مباحثات مصرية ـ بريطانية للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستويات «غير مسبوقة»

المبعوث التجاري البريطاني: مصر بلد جاذب للاستثمار... ونرى مؤشرات إيجابية للإصلاحات

TT

مباحثات مصرية ـ بريطانية للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستويات «غير مسبوقة»

أكد مسؤولون مصريون وبريطانيون أن هناك توافقا في الرؤى بين الحكومتين بضرورة تنمية وتوسيع حجم العلاقات الحالية والوصول بها إلى مستويات غير مسبوقة خلال المرحلة المقبلة، مع وجود فرص ضخمة أمام مجتمع الأعمال البريطاني للاستثمار في السوق المصرية، خاصة في المشروعات المتوسطة والكبيرة.
وقال جيفري دونالدسون، المبعوث التجاري البريطاني، إن زيارته للقاهرة تستهدف تعزيز العلاقات الاستراتيجية التجارية والاستثمارية بين مصر والمملكة المتحدة والإعداد لمرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن مجتمع الأعمال البريطاني يسعى لاستكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة بالسوق المصرية لبدء مشروعات استثمارية مشتركة جديدة تخدم الاقتصادين المصري والبريطاني على حد سواء.
وأشار دونالدسون إلى إمكانية تعزيز التعاون الاستثماري بين مجتمعي الأعمال بالبلدين، وإنشاء مشروعات استثمارية مشتركة بدول قارة أفريقيا للاستفادة من الفرص والإمكانيات الضخمة المتاحة بهذه الدول، لافتاً إلى إمكانية تحقيق المزيد من التعاون بين الجانبين في مجالات الدعم الفني وتبادل الخبرات والخبراء في المجال الصناعي.
ومن جانبه، أكد المهندس عمرو نصار، وزير التجارة والصناعة المصري أن مصر والمملكة المتحدة ترتبطان بعلاقات اقتصادية استراتيجية تدعمها علاقات سياسية تاريخية وراسخة، مشيرا إلى أهمية تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين والارتقاء به لمستويات غير مسبوقة، خاصة في ظل حرص حكومتي البلدين على دعم العمل المشترك لتنمية التعاون الاقتصادي المشترك خلال المرحلة المقبلة.
جاء ذلك خلال اللقاء الموسع الذي عقده نصر مع دونالدسون أمس، بحضور السفير البريطاني لدى مصر جون كاسون وعدد من المسؤولين، وتناول مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين خاصة في ضوء قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقال نصار إن هناك توافقا في الروئ بين مسؤولي الحكومتين بضرورة تنمية وتوسيع حجم العلاقات الحالية، وأن هناك تنسيقا كاملا بين وزارة التجارة والصناعة ووزارة الاستثمار لتهيئة مناخ الاستثمار بالسوق المصري، مشيرا إلى إمكانية الاستفادة من مكاتب التمثيل التجاري المصري للترويج للفرص التجارية الاستثمارية المتاحة لمجتمعي الأعمال المصري والبريطاني، خاصة بأسواق الدول الأفريقية.
وأكد الوزير أن الاقتصاد المصري قد استعاد عافيته كأحد أهم الاقتصادات المحورية بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وأن تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل يدعمه إرادة سياسية وشعبية قوية، جعل من مصر واحدة من أهم الاقتصادات الناشئة على المستويين الإقليمي والدولي.
ونوه نصار بأن هناك فرصا ضخمة أمام مجتمع الأعمال البريطاني للاستثمار في السوق المصرية، خاصة في مجالات المشروعات المتوسطة والكبيرة، مشيرا إلى إمكانية استخدام السوق المصرية كمحور لإنتاج وتصدير المنتجات البريطانية بالأسواق الإقليمية والعالمية. وقال إن خطة عمل الوزارة تركز حاليا على أسواق دول غرب أفريقيا للاستفادة من الفرص التصديرية الضخمة المتاحة بأسواق هذه الدول... مشيرا إلى أن أسواق دول شرق أفريقيا الواقعة في نطاق اتفاقية الكوميسا تعد من الأسواق المحورية للصادرات المصرية بالقارة، كما أن هناك فرصاً كبيرة لزيادة الصادرات المصرية لأسواق سوريا والعراق، خاصة في ظل مشروعات إعادة الإعمار الحالية.
وأوضح نصار أن وزارة التجارة والصناعة تسعى لزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجهة للقطاعات كثيفة العمالة في مجال الصناعة والخدمات، منوها بأهمية التفاوض بين الحكومتين المصرية والبريطانية فيما يتعلق بتحرير التجارة في الخدمات، بما يسهم في بدء استثمارات جديدة في مجالات النقل والتوزيع واللوجيستيات. وقال إن حجم التبادل التجاري بين مصر والمملكة المتحدة بلغ خلال النصف الأول من العام الحالي مليارا و329 مليون دولار، كما بلغت الاستثمارات البريطانية في مصر نحو 5.6 مليار دولار في عدد 1450 مشروعاً في مجالات الصناعة والخدمات والإنشاءات والسياحة والتمويل والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وكان دونالدسون استهل زيارته ببيان قال فيه إن مصر تعد بيئة جاذبة للمستثمرين والمصدرين البريطانيين في نطاق واسع من القطاعات. موضحا أن زيارته ستركز على مقترحات محددة في التعليم، وكذلك في الرعاية الصحية والبنية التحتية، لدعم التنمية في مصر. وشدد على أن بلاده تؤمن بأنه «عندما تزدهر مصر نزدهر جميعا، ولهذا السبب نريد أن نفتح الطريق لشراكات جديدة مع الشركات المصرية في القطاعات التي تستثمر في رأس المال البشري».
وذكّر دونالدسون أن بلاده ما زالت الشريك التجاري الأول لمصر، بنسبة 41 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية في عام 2017، مجدداً الترحيب بالإصلاحات الاقتصادية، وقال إننا «نرى نجاحاً ومؤشرات إيجابية، ولا يزال هناك الكثير، ولكن ما يحدث يساعد في تقليل البطالة وجذب الاستثمارات».
كما أشار دونالدسون في مؤتمر صحافي لدى وصوله أول من أمس، إلى زيادة أعداد السائحين البريطانيين إلى مصر خلال الفترة الحالية، وقال: «نرى زيادة في عدد الطائرات من بريطانيا إلى مصر، وهناك 50 رحلة أسبوعية لكل من القاهرة والغردقة ومرسى علم والأقصر وأسوان».
وكان المبعوث التجاري البريطاني قد وصل إلى القاهرة مساء الاثنين على رأس أكبر وفد أجنبي يشارك في مؤتمر مصر للابتكار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2018 الذي يركز على تكنولوجيا التعليم.


مقالات ذات صلة

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.