عزوف قوي من المستثمرين عن تجارة المعادن الأولية

أسعار النحاس هبطت تحت 6 آلاف دولار للطن مؤخراً (رويترز)
أسعار النحاس هبطت تحت 6 آلاف دولار للطن مؤخراً (رويترز)
TT

عزوف قوي من المستثمرين عن تجارة المعادن الأولية

أسعار النحاس هبطت تحت 6 آلاف دولار للطن مؤخراً (رويترز)
أسعار النحاس هبطت تحت 6 آلاف دولار للطن مؤخراً (رويترز)

يشهد هذا العام موجة هروب جماعية للمستثمرين من قطاعي المعادن الصناعية والأولية. ويثير ذلك حالة من القلق والترقب في أوساط المراقبين لهذه الأسواق، فلا شيء يدخل الطمأنينة في قلوب المستثمرين الألمان والأجانب في الوقت الراهن، لا سيما أولئك الغارقين في تجارة المعادن منذ أعوام طويلة.
ويقول هانز فاغنر، خبير تجارة المعادن في مصرف «كوميرس بنك»، إن أسعار النحاس، وهو من بين أهم المعادن غير الحديدية، أصبحت تتهاوى من دون توقف خلال الفترة الأخيرة. ويتم تداولها دون ستة آلاف دولار للطن، وهذه عتبة نفسية حادة من شأنها إبعاد المستثمرين والتجار عن هذا المعدن.
ويشبه الخبير ما يجري مع النحاس بلعبة الـ«بوكر»، إذ إنه قبل شهر وصل سعر هذا المعدن إلى أعلى سقف في أربعة أعوام بفضل دعم صناديق التحوط له. وما أن أدارت الأخيرة ظهرها له حتى هبط السعر بصورة مدوية، ولا توجد مؤشرات على انتعاشه لغاية آخر فصل الصيف، فمنذ شهر يونيو (حزيران) الماضي هوت أسعار النحاس 20 في المائة.
وبما أن النحاس أحد المؤشرات على الحالة الصحية للاقتصاد العالمي، يرى الخبير أن هبوطه مؤشر على مستقبل غير مطمئن للأسواق الدولية.
ويضيف أن ما يحصل مع أنواع أخرى من المعادن، ومن ضمنها تلك الثمينة ليس الأفضل حالا. فقد بدأ تراجع أسعار المعادن الصناعية والثمينة منذ أن قرعت طبول الحروب التجارية العالمية، والتي لم تعد مجرد تهديد إنما حقيقة من شأنها إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الدولي بالكامل.
وحسب دراسة أجراها المصرف المركزي الألماني، فقد يتراجع نمو الناتج القومي العالمي 3 في المائة خلال العامين القادمين.
ويختم هانز فاغنر القول: «لا تقتصر الحروب الجمركية اليوم على الولايات المتحدة الأميركية والصين فحسب، إنما بدأت تتخذ أبعادا دولية مقلقة باشرت بدورها الضغط بشدة على الأسواق المالية. علاوة على ذلك، تعاني بورصات الدول النامية سوية مع عملاتها الوطنية من هذه الضغوط».
وبحسب قول أوليفر نوغنت، الخبير المالي من مصرف «دويتشه بنك»، فإن أسعار الألومنيوم تهاوت بدورها. وفي الوقت الحالي يحوم السعر حول ألفي دولار للطن، أي على نفس مستوى الأسعار المسجلة في شهر أبريل (نيسان) الفائت، عندما كانت العقوبات الأميركية ضد شركة «روسال» الروسية المنتجة الألمنيوم غير مفروضة، ومنذ مطلع العام لم يكن أداء الألمنيوم مشجعا. ويضيف هذا الخبير بأن أسعار المعادن غير الحديدية تتخذ منحى تراجعيا ما عدا أسعار النيكل الذي يرسو الآن على نحو 13500 دولار للطن.
ويؤكد هذا الخبير بأن أسعار المعادن الثمينة لا تعيش أحوالا أفضل من باقي أنواع المعادن. فعلى صعيد الذهب لا يبدو أنه يستفيد من موقعه التقليدي كملجأ آمن للمستثمرين الألمان، إذ وصل سعر الأونصة (الأوقية) إلى 1211 دولارا تقريبا، أي أدنى مستوى له منذ بداية العام. كما عادت أسعار الفضة إلى مستويات صيف عام 2017 لترسو على نحو 15.27 دولار للأونصة. في حين تراجعت أسعار البلاتين الذي يدخل في صناعة السيارات إلى أدنى مستويات له منذ عام 2008 لترسو على 795 دولارا.
وحسب تقدير الخبير أوليفر نوغنت، فإن مزاج المستثمرين الألمان سيئ للغاية في الوقت الراهن مما يؤثر سلبا على تجارة المواد الأولية بشتى أنواعها. ولغاية نهاية العام ستضغط الحروب التجارية على أسعار المعادن لا سيما النحاس، لكن قد تعود إلى الانتعاش مطلع العام القادم.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.