قبل 25 عاماً بالضبط، وبالتحديد في صيف عام 1993، تغير عالم كرة القدم إلى الأبد بسبب خطأ إداري من جانب المسؤولين في نادي بلاكبيرن روفرز. ولو كان أحد المسؤولين الإداريين موجوداً في ذلك الوقت في مكتب النادي بملعب «إيوود بارك» لانتقل لاعب خط الوسط الأيرلندي روي كين إلى نادي بلاكبيرن روفرز. لكن بدلاً من ذلك، تدخل المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون واستغل هذا الارتباك وضم كين لصفوف «الشياطين» الحمر ليكون واحداً من أفضل الصفقات التي عقدها النادي في تاريخه.
وكان مانشستر يونايتد قد فاز للتو بأول لقب للدوري الإنجليزي الممتاز منذ 26 عاماً، لكنه لم يكن قادرا على مجابهة القوة المالية الهائلة لنادي بلاكبيرن روفرز آنذاك. وكان بلاكبيرن روفرز قد تفوق في العام السابق على مانشستر يونايتد في صراع الحصول على خدمات المهاجم الخطير آلان شيرار، وكان من المتوقع أن ينتصر مرة أخرى في صفقة كين، الذي أعلن أنه سيرحل عن نادي نوتنغهام فورست بعد هبوط الفريق لدوري الدرجة الأولى. والتقى المدير الفني لنادي بلاكبيرن روفرز، كيني دالغليش، بكين في نهاية الموسم. وفي ذلك الوقت، لم يكن كين لديه وكيل أعمال وكان معجبا بشخصية دالغليش، وقال عنه: «أنا معجب للغاية بذكائه الواضح وشخصيته الهادئة».
ورغم أن كين طلب الحصول على 500 ألف جنيه إسترليني في العام، مثل شيرار، فإنه وافق في النهاية على الحصول على 400 ألف جنيه إسترليني. وبعد الاتفاق على كل التفاصيل، انقلبت الأمور رأساً على عقب في الساعات الأخيرة، فعندما اتصل دالغليش بملعب «إيوود بارك» ليرى ما إذا كان هناك أي مسؤول يقوم بإعداد أوراق العقود، كان الجميع قد رحلوا إلى منازلهم. وبالتالي، اتفق دالغليش مع كين على توقيع العقود يوم الاثنين. عاد كين إلى منزل عائلته في مدينة كورك الآيرلندية في اليوم التالي واحتفل كما يحتفل أي لاعب في الحادية والعشرين من عمره يحصل على هذا العرض الكبير. وفي صباح يوم الأحد، استيقظ كين على صوت شقيقه وهو يخبره بأن المدير الفني لمانشستر يونايتد أليكس فيرغسون ينتظره على الهاتف.
وقرر فيرغسون أن يعمل بكل قوة على التعاقد مع كين بعدما قرأ في الصحف عن مفاوضاته مع بلاكبيرن روفرز. وعلى الرغم من أن بعض الصحف قد اعتقدت أن فيرغسون يسعى للتعاقد مع لاعبين آخرين - والحديث عن أن شارلتون بالمر هو الخيار الأول - رأى فيرغسون وطاقمه الفني أن كين هو اللاعب الوحيد الذي يرغبون في ضمه إلى صفوف الفريق الحاصل على لقب الدوري الإنجليزي. وكان المدير الفني لمانشستر يونايتد معجبا للغاية بقدرات كين منذ سبتمبر (أيلول) 1990 عندما ساهم بقوة في فوز نوتنغهام فورست على مانشستر يونايتد بهدف دون رد على ملعب «أولد ترافورد».
وقال فيرغسون إنه تأخر في التواصل مع كين لأنه بكل بساطة كان قد وعد المدير الفني لنادي نوتنغهام فورست، فرانك كلارك، بأنه سوف ينتظر الحصول على إذن رسمي من النادي للتفاوض مع كين. وعندما علم فيرغسون بأن كين لم يوقع أي عقود مع بلاكبيرن روفرز، طلب من اللاعب أن يلتقيا من أجل الحديث سويا. وقال كين في سيرته الذاتية: «منذ تلك اللحظة، قررت ألا أوقع لأي ناد آخر». وفي اليوم التالي، اصطحب فيرغسون كين إلى مطار مانشستر، ثم عاد إلى منزله لكي يلعب السنوكر. وقال كين عن ذلك: «لقد أعجبت بطريقته المباشرة، فقد كان صاحب شخصية مستقلة ومرحة تجعلك تشعر بالطمأنينة. وكان من الواضح أنه متعطش للحصول على مزيد من البطولات والألقاب».
