صغيراً للغاية، وهناك تعرفت على التفاصيل الداخلية للنادي وحياة اللاعبين. وكان لدي مقعد مخصص لي داخل غرفة المدربين بسبب ضيق المساحة، الأمر الذي أتاح تجربة تعليمية رائعة بالنسبة لي».
كانت مكليلاند أول من يتولى مثل هذا المنصب على مستوى الكرة الإنجليزية. وبمرور الوقت، أصبح دورها يعرف باسم ضابطة اتصال معنية باللاعبين وجرت محاكاة هذا الدور داخل أندية أخرى على نطاق واسع. وكان من شأن ذلك إحداث تغيير هائل في التوجهات العامة داخل الأندية. ومن خلال عملها، نجحت مكليلاند في بناء علاقات صداقة مستمرة مع الكثير من اللاعبين وأسرهم. وحرصت على الوقوف إلى جوارهم في اللحظات المهمة والعصيبة، مثل المرض والفقد والانتقال من مسكن لآخر والحمل، بل وربما جميع المواقف الإنسانية. وخلال هذه المواقف، قدمت مكليلاند الدعم العاطفي والعملي، بجانب تحويل اللاعبين إلى وكالات خارجية إذا ما دعت الضرورة.
وقالت مكليلاند: «من الممكن أن يشكل ضابط الاتصال الكفء الفارق بين لاعب انضم إلى ناد ما وآخر لم يحالفه الحظ، وكذلك ما بين من استمر مع ناد ما وآخر لم يستمر. إذا كان اللاعب سعيداً، فإن هذا يخلق اختلافاً كبيراً. وعندما توليت مسؤولية رعاية شؤون اللاعبين، وجدت أنه يتعين علي أن أكون على أهبة الاستعداد دوماً للتحرك في أي وقت. أحياناً تجد أنه يتعين عليك العمل كمسؤول إطفاء تواجه الأزمات التي تظهر فجأة في حياتهم، مثلما الحال تماماً في حياتي أو حياتك، ويتعين عليك إيجاد حلول لما يواجهونه من مشكلات».
وأعربت مكليلاند عن اعتقادها بأن «اللاعبين يشكلون أصولاً مالية. ومن الطبيعي على أي شخص مسؤول عن أصل مالي أن يرعى هذا الأصل ويهتم به. وإذا شعر لاعب ما بعدم الرضا، فإنه سيرحل. وبالنسبة لي، كان من المهم دوماً عندما يواجه اللاعب مشكلة كبرى في حياته أن يجد من يقف إلى جواره. مثل وفاة أحد أقاربه أو وقوع حالة طارئة. وكنت أحرص على أن أكون متاحة دوماً إذا رغبوا في الاتصال بي».
وشددت مكليلاند على أن غالبية اللاعبين الذين عملت معهم يتميزون بالأدب واللياقة، وأن الكثيرين منهم يجدون أنفسهم أثرياء قبل الأوان ويحرمون فجأة من شبكة الدعم التقليدية لهم بانتقالهم للعمل في إنجلترا. وقالت: «لا يزالون فتية صغارا ولا يزالون في طور النمو. ومن وقت لآخر يقدمون على أفعال سخيفة، لكنهم يتعلمون منها، تماماً مثلما الحال مع أي شخص».
وشرحت مكليلاند أنه: «لا يتمتع اللاعبون دوماً بالثقة. لذا، فإن الصلف أحياناً يكون مجرد غطاء لذلك. إنه عالم قاس للغاية وصعب بالنسبة للاعب حساس. وإذا كان لدى لاعب ما نقاط حساسة في شخصيته أو حياته، سيرصدها اللاعبون الآخرون بسهولة. هذا عالم شديد القسوة».
جدير بالذكر أن مكليلاند غادرت «أستون فيلا» منذ عامين بعدما هبط من الدوري الممتاز. ولا تزال تعمل في الحقل الرياضي باعتبارها أحد مؤسسي شركة «جي سي إس سبورتس كير» المعنية بتوفير الاستشارات والدعم والنصح لمن يعانون مشكلات تتعلق بالصحة الذهنية أو الإدمان. ويتولى اللاعب السابق غاري تشارلز منصب المدير الإداري بالشركة.
وقالت مكليلاند: «في بعض الأحيان تصل الضغوط على لاعب ما إلى مستويات هائلة، ضغوط أن ينجح من أجل نفسه وناديه وأسرته، فالجميع ينتظرون منه النجاح». وأضافت: «إذا لم يبل بلاءً حسناً، فإن ذلك ربما يكون بسبب ابتعاده عن لياقته البدنية المعتادة أو تعرضه للإصابة، ويمكن للإصابات أن تترك تأثيراً مدمراً على الصحة الذهنية للاعب. ويمكن أن تكون تلك فترات عصيبة على اللاعب حتى مع توافر دعم له، لكن على الأقل يظل من المهم وجود دعم يحول دون انهيار اللاعب تماماً».
{ضابط اتصال}... وظيفة جديدة لحل مشاكل اللاعبين الصغار النفسية
ارتفاع الرواتب بشكل غير مسبوق يبدل حياتهم بأكملها
{ضابط اتصال}... وظيفة جديدة لحل مشاكل اللاعبين الصغار النفسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة