الإعلام قدري... حكاية بخمس مراحل

الإعلام قدري... حكاية بخمس مراحل
TT

الإعلام قدري... حكاية بخمس مراحل

الإعلام قدري... حكاية بخمس مراحل

هي حكاية لا ينبغي أن تكون إلا كما كانت عليه، ومسيرة لا يمكن أن تتم إلا كما تمت به، بمعنى أن «الإعلام قدري». هو الشعار الذي وضعته في صفحاتي بوسائل التواصل الاجتماعي كافة، ولا أتخيل أنني أعمل في مجال غير الإعلام الذي أحببته منذ صغري.
أذكر وأنا في المرحلة الابتدائية كنت أمارس دور الصحافي. وفي المتوسطة بدأت أكتب المقالات، وكنت أنشر في صحيفة الحائط في المدرسة، وفي المرحلة الثانوية ازداد شغفي للعمل الصحافي لدرجة أنني ذهبت أكثر من مرة، طالباً الالتحاق بصحيفة «القبس» الكويتية ولم أوفق، حيث طلبوا مني إنهاء الدراسة الثانوية ومن بعده يمكنني العمل بالصحافة.
وبالفعل كانت المرحلة الأولى. بدأت مسيرتي بالعمل الصحافي عام 1989 في صحيفة «القبس»، طالبا متدربا على الصحافة. عملت في فترة قصيرة في مختلف أقسام الجريدة محررا مبتدئا ومتدربا أتلمس خطواتي الأولى في بلاط صاحبة الجلالة.
لمدة عام واحد كنت قد بدأت في العمل الصحافي.حتى جاءت المرحلة الثانية، وهي مرحلة التحول الكبرى في حياتي وفي مسيرتي الصحافية.
الغزو العراقي على الكويت عام 1990. تلك الذكرى الأليمة، والتجربة القاسية، والمعاناة الشديدة. وقتها اتجهت إلى القاهرة وهناك تغيرت شخصيتي وتبدلت تفاصيلي وتطورت مهاراتي.
كانت جريدة «صوت الكويت» تصدر في عدة طبعات من دول كثيرة من بينها القاهرة. كانت صحيفة «صوت الكويت» هي صوت الحكومة الكويتية في المنفى، وكان يقودها الفاضل الدكتور محمد الرميحي الذي رحب بي جدا للالتحاق بمكتبها بالقاهرة. هناك كنت أقوم بعمل الحوارات وجلب الأخبار وممارسة الصحافة بكل أنواعها، إضافة إلى أن شغفي الصحافي قادني إلى دهاليز الصحافة المصرية المختلفة، تسكعت في دروبها وتعرفت على تفاصيلها واقتربت من رهبانها. كنت أحرص على زيارة المؤسسات الصحافية وأتعرف على الزملاء الصحافيين عن قرب، وهي مرحلة مهمة وملهمة لما للصحافة المصرية من أهمية فهي تعتبر أهم مدرسة صحافية عربية.
وجاء التحرير واستمررت بالعمل الصحافي وهنا كانت المرحلة الثالثة وهي المرحلة التي قدمتني بقوة للجمهور من خلال ممارستي للصحافة بجدية واحترافية. عدت إلى الكويت بعد ثالث يوم من التحرير وصرت أمارس العمل الصحافي طول الوقت، أتابع الأخبار وأجري الحوارات وأصطاد الانفرادات. هنا تعرفت على بقية أركان العمل الصحافي من جانب الإدارة، حين اختارني د.محمد الرميحي مديرا لمكتب الكويت لصحيفة صوت الكويت. وصرت معنياً بالعمل الإداري والتوزيع والإعلان، فاكتسبت مهارات كبيرة ومهمة عززت حبي وتعلقي بالصحافة أكثر وأكثر. كان كل ذلك وعمري وقتها 21 عاماً.
في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1992 قررت الحكومة الكويتية لأسباب كثيرة إغلاق صحيفة «صوت الكويت». انتقلت منها إلى مجلة «العربي» العريقة وعملت سكرتيرا للتحرير، وهنا تعرفت على فن مهم من فنون الصحافة وهو الاستطلاعات. جلست بها ثلاث سنوات أجريت خلالها الكثير من الاستطلاعات في دول عدة. وبشكل موازٍ مارست كتابة المقالات الصحافية في صحيفة الوطن الكويتية، وكذلك بدأت بتقديم البرامج الإذاعية عبر إذاعة الكويت.
انتقلت عام 1995 إلى المرحلة الرابعة من عملي في الإعلام حين انتقلت كليا من الصحافة إلى العلاقات العامة بعد أن عرض علي الفاضل أحمد المشاري، وكان وقتها رئيسا لمجلس إدارة الخطوط الجوية الكويتية، الانضمام للمؤسسة. وبالفعل، عملت رئيسا للمكتب الإعلامي في «الكويتية»، وهو عمل ممتع واستفدت منه خبرات كبيرة وكثيرة. وفي الوقت ذاته كنت أقدم البرامج الإذاعية، وأكتب المقالات الصحافية في مختلف الصحف المحلية والعربية مع إضافتين مهمتين، حيث كنت أعمل أيضا مراسلا لمجلة الوسط اللندنية التي كانت تصدرها جريدة الحياة كما أنني في تلك المرحلة، وفي عام 1996 أصدرت مجلة الحدث «المشاغبة»، التي استمرت أكثر من عشر سنوات من الصدور.
كانت مرحلة مهمة جدا ومختلفة أن أكون مسؤولا مسؤولية كاملة، ماليا وإداريا وتحريريا عن مشروع صحافي أملكه بالكامل. كما أنني في تلك المرحلة وتحديدا في عام 1999 كنت أحد الفاعلين في تأسيس مهرجان «هلا فبراير»، وتوليت مهمة رئيس اللجنة الإعلامي والثقافية للمهرجان الذي حقق صيتا كبيرا وانتشارا واسعا.
حتى جاءت مرحلة المراحل، المرحلة المهمة والحاسمة في حياتي المرحلة الخامسة في عام 2003 حينما طلب مني الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وكان وقتها رئيسا لمجلس الوزراء في الكويت أن أعمل مستشارا إعلاميا في مكتبه. وهنا الكثير من التفاصيل والمعلومات والمعرفة. هنا مرحلة صقلت خبرتي وعززت تجربتي ونقلتني سنوات ضوئية كبيرة من حيث المعرفة والاقتراب من مركز صنع القرار.
في ذاك الوقت، في عام 2003، كنت أعمل على المشروع الأهم في حياتي؛ الملتقى الإعلامي العربي الذي رأيت من خلاله أن يكون هناك كيان إعلامي عربي يعمل على تأهيل الكوادر الإعلامية وسعى لتبادل الخبرات والمعلومات بين الإعلاميين العرب عبر أنشطة مختلفة طوال العام.
وبفضل الله استمر الملتقى في التطور والنمو من ذلك الوقت حتى يومنا هذا، وأصبح عضوا مراقبا في مجلس وزراء الإعلام العرب وفي اللجنة الدائمة للإعلام بجامعة الدول العربية، وازداد تنوعا وتشعبا وتعددت الأنشطة والفعاليات فيه التي تقام في دول عربية مختلفة.
واليوم... صار الإعلام جزءاً من حياتي، بل هو حياتي كلها وعملي ومهنتي ومصدر رزقي سواء من خلال الأنشطة والفعاليات الإعلامية، أو الشركات التجارية التي أنشأتها متخصصة بالإعلام، أو من خلال أكاديمية الإعلام المتكامل التي أسستها، إضافة إلى ممارستي للإعلام من خلال الاستمرار في كتابة المقالات وتقديم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ومن خلال إصداراتي من الكتب التي تجاوزت 12 كتابا منوعا، ومواكبتي لتطورات الإعلام التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
أنا والإعلام... مسيرة طويلة... حكايات وتجارب ومعلومات وشخصيات ومراحل... وتفاصيل كثيرة... تضيق المساحة هنا لسردها... قد تكون لنا وقفات أخرى... نستعرض فيها القدر الإعلامي الذي أصابني... وذكريات الوجوه والأوجه الذين عاصرتهم وعاشرتهم في هذه المهنة... ودمتم سالمين.

* إعلامي كويتي
الأمين العام للملتقى الإعلامي العربي



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».