وأخبر فيرغسون كين بأن مانشستر يونايتد، سواء به أو من دونه، سوف يهيمن على كرة القدم الإنجليزية، لكن انضمامه يعني أن الفريق قد ينافس أيضا على البطولات الأوروبية بكل قوة. يتذكر كين ما حدث قائلا: «لقد كان يسحق المنافسين ويحصل على البطولات بسهولة». ولم تكن كلمات فيرغسون مجرد كلام أجوف، لأنه بعد مرور ست سنوات كان كين قد قاد مانشستر يونايتد للحصول على الثلاثية التاريخية (الدوري والكأس المحليين ودوري أبطال أوروبا).
وكان المقابل المادي الذي سيحصل عليه كين من مانشستر يونايتد أقل بنسبة 25 في المائة مما كان سيحصل عليه من بلاكبيرن روفرز. وتأخر إتمام الصفقة لستة أسابيع أخرى بسبب المطالب المالية لنادي نوتنغهام فورست. وقال فيرغسون لكين إن الصفقة ستتم في نهاية المطاف لو التزم الطرفان بتعهداتهما وتحليا بالشجاعة التامة. وبعد ذلك، ذهب فيرغسون وكين لقضاء عطلتهما الصيفية. وكان فيرغسون قد تعثر من قبل في إتمام بعض الصفقات الكبرى، مثل النجم الكبير بول غاسكوين، بسبب العطلات الصيفية، لكنه كان واثقا من نجاح صفقة كين، والتي قال عنها: «عندما نظر إلى عينيي، أدركت أنني أتحدث مع لاعب كرة قدم يحترم كلمته».
لكن كين بالطبع لم يحترم كلمته مع دالغليش، الذي غضب غضبا شديدا عندما اتصل به كين، وقال له: «لا أحد يفعل ذلك مع كيني دالغليش. أنت وغد ولن تفلت بفعلتك هذه». ووصل الأمر لدرجة أن دالغليش قد هدد بمطاردة كين في منتجع آيا نابا القبرصي، الذي كان يقضي به عطلته الصيفية مع ثلاثة من أصدقائه. وقال كين في وقت لاحق: «كنت أقضي وقتا رائعا. لم يكن أحد في قبرص يعرفنا أو يهتم بمن نكون. لقد كانت أياما سعيدة وبريئة».
وربما كانت هذه آخر أيام البراءة، لأن حياة كين قد اختلفت تماما بعدما أصبح لاعبا في مانشستر يونايتد. وفي أول موسم له مع الشياطين الحمر، وجد كين صعوبة كبيرة في الظهور بنفس المستوى القوي، لكنه سرعان ما استعاد بريقه ولمعانه وأصبح أحد الأعمدة الأساسية للفريق الذي هيمن على كرة القدم الإنجليزية لسنوات وسنوات. وبالنظر إلى الأداء القوي والتأثير الكبير الذي تركه على مانشستر يونايتد، فإن هذا الأمر يجعلنا نتساءل عما كان سيحدث لو انتقل كين إلى صفوف بلاكبيرن روفرز ولعب إلى جانب النجم الكبير آلان شيرار في الفريق نفسه. لكن بدلا من ذلك، أصبح كين اللاعب الذي لا يمكن الاستغناء عنه إطلاقا في تشكيلة أفضل فريق في تاريخ مانشستر يونايتد، وهو الأمر الذي يذكرنا بأنه حتى في الصناعات القائمة على ملايين الجنيهات، فإن بعض التفاصيل الصغيرة والغريبة قد تكون قادرة على تغيير العالم.
ملابسات خطف فيرغسون روي كين من بلاكبيرن روفرز في اللحظات الأخيرة
ضم اللاعب كان إحدى أفضل الصفقات التي عقدها النادي في تاريخه
ملابسات خطف فيرغسون روي كين من بلاكبيرن روفرز في اللحظات الأخيرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة